ذنوب في قفص الاعتراف

أُكَحِّلُ بِانكِسَار الوَقتِ رِمشِي
أُوَافِقُهُ بِإِيمَائِي وَرَعشِي
وَأَمحُو مِن مَرَايَا الصَّمت وَجهي
وَأُعمِلُ فِي بَنَاتِ الفِكرِ بَطشِي
وَأُفرِغُ فِي خَوَاءِ السَّطرِ بَوحِي
وَأَملَأ مِن فُتَاتِ الجوع كِرشِي
أُفَتِّشُ عَنْ عَنَاوِينِي.. وزادي
وَبَاءٌ يَشتَكِي مِنهُ التَّفَشِّي
وَأسمَاءٌ تَسِيرُ أَمَامَ خَطوِي
وَأَشلَاءٌ تُهَاجِر خَلفَ نَعشِي
وَذَاكِرتي التي أَحرَقتُ فِيهَا
حِكَايَاتٍ تَلُوحُ بِثَوبِ فُحشِ
وَغُربَةُ هَاجِسٍ وَشَتَاتُ فِكرٍ
يُضَمِّدُني وَفَوقَ الجُرحِ أَمشِي
بَقَايَاي التِي آوي إلَيهَا
أُبَعثِرُهَا .. فَمَن يَسطِيعُ عَفشِي
هُنَا وَطَنٌ تَمَلمَلَ فِيهِ نَبضِي
فَلَاحَ اليَومَ مُنقَادًا لِ (عُكْشِي)
تَبَرَّأَتِ الحضَارَةُ مِنهُ حَتَّى
بَدَا كَاللَحدِ لا يُؤْذَى بِنَبْشِ
بِلَادٌ لَمْ يَعُدْ لِي فِي أسَاهَا
سوَى السِّر الذِي أَطوِي وَتُفشِي
أَضَاعَتْ عِفَّةَ التَّارِيخِ جَهلًا
وَأَهْدَتْهَا لِعِربِيدٍ وَوَحشِ
تَبَدَّلَ حُسْنُهَا بَعدَ اغْتِرَابِي
فَصَارَ دَمَامَةً تَحتَلُّ رِمشِي
تَرَكتُ اسْمِي هُنَاكَ فَأَنكَرَتنِي
طَلَاسِمُهَا التِي احتَرَقَتْ كَنَقْشِي
هَجَرتُ العَيشَ فِيها دُونَ وَعيٍ
لِأرضٍ عَزَّ فِيهَا اليَوم عَيْشِي
سَرَادِيبِي عَلَيهَا الليلُ يُلقِي
عَبَاءَتَهُ وَنَزفِي صَارَ فَرشِي
وَأَمْوَاجٌ تُعَابِثُنِي فَأَمْضِي
بِعهْنِي فِي بَرَاثِنِهَا وَنَفْشِي
مَضَيتُ أُلَمْلِمُ الأَوْهَامَ فِيهَا
أداري سَوْءَتِي بِثُقُوبِ خَيشِي
أُطَالِبُ بِالقِصَاصِ مِن الثَوَانِي
فَتَجْحَدُنِي وَتَأْخُذُ نِصفَ أَرْشِي
وأدت دَقَائِقِي فِيهَا فَعاثت
بمزق مَشَاعِري في بور نَجْشِي
أَأَرحلُ؟ .. والرَّحِيلُ غَدَا مَصِيرِي
وَأَذْبَحُ مُهْجَتِي لِفِدَاءِ كَبْشِي؟!
أَأَدفِنُ ذِكرَيَاتٍ أَيقَظَتْني
عَلَى الحُبِّ الذِي أَضنَاهُ طَيشِي؟!
سَتُوغِلُ فِي مُطُارَدَتِي اللَّيَالِي
كَأَنَّ الفَجْرَ أَوصَاهَا بِنَهْشِي
وَأَنْتَظُر الصَّبَاحَ رَجَاءَ وَهجٍ
فَيُفسِدُنِي وَأَحسبُ فِيهِ غَبْشِي
أُنَادِي .. لَا مُجِيبَ سوى التَّغَابِي
يُؤَطِّرُنِي بِرَفضِي أَو بِدَعْشِي
وَفِي قَومِي أَلُوحُ بِعُقمِ نُصحِي
كَزِريَابٍ يُدَندِنُ بين طُرْشِ
أحاول أَن أَخُوضَ دُجَى الفَيَافِي
وَأَعْبُرُهَا بِزَحفِي دُونَ خَدْشِ
معيني فِي الطَّريقِ جُنُونُ حرفي
وَسَيفِي فِي الوَغَى عُجْبِي وَبِشِّي
تَرَكتُ سُدًى نَفِيسَ العُمرِ يَمْضِي
لِأَجمع جَاهِدًا من كُلِّ قَمْشِ
أُبَدِّلُ غُربَتي بِطَوَى فُؤَادي
وأبتاع احتِرَاقَ غَدِي بقِرْشِي
زَرَعْتُ الوَهمَ فِي حُلُمٍ تَهَاوَى
وَفَوقَ الأُمْنِيَاتِ أَقَمْتُ عَرشِي
كَأنِّي طَاهِش الحَوبَانِ.. حَرفِي
مَفَازَاتِي وَقَولُ الشِّعرِ طَهْشِي
أَرَى كُلَّ الطُيُورِ اليَومَ آبَتْ
لِمَوطِنِهَا .. فَهَلْ أَلقَاكَ عُشِّي؟؟