أحدث المشاركات

بكاء على الاطلال» بقلم أحمد بن محمد عطية » آخر مشاركة: أحمد بن محمد عطية »»»»» مصير الكوكب على متن الشراع الشمسي» بقلم إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» قراءة فى بحث تجربة ميلغرام: التجربة التي صدمت العالم» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» وذُلّت الأعناق مقتطف من رواية قنابل الثقوب السوداء...» بقلم إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح » آخر مشاركة: إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح »»»»» الفصل الثاني من رواية وتستمر الحياة بين يأس و تفاؤل الأم الجريحة» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» و تستمر الحياة بين يأس و تفاؤل الفصل الأول من الرواية بقلم بوشعيب» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» قراءة في بحث أمور قد لا تعرفها عن مستعمرة "إيلون موسك" المستقبلية» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» نعم القائد» بقلم عطية حسين » آخر مشاركة: احمد المعطي »»»»» قراءة في مقال يأجوج و مأجوج ... و حرب العوالم» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: بوشعيب محمد »»»»» الطفل المشاكس بقلمي» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: بوشعيب محمد »»»»»

صفحة 2 من 4 الأولىالأولى 1234 الأخيرةالأخيرة
النتائج 11 إلى 20 من 32

الموضوع: دورة أسطوانة

  1. #11
    الصورة الرمزية بشار عبد الهادي العاني شاعر
    تاريخ التسجيل : Aug 2011
    الدولة : تركيا
    المشاركات : 2,723
    المواضيع : 133
    الردود : 2723
    المعدل اليومي : 0.59

    افتراضي

    السفر كان يعني له الإنتظار , النوم والاستيقاظ مرات عديدة , وأضواء برتقالية وحمراء في الحافلة الصاخبة , وأصوات كلثومية يرافقها التصفيق والإعجاب , ودخان التبغ الكثيف المنبعث من أفواه رجال يقتلهم الملل والوجوم .
    رغم أن الصبح كان جميلاً مع ما يحمله من نور وسكون , و بصيص مشارف بلدته البعيدة , وأفواج المستقبلين , وقبلات المشتاقين , لكنه ما يزال يمقت ساعات الوصول .
    القدر سيسطر في دفاتره بعناد : ستظل مسافراً ما حييت , من شمال الأرض إلى جنوبها , تجتر الساعات وتلتحف الحنين , وتحدق باحثاً عن سراب الأهل والصحب.
    يا ترى هل سيعود الصبح يوماً بنور وسكون؟؟

  2. #12
    الصورة الرمزية بشار عبد الهادي العاني شاعر
    تاريخ التسجيل : Aug 2011
    الدولة : تركيا
    المشاركات : 2,723
    المواضيع : 133
    الردود : 2723
    المعدل اليومي : 0.59

    افتراضي

    عيد الأضحى , والوليمة المنتظرة , يقوم كل فرع من فروع العائلة بتجهيز وليمة كبيرة للباقي وفق تسلسل ودور , يحدده عمر وترتيب الإخوة في أصل مشجرة النسب , ويرافق ذلك جمع النقود لصندوق العائلة , وذلك بدفع مبلغ سنوي عن كل ذكر في العائلة , صغيراً كان أم كبيرا, وتظل تلك المبالغ في الصندوق لتصرف فيما بعد على مناسبات الأحزان والأفراح , أو لمحتاجي الأسرة.
    الخرفان المشوية والموضوعة على صحون النحاس الكبيرة الدائرية , وقد جللت الرز الأبيض وخبز التنور المنقوع بالمرق المبالغ بسمنه وبمكسراته, وسطول الخاثر أو ما يسمى بالشنينة التي ترافق هذه القدور.
    الصغير ينظر باستغراب لهذا الجمع , وقد اهترأ خده الوردي من القبل , ويحاول أن يعد الموجودين , ولكنه يفشل كل مرة , فكل هؤلاء إما أعمامه أو أولادهم , أو أحفادهم.
    - هل كل اولئك أعمامي؟
    - نعم , والكثير منهم لم يحضر لأعذار مختلفة.
    - الحمد لله , ضاق صدري من السلام والقبل
    - عيب يا ولد , إنهم يقبلونك حباً وترحيباً
    - ما المناسبة في هذا الإجتماع؟
    - إنه عيد الأضحى يا بني , والناس تجتمع يوم العيد للتواصل والتزاور
    - أهو كعيد الميلاد , والبشارة؟
    - اخفض صوتك , لا تفضحنا , تلك الأعياد في مدرستك فقط , وهي ليست بأعيادنا.
    - الجو هنا حار , ورائحة اللحم تقتلني , متى سنرجع إلى بلدنا.
    - هذا بلدك , واولئك أهلك , إك تنتمي إلى هذه البقعة من الأرض.
    مازال مفهوم الإنتماء كتابع بياني , يصل في بعض فترات الحياة إلى نقطة الذروة , ثم ينخفض بشكل عشوائي ,حتى ينتهي بنقطة, هي نقطة الفشل والإنكسار , يعتمد في ذلك على السن والتجربة والمعتقد والمنهج .( بعد أن شابت الذوائب أدرك أخيراً ماهية الإنتماء)

