مـــــــــوران*
" للنسنس لا أحد يشبهك "
الظلام ايضا سببَ في ارتجافي ..
القذائف تأتي من السماء كالمطر .
المكان لايعرف الهدوء .. الدخان يحجب عني الرؤية .
احدى القذائف سقطت بالقرب منا .
تحركنا الى الامام بدبابتنا , تركت ماسورة الدبابة مصوبة الى الخلف .
توقفنا خلف عربة محترقة بما فيها . التفت نحوي سائق الدبابة .. صاح منفعلاً :
ـــ أدر مدفعك الى الامام .
كنتُ أنظر اليه في هلع .
صرخة .. صوته بقى في فلك غرفة الدبابه : ألا ترى .. عربة العدو أمامنا .
" العدو .. اي عدو "
قلت هالعا :
ــ لا أقدر .. أنا خائف .
ــ جباااا ن ! .
حدق بي بقسوة .. لم تكن اكثر قساوة من الحرب . تراخت عيناه . وتراخى صوته :
ــ أيها المجند .. امرك بترك مكانك .
صوته الهادئ الواطئ لايناسب هذا المكان العنيف الا إنساني .
تركت مكاني على الفور لقائاً بالحياة .. وكان ينتظره الموت .
رحت أركض .. أنا أركض .. وقلبي يركض , كل من حولي يركض .
تعثرت كثيراً بالجثت والجرحى .
السماء لم تتوقف من اسقاط قذائفها .
أحدهم ناداني , مجند بترت ساقه ويده اليسرى :
ــ ساعدني .
ــ ماذا أفعل ؟!
ــ أقتلني ؟!
ــ لا أقدر .
ــ أعطني سلاحا .
ــ لا أستطع .
ــ جباااا ن .
تركته , وصوته الاليم يلاحقني . أيتها الحرب ماذا فعلت بنا . لم جعلت منا قساه ووحوشاً.
توقفت عن الركض ومازال صدري وقلبي يركضان .
بعثرت عيني في ذعر حول المكان . لقد دُمر المعسكر تماماً . الجثت والأشلاء في كل مكان والحرائق تلتهم كل شي دون رحمة .
توقفت السماء عن انزال قنابلها .
صرخت بجنون :
ــ لاااااا .... !
تلاشت الصرخة في المكان .
ــ مازلت هنا !
نظرت اليه ببلاهة .. جندي لا أعرفه .
قال ايضا :
ــ اهرب . إنهم يقتحمون المعسكر بأعداد كبيرة كالجراد .
هززت رأسي بالنفي .
ــ سيقتلونك .
ــ لا أقدر .
ــ هل تظن نفسك بطلااااً ؟!
صرخت به :
ــ قدماي مجمدتان .. لا أقدر على الركض .. أنا خائف .
تركني .
أحاطت بي عربات مجنزرة عدة . وجنود ليس من معسكرنا .. تقدم أحدهم .
سقطت على ركبتيًً ورحت أبكي .
قال بصوت متقطع وحازم :
لاتبكِ ..
لن نؤديك ...
ستعود غداً إلى بيتك .
* مقطع من قصة طويلة
بنفس الاسم