أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 8 من 8

الموضوع: ميَّادة و عمي و أنا

  1. #1
    الصورة الرمزية نزار ب. الزين أديب
    تاريخ التسجيل : Mar 2005
    الدولة : Anaheim,California,USA
    العمر : 92
    المشاركات : 1,930
    المواضيع : 270
    الردود : 1930
    المعدل اليومي : 0.28

    افتراضي ميَّادة و عمي و أنا

    ميَّادة و عمي و أنا
    قصة قصيرة بقلم : نزار ب. الزين*

    --------------------------------




    حدثني صديقي مأمون في معرض تبريره لما حصل ، فقال :

    أنه أحبها من كل قلبه ، و ربط مستقبله بحبها ،

    و أنها أحبته من كل قلبها و ربطت مستقبلها بحبه ،

    لم يتخيلا يوما أن أمرا مهما عظم ، قادر على أن يفرق بينهما ..

    عندما كان يشتاق إليها ، كان يحوم حول منزلها إلى أن تظهر على شرفته ،

    و بلغة الإشارات كانا يتواعدان للقاء في حديقة الحي المجاور ، العامة ؛ حيث التقيا أول مرة ...

    ليتبادلا لواعج الهوى ... و يرسما خطوط مستقبلهما معا ....



    *****

    قصتهما حتى اللحظة ليس فيها جديد ...

    آلاف الأحبة يتبادلون لواعج الهوى كل يوم منذ الأزل و حتى الأزل ؛

    قصتهما بدأت منذ انقطاعها عن لقائه ؟!

    شغل باله انقطاعها ...

    أقلقه ...

    أرَّق منامه و أمضَّ كيانه ...

    ظنها مريضة ،

    و ظن أن أحدا ربما شاهدهما في الحديقة معا فأبلغ أهلها ،

    و ظن .. و ظن.. و ظن ..

    كان يحوم حول منزلها كالمختل عقليا ، ثم يعود ليحوم حول منزلها من جديد ،

    و عيناه شاخصتان نحو شرفتها ، و كذلك قلبه و جميع جوارحه ..

    كاد يفقد سيطرته على نفسه مرارا ،

    ففكر تكرارا أن يصعد إليها ،

    أن يقرع بابها ..

    أن يسأل عنها..

    و لكن بأية صفة ؟ كان يتساءل ، بينما كان يتجرع آلام الفراق و الأفكار السوداء..

    و في يوم ثالث أو رابع ، تقدمت منه طفلة ؛ سألته : " حضرتك مأمون ؟ "

    و إذ تأكدت ناولته وريقة ،كتبت عليها بأناملها العاجية سطرا واحدا كاد يذهب بعقله و اتزانه :

    << لقد تمت خطبتي ، و لم أعد أتمكن من مقابلتك ، حاولت الرفض فكان نصيبي ( علقة ساخنة ) ، >>



    *****

    اشتعلت نار الغيرة في رأسه ،

    و نار الخيبة و المرارة واليأس ،

    و نار النخوة أيضا ..

    شعر أنه مستعد ليقاتل الدنيا ليدفع عنها شر ( العلقات ) ما بارد منها و ما سخن ..

    و لكن بأية صفة ؟!

    لم يجرؤ على مفاتحة أهله حول طلب يدها ، إذ لازل طالبا في الثانوية العامة ، و بينه و بين تكوين نفسه بضع سنوات أخرى ..

    و رويدا رويدا بدأ يرضخ للأمر الواقع ،

    و لكن ...

    ذات يوم دُعي إلى حفل زواج عمه الكبير ...

    و هناك كانت المفاجأة الصاعقة ....

    كانت حبيبته ( ميادة ) بشحمها و لحمها ، هي عروس عمه !!!!

    كاد يصرخ : << هذه حبيبتي أنا >> ..

    كاد ينهض فيختطفها من بين يديه ...

    و لكنه آثر الإنسحاب كسير الخاطر ..

    فالرجل عمّه الكبير الذي يحبه و يجله ..

    فكف عن أفكاره الحمقاء ،

    ثم تسلل من بين الجموع و عاد إلى داره خائبا و قد اسودت الدنيا في عينيه ...

    لمحته و هو ينصرف

    فاشتعل وجهها فجأة ، و اغرورقت عيناها .

    *****

    و مضت الأيام و بدأ مأمون يسلو قليلا ..

    واجباته المدرسية ألهته ...

    بل كان يسعى إلى واجبات إضافية طوعية ، كي يزداد غرقا في السلوان ..

    لولا ان والدته – سامحها الله – أرسلته ، ليدعوها إلى عيد ميلاد شقيقته الصغرى ..

    تمنع بداية ، إلا أن حججه كانت واهية ، فاصرت والدته ، و لم يهن عليهَ إغضابها ..