  3. #13
    الصورة الرمزية بشار عبد الهادي العاني شاعر
    تاريخ التسجيل : Aug 2011
    الدولة : تركيا
    المشاركات : 2,723
    المواضيع : 133
    الردود : 2723
    المعدل اليومي : 0.59

    افتراضي

    يحدث الأب:
    ( النخلة المعمرة الشاهقة من فسيلة الخستاوية , هو الشيئ الوحيد الذي اصطحبه جدنا معه , من مدينة عانة , ليغرسها فيما بعد في بيته .
    اليوم وبعد مضي أكثر من مائة عام , ينتصب الكثير من أبناء هذه الفسيلة بشموخ وإباء , في بيوت الأولاد والأحفاد , مذكرة بقصة حب وهجرة).
    اليوم هو موعد جني ثمارها, والطقس مقدس , الأبناء مجتمعون مع أولادهم في ساحة البيت الكبير المترامي الأطراف ذي القناطر القوطية , التي لا يعرف أحد عن ماهيتها وكيف ومتى عمرت.
    يلف أحد الشباب حبلاً , حول خصره وحول جذع النخلة , ويتسلقها ببطء متجاوزاً جذعها المتدرج الطويل , عندما يصل إلى الشماريخ العالية , يثبت نفسه بمهارة واحترافية ويبدأ بقص العناقيد.
    تحلق الجميع حول الجد, الذي افترش الأرض , وأخرج صندوقه الفضي الصغير حيث يحتفظ بالتبغ المحلي , ينظر إلى الأعلى , غطاء رأسه البرتقالي وعقاله الأسود , والذي كان يشترى له خصيصاً من الموصل, لحيته البيضاء الكثيفة , وعيونه الواسعة الطيبة , ولسانه اللاهج دوماً بالأدعية والصلوات, كل مافيه مهيب جليل .
    - هات التمر , يخاطب أحدهم بلهجة حنونة
    الجميع يتسابق لهذه المكرمة , ويفوز أحدهم فرحاً بتلبية الطلب .
    يجلس الجد ويهمهم بكلمات غير مفهومة هامساً لحبات التمر
    - هل جدي مجنون؟
    - اخرس يا ولد
    - اذاً , لماذا يتكلم مع حبات التمر؟
    - إنه يناجيها , فبينهما الكثير من الأسرار, والصحبة والعمر
    بعد عشر سنين , مات الجد , ولم تفلح كل محاولات أحفاده من الخبراء والمهندسين الزراعيين والحكماء ,بإقناع تلك النخلة أن تثمر تمراً كبيراً يانعاً كما كانت تفعل , فاكتفت العائلة بما ينتجه أولادها من الفسيلات الصغيرة , واقتلعت فيما بعد ليحل مكانها قواعد الأسمنت في البناء الجديد.

