طائر اللهب..وفتنة العصرِ
بدأ الأفق يدفع برأس الشمس الذهبى لميلاد يوم جديد، وقفوا تقديرًا واجلالاً لمنظر طلّته الوليدة، عندما بدأت مسيرتها المضيئة، حلقوا بطائرهم في سماء تلك البلاد التي تصف نفسها بالعالم الحر المتمدن. فاخترق الطائر الملتهب ذلك المبنى السِيادى. فتفجرتمثاله الأسطورى، وقذف حمماً ملتهبة، تهدم معبد القوة كاشفاً سرهم العظيم. تطاير الحديد والأسمنت والبشر فى الهواء، وهب المارد من غفوته، فرك عينيه ليرى، ولم ير إلا صورته المبجلة تنهار، إهتزت أعصاب العالم وسيطر الرعب. نظر المارد حيث تشرق الشمس وصاح :
ـــــ من ْ أنتم ؟؟ الويل لكم!!
بدأت مسيرة المارد فى الانحدار، مع رحلة الشمس المقدسة، حيث أشار له رأس الفتنة ابنه صهيون موسوساً:
ـــ هنا فى جوارنا، حيث تشرق الشمس.. عدوك اللدود، الذي أفقد سيادة بلادك عذريتها عنوة واقتدارًا. والذى يمتلك أسلحة دمار شامل..قد بدأت الحرب.فماذا أنت فاعل بهم؟
همهم المارد مصدقاً، سيّر جيوشاً مدججة بالسلاح الفتاك، فى طريق الليل الحالك السواد، نحو المشرق. كان طريق الليل طويلاً عليهم. هناك حيث تسطع الشمس، ينتظرهم منْ لايعنيه من الدنيا نعيمها. كُتبت على وجوههم سطور الإسلام والنور البهي من زمن بعيد وورثت جيناتهم قوة الإرادة والشجاعة، وذابت أرواحهم فى حمى القرآن. لايصبرون على الظلم والطغيان ولايبدلون عقيدتهم بحطام الفانية. جمعوا أشتات أفرادهم لنزال المارد الآتى من الغرب، أمتدت لهم الأيادى بطول الأرض مجتمعة..أعلن المارد الطوفان... وكل من ليس معه عدو إرهابى. فى مجلس الفتنة يختبئ صهيون هامسا:
ـــ هذا معك ..وهذا ليس معك..هذا خائن هذا عميل ..
استغل ابنه صهيون الحالة النفسية المذرية التي يعيشها المارد، ورغبته الجامحة فى الانتقام ممن هتك عرض سيادته. صار يسمع لأشباح الظلام وسواسهم. فأشعل الأرض حربا على الاسلام،لم تفلح أسلحته المدمرة فى كسر شوكتهم ، فشيد لهم سجن صخري الجدران، فكانوا أصلب من جدرانه. لم يستطع أن يثأر منهم فالموت لايخيفهم ، شهداء فى سبيل الله والوطن مرامهم جنات الخلد. نظر المارد خلفه، فرأى بلاده تعيش حربا ضروسا َمن صنع يديه. فإلتفت حبال اليأس حول عنقه..كانت بطانته الفاسدة تقوده نحو الدمار. تريد مخلّصا لها من هؤلاء الأعداء فى الجوار. قذفت الفتن بقارب المارد فى بحر متنوع العصوف. يحدث مدّه وجزره العالي المرتطم بالصخور الصلبة ضجيجا هائلا. ولكن المارد القادم إلى الشرق لم يستطع أن يطفئ الشمس. كانت أرواح جنوده تتراقص أمامه، فقد طواهم الموت فى ظلامه السرمدى. وإن رؤى النصر قد تلاشت.