    *****

    - مأمون ؟!!

    همست ، و قد عقدت الدهشة لسانها ...

    و عقدت رؤيتها لسانه ،

    كان وجهها يطفح نورا ...

    كانت عيناها تشتعل ودا و حبا ...

    فاحتار كيف يبدأ ..

    << كل ذرة في كياني تهفو لضمك بين ذراعي ، يا ميادة >> قالها في سره ..

    و كأنها فهمت الرسالة بالايحاء فأجابت هامسة ، و لكن إلى ذاتها أيضا : ..

    <<و أنا كذلك ، كل خلية من جسدي تهفو – اللحظة - للإتحاد بكل خلية من جسدك ، يا مأمون >> أسرت إلى ذاتها ، ثم أضافت بسرها كذلك :

    << ليتني أستطيع أن أدعوك للدخول ، و لكن جدارا صلدا يحول بيني و بينك يا مأمون .. >> ثم اضافت بنبرة مرتعشة :

    - أنا آسفة .. يا مأمون .. لن أتمكن... من... دعوتك للدخول ...

    يطرق رأسه ...

    يمنع – بعد لأي – دمعة أرادت نقل مشاعره ..

    يعجز عن الإجابة ، فيكتفي بهز رأسه علامة إداركه ما عنته ؛

    ظلت تنظر إلى عينيه طويلا ..

    و استمر يحدج عينيها طويلا ....

    ثم نطق متلجلجا :

    - ماما أرسلتني أدعوك ..

    و لكنه قطع العبارة ليفاجئها بسؤاله :

    - هل أنت سعيدة ؟

    أطرقت برأسها ..

    صمتت فترة ليست بقصيرة ..

    ثم رفعت رأسها و قد ابتلت وجنتاها ، ثم أجابت :

    - أنت تعلم أنني كنت مرغمة ...

    << لم أكن أكثر من سلعة حان وقت التخلص منها قبل أن تبور >> همست ذاتها لذاتها ، ثم أضافت ساخرة << لم أكن أكثر من خروف تم تسمينه و علفه و تدليله ، استعدادا لذبحه في العيد الكبير..>>

    ثم أضافت بصوت هامس و لكنه مسموع :

    - لا ، لست سعيدة

    أنت تعلم أنه يكبرني بربع قرن على الأقل ..

    بالضبط هو من جيل والدي ...

    و قد ألغى لغة العواطف من قاموسه ...

    و بالنسبة إليه لست أكثر من خادمة في منزله أو ممرضة تراعي أوقات أدوائه ...

    للسكري و الضغط و الروماتيزم

    و لكنه إنسان لطيف و كريم ، و دماثة خلقه تمنعني من التذمر أو الشكوى ..

    أطرقت قليلا برأسها ثم أضافت :

    - و ليس لي أي أمل بالانجاب منه ...

    لم تسعفه فصاحته أن يعزيها بكلمة ،

    لم يتمكن من التعبير عن حزنه الشديد إلا بعبارة : " كم أنا آسف يا ميادة "

    ثم فجأة طرحت عليه السؤال التالي :

    - إذا طلبت منه الطلاق ، هل أنت على استعداد للزواج مني ؟؟ ! و بالأحرى هل لا زلت على حبك مقيماً ؟

    أربكته – حقيقةً – بسؤالها المفاجئ الجريء هذا ،

    تلعثم كثيرا قبل أن يجيبها :

    - إنه عمي يا ميادة ، عمي الذي أحب و أجل ، فلا أقوى على إيذائه و الإساءة إليه ..

    فأجابته بكل جدية و واقعية :

    - ماذا يضيره إذا تزوجتني بعد طلاقي منه ؟؟

    ثم أضافت هامسة و قد أطرقت برأسها خجلا :

    و لعلمك فأنا لا زلت عذراء !!..

    *****

    ثم أضاف صديقي مأمون :

    أنه غادرها وهو مثقل بهم جديد ..

    و اضطراب جديد ..

    و حيرة جديدة ..

    إلا أنه لم يحاول مقابلتها ثانية ..

    *****

    و بعد بضعة شهور أخرى ، علم أن الطلاق قد تم ..

    و أن عمه كان متفهما و تعامل مع الموضوع في غاية الرقي ..

    مما شجع صديقي مأمون على مصارحته !

    فكان وسيطه لتدبير مصدر رزق جيد يسمح له بزواجه و استمرار دراسته ..

    ثم كان بنفسه وسيطه لدى والديه و اقناعهما بزواجه من ميادة..

    ثم نأى عنهما ...

    و اختتم صديقي مأمون قائلا :

    تلك كانت قصتي

    أنا و عمي و ميّادة

    و كما ترى لم أسرقها منه ...

    و لم يكن في الأمر خيانة كما يشاع .....