  4. #14
    الصورة الرمزية مازن لبابيدي شاعر
    هيئة تحرير المجلة

    تاريخ التسجيل : Mar 2008
    الدولة : أبو ظبي
    العمر : 64
    المشاركات : 8,888
    المواضيع : 157
    الردود : 8888
    المعدل اليومي : 1.52

    افتراضي

    متعب أنا اليوم
    بدأت في قراءة هذه الفقرات؛ والذي شدني إليها اسم الكاتب وغرابة العنوان.
    أدركت سريعا أنها كنز يستحق أن أغرف منه؛ وأنا بحال غير هذا.

    سأعود يا بشار، إن شاء الله
    يا شام إني والأقدار مبرمة /// ما لي سواك قبيل الموت منقلب

  5. #15
    الصورة الرمزية بشار عبد الهادي العاني شاعر
    تاريخ التسجيل : Aug 2011
    الدولة : تركيا
    المشاركات : 2,723
    المواضيع : 133
    الردود : 2723
    المعدل اليومي : 0.59

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مازن لبابيدي مشاهدة المشاركة
    متعب أنا اليوم
    بدأت في قراءة هذه الفقرات؛ والذي شدني إليها اسم الكاتب وغرابة العنوان.
    أدركت سريعا أنها كنز يستحق أن أغرف منه؛ وأنا بحال غير هذا.

    سأعود يا بشار، إن شاء الله
    حللت أهلاً ووطأت سهلاً أستاذي الغالي ( ما شاف قلبك شر ولاتعب)
    يشرفني ولوجك بين هذه الكلمات المتعبات وأنت بكامل الصحة والعافية والألق.
    محبتي وتقديري...

  6. #16
    الصورة الرمزية بشار عبد الهادي العاني شاعر
    تاريخ التسجيل : Aug 2011
    الدولة : تركيا
    المشاركات : 2,723
    المواضيع : 133
    الردود : 2723
    المعدل اليومي : 0.59

    افتراضي

    البيت المسكون بالأشباح , وحكايات الجيران وشهود العيان , والحادثة التي حصلت مع أمه , كل هذه الأمور لم تنقص من حبه لهذا البيت الريفي الجميل ذي الحدائق الواسعة والغرف المتجاورة , جدرانه البيضاء , وأبوابه الخضراء, كانت من أجمل اللوحات التشكيلية التي ارتسمت في ذهنه وذاكرته.
    في هذا البيت تعلم الكثير!
    كانت تجلس معه في الصباح ترتشف (المته) , وتهمس له بحنان: إياك أن تصدر أي صوت أو حركة, لقد وضعنا الطعم , وجهزنا المصيدة.
    كانت المصيدة عبارة عن خيط رفيع معقود من طرفه , وقد فتح بشكل حلقة دائرية , تستطيع بسهولة أن تحكم إغلاق هذه الدائرة , بمجرد سحبك طرف الخيط من النهاية الأخرى.
    بعد دقائق قليلة وسط دهشة الطفل الصغير , سحبت الخيط ببراعة , لتقبض على قدم العصفور الصغير , الذي حاول الفرار , لكنه لم يستطيع أن يحلق إلا بمسافة طول الخيط المعقود.
    أمسكت العصفور برقة وعناية , وصارت تربت على ريشه , كأنها تحاول طمأنته.
    - انظر ما أجمله , اربت عليه بخفة وحنان.
    الإبتسامة العريضة , وفرح طفولي عارم يجتاح كيانه , ونشوة انتصار وسعادة.
    - الآن يجب علينا أن نطلقه , كي يعود إلى عائلته وأولاده
    - لماذا؟ دعيه قليلاً كي نلعب معه
    - ربما تأخر عن عائلته , إنه يجمع الطعام لهم , ويجب عليه العودة كي يعتني بصغاره ,هذه الطيور تعشق الحرية , وإن تركناه فترة أطول , سيموت قهراً وحزنا, هيا ودعه وقبله
    كم هي جميلة أن تقبل مخلوقاً رائعاً , وترسم له أول إشارات الحرية , درس محفور في الذاكرة , لكنه سبب له الكثير من المتاعب في حياته , لأنه لم ولن يجامل بعد ذلك في مفهوم العبودية والحرية.

