حنين لمجهول ملأت خطاه دروب ليلي المشتعل مواويل حزينة هطلت مع المطر النازل من الأعماق حين خدشت أظافر الليل وجعي .. وصرخات مبحوحة ترحل داخل حقائب السفر الراكضة نحو الوجد الأكبر لترتد في خفقاتي زهرة مجهولة تفتّحت في فراغ العمر وخفايا النفس المتّكئة على أحلام تهدّمت على أجفان اليقظة .
من عمق ليلي اليائس من بلوغ الفجر أعدو في مسافات الحنين المتخلّق في أرحام وحدتي , أنادي المجهول المغيّب في أمداء القدر بهمسة حب توهجت في ثنايا الوجدان شمعة أمل أضاءت عتمة ليلي وأشعلت الدفء في برودة طقسي .أواصل على ضوءها المسير تلقاء بوابة فجر بعيد ..
أُوقد ظلام الدروب باهزوجة عاشق يهش بها على مشاعره , أناديك زهرة سُقيت من جرح يثغب بلواعج حزن ملأ شقوق شبابي ليعود رجع النداء رياحاً تهوي بي في غيابة الغموض ..
كنتِ كذلك حتى التقيتك على قارعة ليل الحالمين لتنزلق الذكرى وأبخرتها المتكاثفة بأوبة أحلام أينعتها شمس الموقف اللاهثة خلف أشعة المعاني حين تلاقت أفكارنا وتلاقحت قبل عناق مشاعرنا المضطربة في أحضان اللا وعي .
على قدر جئتِ حين العمر انشطر وعاد الزمن المنفي للغربة بسقوط الأيام المتكالبة لمحو علامات الحب في طريق ركض اشتياقنا من طرفيه سويا ..جئتِ وإذا بالأيام والأصداء والزمن الأجمل ترتفع جميعها إلى صدارة فروسية عمر جديد ..جئتِ أغنية متموجة بالنغم أهرب بها من زحام النفس وصخب الأيام ..
من مذاق الهمس وقوائم النهار في عينيها انبعثت رائحة حب تضوع المكان بأمنية من حلم تكسّرت حروفه ذات يأس في فم الشوق الأبكم , انسرح فكرها في أفق يحدو دروبه الراحلة مصير مجهول , كدح من مدارك عقلها حتى مرابع حزن المعرفة السادرة في عمق السؤال المعضلة لتتكيء أنفاسها على خلجانه ويندّ من وجع اعياءها سؤال يزرع نبتة إجابة عمرها بضعة عشر آهة من أنّات عمري _ لِمَ غبت كل هذه السنين يا يوسف ؟_
القدر يا أجمله هو من يرسم الفواصل ويضع النقاط .وما نحن على أسطره سوى هامات تستملي إرادته وتنحني .في دروبه تسقط الاستفهامات من رواحلنا ليبقى التعجب دوماً يذيّل جُملَنا الحائرة .
هذه الدنيا يا أجملُها .. اليوم وأمس وما بينهما فاصلة نرمز لها بكان ومازال , فلندع ذيل العفاء يمحو كان ونبقَ كما نزال ماضين في دروب الحب ..يضمخنا بعبقه وتضيء في أعيننا ألوانه الزاهية ..
.
ابن المدينة / يوسف الحربي