    ----------------------------------------
    * نزار بهاء الدين الزين

    مغترب في الولايات المتحدة الأمريكية من أصل سوري

    الموقع : www.FreeArabi.com

    البريد : nizarzain@adelphia.net

  2. #2
    أديبة
    تاريخ التسجيل : Jul 2003
    المشاركات : 5,436
    المواضيع : 115
    الردود : 5436
    المعدل اليومي : 0.72

    افتراضي بسم الله الرحمن الرحيم

    أخي الفاضل

    قد قمت بنشر هذه قبلا ، و يبدو أنك نسيت ذلك ، فهل تحب أن أحذف النسخة الجديدة ؟

    https://www.rabitat-alwaha.net/molta...ead.php?t=7228

    تحيتي إليك .

  3. #3

  4. #4
    الصورة الرمزية عدنان أحمد البحيصي شهيد العدوان على غزة 2008/12/27
    تاريخ التسجيل : Feb 2003
    الدولة : بلد الرباط (فلسطين)
    العمر : 41
    المشاركات : 6,717
    المواضيع : 686
    الردود : 6717
    المعدل اليومي : 0.87

    افتراضي

    أخي الأستاذ المبدع

    حقيقة قصة وفاء نادرة

    شكرا لك وشكرا للعم الذي تفهم الموضوع وكان أباً لمشاعر كليهما


    أظن أنني سأقف دائما عند مكنونات إبداعك
    وبانتظار المزيد
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  5. #5
    الصورة الرمزية نزار ب. الزين أديب
    تاريخ التسجيل : Mar 2005
    الدولة : Anaheim,California,USA
    العمر : 92
    المشاركات : 1,930
    المواضيع : 270
    الردود : 1930
    المعدل اليومي : 0.28

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عدنان الاسلام
    أخي الأستاذ المبدع
    حقيقة قصة وفاء نادرة
    شكرا لك وشكرا للعم الذي تفهم الموضوع وكان أباً لمشاعر كليهما
    أظن أنني سأقف دائما عند مكنونات إبداعك
    وبانتظار المزيد
    ---------------------------
    أخي عدنان الإسلام
    بالفعل هي قصة وفاء نادرة ، و نبل المشاعر و قمة العقلانية اللذان تحلى بهما العم .
    شكرا لمرورك و إطرائك الدافئ
    مودتي و احترامي
    نزار ب. الزين

  6. #6

  7. #7
    في ذمة الله
    تاريخ التسجيل : Sep 2005
    المشاركات : 3,415
    المواضيع : 107
    الردود : 3415
    المعدل اليومي : 0.50

    افتراضي

    تحية إجلال وتقدير لتلك المشاعر التي إستبان معدنها في لحظات حاسمة من كليهما " العم وأبن الأخ "
    وخالص التحايا والتقدير لمداد من تبر خالص الذهب ...
    لأستاذي الفاضل ـ نزار بهاء الدين

  8. #8
    الصورة الرمزية نزار ب. الزين أديب
    تاريخ التسجيل : Mar 2005
    الدولة : Anaheim,California,USA
    العمر : 92
    المشاركات : 1,930
    المواضيع : 270
    الردود : 1930
    المعدل اليومي : 0.28

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حنين عمر
    اعجبتني قصة حضرتك جدا في زمن الا وفاء والا محبة
    شكرا لابداعك
    ------------------------
    و شكرا لحروفك الدافئة يا حنين
    بالمناسبة اسم حفيدتي الصغرى حنين
    دمت بخير
    نزار ب. الزين

المواضيع المتشابهه

  1. ميادة أشرف
    بواسطة هشام النجار في المنتدى الحِوَارُ السِّيَاسِيُّ العَرَبِيُّ
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 17-04-2014, 02:11 AM
  2. وللعراق بني عمي مهابته - عبدالرزاق عبدالواحد
    بواسطة عادل العاني في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 27
    آخر مشاركة: 12-06-2006, 01:01 PM
  3. أنا و عمي و ميّادة
    بواسطة نزار ب. الزين في المنتدى القِصَّةُ وَالمَسْرَحِيَّةُ
    مشاركات: 8
    آخر مشاركة: 10-06-2006, 11:37 PM
  4. رحبوا معي .... بالشاعرة الرائعة .... ميادة العاني
    بواسطة خليل حلاوجي في المنتدى الروَاقُ
    مشاركات: 18
    آخر مشاركة: 23-02-2006, 01:43 AM
  5. قصتي مع بنات عمي (طرح للنقاش)
    بواسطة عدنان أحمد البحيصي في المنتدى مُنتَدَى الشَّهِيدِ عَدْنَان البحَيصٍي
    مشاركات: 10
    آخر مشاركة: 16-11-2005, 03:30 PM