  7. #17
    الصورة الرمزية بشار عبد الهادي العاني شاعر
    تاريخ التسجيل : Aug 2011
    الدولة : تركيا
    المشاركات : 2,723
    المواضيع : 133
    الردود : 2723
    المعدل اليومي : 0.59

    افتراضي

    بكى بشدة , وبحرقة , هو لا يريد الإنتقال مع أهله إلى المدينة.
    لم تفلح تبريرات الأب والأم , ولا كميات الحلوى المستوردة الكثيرة , ولا إغراء الورقة النقدية الجديدة من فئة الخمس ليرات
    هو يريد البقاء مع جيرانه , مع من يحبهم , مع ريفه الجميل.
    نظر إلى الحنونة والحنون , كانا يبكيان لبكائه , وكأن كل دمعة يذرفها , تنهال في صدرهما رماحاً ومدى .
    رغم جمال المدينة وطيبة أهلها وكثرة أشجارها , ونظافة الحي و شارعه , وبعده عن المركز المزدحم , إلا أنه أحس بغربة تخنقه ,بمرارة تعصره.
    قضى ليلته الأولى وكأنها قرن مظلم , لم تأت العمة كعادتها بعد الفجر, لتأخذه عندها كي تشرب (المته) , فقد كان هو سكرها , كما كانت تقول له.
    لم يصطبح بضحكات العم وعناقه الحار كل صباح.
    وقف على النافذة حزيناً مترقباً , يراقب الناس وحركتهم , غير آبه بملابسهم ذات الألوان المختلفة , والتي لم يعتد على مشاهدتها هناك.
    عاد الوالد من عمله وقد جلب المزيد من الفاكهة والألعاب والحلوى , لكها لم تلفت انتباهه ,
    - قم لقد أحضرت غداءاً جاهزاً من السوق , إنها صحاف اللحم الذي تحب
    - لا أريد الطعام .
    فجأة , وبدون سابق إنذار يقفز الطفل فرحاً ونشوة , لقد سمع صوتاً يحبه كثيراً , إنه صوت الدراجة البخارية الكبيرة , التي لطالما أقلته في نزهات العاصي , وحقول التفاح.
    لم تخب آماله , صوت العم الحنون , يطرق الباب , يرتمي في أحضانه كالقط المتجمد برداُ
    - لا تؤاخذوني يا جماعة , لكن الزوجة لم تنم ولم تأكل شيئاً من الأمس , وهي في بكاء مستمر , إنها تريد أن تراه , اسمحوا لي أن آخذه معي وسأعيده إليكم بعد الغد.
    - اجلس الآن للغداء , ثم خذه معك , هو أيضاً لم يأكل شيئاً منذ البارحة.
    - لا, لا , الزوجة تنتظر.
    يضعه في حضنه على سدة الدراجة , ويغطي رأسه بشال دافئ, مقبلاً رأسه ,متوجهاً إلى مدينته الوادعة.
    شعور لا يوصف , هو الآن يشعر بالجوع , يشعر بحبه للحلوى , يريد أن يأخذ الورقة النقدية...
    ذات مساء في ليلة نقاش مع والده بعد سنين طوال , أخبره الوالد أمراً أبكاه وهيج فيه الحنين:
    - في ذلك اليوم يا بني جاء هذا الرجل ليأخذك , ولكنه عرض أيضاً , أن يتنازل عن كل أملاكه وأراضيه وبيوته لك , مقابل أن تعيش معه, وتكون ولده.
    - لماذا رفضت يا أبي , وكنت لا تملك المال.
    - أنت أغلى عندي من ذلك.
    في صيف عام 2000 الأب يتصل بولده على العمل , ليخبره أن ذلك العجوز الطيب قضى , وأنه أوصى بأن لا يدفن حتى يكون حبيبه حاضراً دفنه , رغم اختلاف الدين , وبعد المسافات والرؤى...

