الإبداع والدرجة العلمية
تمنح الدرجة العلمية لمن استطاع اجتياز الإمتحان الخاص بهذه الدرجة أو تلك، ومن خلال تقديمه للمعلومات في موضوع محدد، والتي يكون قد حولها إلى معرفة باستخدامه لها وبذلك يكون قد استخدم الذاكرة لتقديم تلك المعرفة أو المعلومات من خلال الإمتحانات المطلوبة، وهذا يشكل 50% من القدرات الإبداعية، وهي المعرفة والذاكرة والمخيلة ودقة الملاحظة، بالغة ما بلغت تلك الدرجة العلمية الأكاديمية فإنها لن تصنع من صاحبها إنسانا مبدعاً إلا إذا سعى للإبداع ولم يتعبر الدرجة العلمية التي حصل عليها هي مصدر للرزق فقط لاغير.
لم يصل معظم المبدعين إلى الدرجة الجامعية الأولى وهم كثر، والأمثلة العربية كثيرة ومن هؤلاء المبدعين الأستاذ الكبير عباس محمود العقاد، و الأديب الشاعر مصطفى لطفي المنفلوطي، ومن الأردن ركس بن زائد العزيزي، والأمثلة من خارج الوطن العربي أكثر، و قد تعلم هؤلاء بأسلوب التعلم الذاتي وحققوا من خلال هذا الأسلوب من التعلم ما لم تستطع الجامعات والدرجات العلمية كلها أن توصل إليه إلا الندرة مثل الدكتور طه حسين، وقلة قليلة جداً ممن حصلوا على الدرجة العلمية الأولى أو أكثر من ذلك.
استطاع الإنسان المبدع هنري فورد الذي لم يحصل على الدرجة الجامعية الأولى، أن يصنع محرك سيارة، وشركة فورد مشهورة عالمياً، لكنه لم يكتفي بذلك بل هو صاحب فكرة خط الإنتاج الذي يستخدم في الصناعة في جميع أنحاء العالم، وله مقولاته المشهورة والتي تتحدث عن ملاحظاته و أفكاره التي نتجت عن تلك الملاحظات، وبكل تأكيد كانت له آراؤه وتوجهاته.
تحديد الهدف كان هو الأساس لكل من ذكرت و تحدثت عنهم سابقاً، فكلمهم سعوا إلى العلم بما يحفزهم على المزيد منه، وبنوا المعرفة في ما يملكونه من المواد من خلال الممارسة لما بين يديهم من المعلومات، فالكاتب كتب و صاحب الأفكار المكانيكية وضعها موضع التطبيق واستمر في محاولاته حتى نجح و أخرج المنتج المطلوب " المنتج الإبداعي" و تساهم القراءة بأنواعها وعلى وجه التحديد القراءة الناقدة على ترتيب الأفكار، وعلى إخراج المنتج الأدبي ولو بعد حين، ولن تخرج الأفكار الإبداعية إلا بعد عناء البحث في الكتب والميدان وهذا لايعني أن الوصول إلى الإبداع أمر سهل و كذلك لايعني أبداً أن الوصول إليه أمر مستحيل.

باسم سعيد خورما