الإنسان الحكيم
يرى الناس في الإنسان المبدع قدرات أكثر بكثير مما يملكها على أرض الواقع، وهذه النظرة بالتأكيد تضم في جنباتها كلاً من العبقري والحكيم رغم أن الإنسان يبقى إنساناً ولن يتجاوز ذلك أبداً، وتظل قدراته محدودة بالرغم من أن الحكيم " يحكم عقله بكل كبيرة وصغيرة" من الأمور التي يتعامل معها، ينسى أو يتناسى الناس أن هذا إنسان تنطبق عليه المقولة " علمت شيئا وغابت عنك أشياء "، و لذلك فإن استمرارية التعلم عند الإنسان المميز تكون أكثر مما هي عليه عند الإنسان الأقل تميزاً فيما تكون على أشدها عند بعض من حققوا الإبداع، وعند كل من وصلوا إلى درجة العبقري أو الحكيم بالرغم من المكانة التي توصل إليها كل منهما.
ومن الطبيعي أن يقنع البعض بالقليل من الأعمال الإبداعية ويتوقفوا عند ذلك الحد، و بالطبع هناك من يقنع بأقل من ذلك، و هؤلاء بما لديهم فرحون، أما أصحاب الهمة العالية فإنهم يرون أنفسهم على بداية الطريق دائما، و بذلك يصبح المميز مبدعاً و تتطور إبداعاته ثم ينتقل إلى العبقرية عند تحقيقه للإبداع في أكثر من موضوع، أو أنه عندما يصل إلى درجة عالية من ضبط النفس والقدرة على التفكير في صغير الأمور قبل كبيرها ويتصرف بلباقة عالية جداً فيطلق عليه لقب الحكيم، وهذه المكانه " الحكمة " هي أقضى ما يمكن لإنسان أن يصل إليه على سطح الأرض.
السعي للحكمة يمر عبر تعلم التفكير و تعلم مهارات الحياة، ولذلك متطلبات من الوقت والجهد والمال اللذين يتم بذلهم بسخاء لتحقيق تلك الغاية، ولن يستيطع أحد أن يصل إلى أمر مثل العبقرية أوالحكمة إن كانت غايته المال أو الشهرة .....، فالحكمة والعبقرية لا تقبلان الشركاء، ولم أسمع أن الحكيم فلان " ثري "، وذلك لأن المال لم يكن ضمن الإهتمامات التي يوليها أحد هؤلاء اهتمامه، وقد يصل العبقري والمبدع إلى الثراء في بعض بلدان العالم ولأسباب تخص ذلك البلد أو المادة الإبداعية المقدمة والأمثلة على هذا كثيرة فكبار الكتاب تباع أعمالهم في جميع أنحاء العالم، بمعنى أن كتاب واحد قد يحقق مبيعات ما يتجاوز عشرة ملايين نسخة و بالتالي فإن العائد لذلك الكاتب سيجتاز المليون دولار، وهذا يحدث نتيجة لتركيز الإهتمام على التوجه المعرفي والعمل الجاد وليس نتيجة للتركز على الرغبة في تحقيق الغاية المالية.
يبقى الإنسان إنساناً مهما بلغت درجته في الحكمة أو العبقرية، و يظل في حجم محدود من المعرفة مهما طال الزمان به وتزايدت معرفته بالعلوم.
باسم سعيد خورما