  8. #18
    الصورة الرمزية بشار عبد الهادي العاني شاعر
    تاريخ التسجيل : Aug 2011
    الدولة : تركيا
    المشاركات : 2,723
    المواضيع : 133
    الردود : 2723
    المعدل اليومي : 0.59

    افتراضي

    الشقراء الجميلة زرقاء العينين , محمرة الخدود , ذات الصوت الهامس الساحر .
    تشاء الأقدار , وقلة عقول بعض النسوة , أن تكون أخته بالرضاعة
    لم يكن يملك التفسير المناسب , لرغبته الدائمة في رؤية هذا الملاك الصغير, لكنه في حضرتها يقاوم البكاء والشراهة والطفولة, تستحضره الرجولة ويونع فيه الحنان.
    كان دائماً يراها أجمل زهرات الحقل , وأشهى تفاحة على الأغصان , ويقارن دائماً بين لون عينيها والسماء الصافية , بين خدودها وثمرات التوت البري, بين صوتها وحفيف الأشجار وخرير العاصي.
    بعد ثلاثين عاماً , يراها , يخفق قلبه لا إرادياً كالعادة , الزمن خلب بظفره تلك الخدود , بريق العيون خافت , الصوت حزين متقطع.
    - كيف حالك يا أختاه
    - بخير , أشتاق إليك على الدوام
    - كيف أنت؟
    - أعيش و....
    - هل تريدين حاجة من أخيك قبل رحيله؟
    - نعم , سمعت أنكم في العاصمة , تعرفون المسؤولين وتتواصلون معهم , هل يمكن أن تجد لي أحداً يستطيع مساعدتي , لكي أنقل عملي إلى هنا بالقرب من أولادي؟
    - سأفعل ما بوسعي
    ما أقسى أن يطلب منك القريب إلى القلب , طلباً , تعمل بجهد وسعادة لتحقيقه, ثم لا تستطيع تنفيذه إلا بعد فوات الأوان .
    تباً للوعد إن طال قضاؤه , وللفرحة إن أبطأت سويعاتها...

  9. #19
    الصورة الرمزية بشار عبد الهادي العاني شاعر
    تاريخ التسجيل : Aug 2011
    الدولة : تركيا
    المشاركات : 2,723
    المواضيع : 133
    الردود : 2723
    المعدل اليومي : 0.59

    افتراضي

    الصف الأول الإبتدائي , فرحة ما بعدها فرحة للوالدين الذي يدخل ولدههما الأول في المدرسة.
    النصائح تنهال كالمطر كما الأعطيات والقبلات والتشجيع , والوالد أقسم أن لا يذهب إلى عمله إلا بعد مشاهدة الطفل الصغير داخلاً لفناء المدرسة , لذا تمترس على سطح المنزل مع فنجان قهوته , وعلبة سجائره المارلبورو الحمراء , ترافقه الأم القلقة
    - لماذا علي الذهاب إلى المدرسة؟
    - لكي تتعلم وتصبح طبيباً , كما أريدك أن تكون
    - لكني أعرف القراءة والكتابة , وقد قمت لتوك باختباري , وقرأت لك عناوين الصحيفة , وجمعت لك , كم بلغ مصروف المنزل إلى الآن.
    - يا ولد , التعليم ليس قراءة وكتابة فحسب , ستتعلم الكثير في المدرسة إن شاء الله
    - لكني كنت أتعلم في الكنيسة
    - انتهى دور الكنيسة الآن , وصار دور المدرسة
    كان اليوم الأول مملاً , رغم هتاف الآنسة المعجبة بهذا الطفل وذكائه , ورغم أنه صار بطلاً قومياً في المدرسة منذ اليوم الأول , كونه يتقن القراءة والكتابة تماماً , بينما أقرانه , كانوا يتعلمون حروفهم الأولى.
    لا يزال يفكر في العاصي والبساتين والعليق البري وسكة القطار وحقول القمح والحنونة والحنون.
    بعد 12 عاماً امتلك الشجاعة وقال لأبيه : لا أريد أ أصبح طبيباً
    - لكنك يا بني طالب متفوق , وتستطيع أن تفعل ذلك
    - أكره الطب , أريد أن أكون صحافياً أو شاعراً
    - طالب ذي تحصيل علمي , وعلاماته كاملة , يريد أن يصبح شاعراً؟؟!! , تستطيع أن تكون طبيباً وتكتب الشعر
    - لا أريد.
    - حسناً , فمهندس إذاً , كل أعمامك وعائلتك , أبناؤهم إما أطباء أو مهندسون , هل تريد أن يقولوا عني بأني فشلت في تربية وتدريس أولادي.
    - هم يعرفون تماما , بأني أذكى من جميع أولادهم , ولكني لن أدرس الطب , فأنا أكره الدم , ورائحة البنج , وووووو
    اليوم , في جلسة صفاء وتفكير وتمحيص , سأل الله أن يغفر له عدم تلبية حلم والده , ثم حمد الله كثيراً , بأنه أصر على رأيه , فأطباء بلده في الغالبية , ماتوا على خارطة الأرض الأم , أو خانوا قسم أبقراط , أو ذهبوا للتسول في شمال الأرض

  10. #20
    الصورة الرمزية بشار عبد الهادي العاني شاعر
    تاريخ التسجيل : Aug 2011
    الدولة : تركيا
    المشاركات : 2,723
    المواضيع : 133
    الردود : 2723
    المعدل اليومي : 0.59

    افتراضي

    الخبر ينهال كالصاعقة على الجميع , دمشق
    عمل الوالد سينتقل إلى دمشق , والمشاعر متبدلة , فتارة فرحة وتارة حيرة
    الفرحة بأه سينتقل إلى مكان جديد كبير , والحزن لأنه سيبتعد عن تلك البلدة الجميلة الوادعة وعن أحبابه هناك.
    - هل دمشق جميلة يا أبي؟
    - إنها أجمل بقاع الأرض , لقد أخذتك مراراً إلى هناك , ألا تتذكر؟
    - نسيت ,لكنهم يقولون أنها كبيرة جداُ , وغالية , هل سنضيع هناك أو نفلس؟
    - لا تخف , لن تضيع ولن تفلس , لدينا منزل هناك ,وسنجلس فيه بعد أن يخرج المستأجر.
    عفش المنزل ينقل من بيتهم إلى السيارة , وسط ضجيج وصخب العمال , وتوجيه الوالد وتعليماته , بالحذر والهدوء,
    سيذهبون إلى العاصمة , ولم يعرف الصغير بأن ذلك اليوم سيكون بداية عشق أزلي لتلك المدينة الخالدة...
    التعديل الأخير تم بواسطة بشار عبد الهادي العاني ; 21-01-2015 الساعة 11:29 PM

صفحة 2 من 4 الأولىالأولى 1234 الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. دورة تدريبية متكاملة للتدرُّب على القراءة السريعة مع الفهم
    بواسطة عطية العمري في المنتدى أَكَادِيمِيةُ الوَاحَةِ للتَنْمِيَةِ البَشَرِيَّةِ
    مشاركات: 43
    آخر مشاركة: 06-04-2009, 10:29 AM
  2. دورة سريعة في الخطابة
    بواسطة أبو القاسم في المنتدى عُلُومٌ وَمَبَاحِثُ لُغَوِيَّةٌ
    مشاركات: 7
    آخر مشاركة: 11-01-2008, 02:03 PM
  3. دكتوراه فخرية مغربية للبابطين قبل دورة شوقي ولامارتين
    بواسطة فضل شبلول في المنتدى الاسْترَاحَةُ
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 25-10-2006, 12:37 AM
  4. دورة التجويد
    بواسطة hedaya في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 28-11-2004, 10:56 PM
  5. دورة كاملة في المقام
    بواسطة محمود مرعي في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 17-12-2003, 03:42 PM