"سيذكرك التاريخ"
أَبَا متعب كيفَ السّبيلُ فأَنْطِقُ
لِسَانِيَ مَعْقُودٌ وشعريَ مُوثَقُ
لدى حسْرةٍ، أما الدّمُوعُ فَوَابلٌ
وأما فؤاديْ في النّوى فَمُمَزّقُ
كأنّ بِصَدْرِيْ لوْ عَلِمْتَ قِيَامَةً
وجمراً على نارِ الفجيعةِ يُحْرِقُ
أنوءُ بأحْزَانِي وهمّي وليْسَ لي
إِذَا ما كَوَاني الفَقْدُ من يتَشفّقُ
بكيْتُ وهلْ يُجْدِي الْبُكَاءُ من الجوَى
تكادُ له رُوحِي الْحَزِينَةُ تُزْهَقُ
أبا متعب لو كانَ غيرُك لمْ أُطِلْ
عليه بُكَاءً ليس فيه تَمَلُقُ
فما كلُّ من يبْكِيهِ باكٍ بحُرْقَةٍ
يُوَازِيكَ أو يرثيهِ راثٍ مُفلِّقُ
فَقَدْنَاكَ فُقْدَانَ الصّحاري لِعَارِضٍ
تدفّق في أنْحَائِها فهْوَ مُغْدِقُ
فَقَدْنَاكَ فُقْدَانَ الْيَتِيمِ لِوَالِدٍ
يَحِنّ عَلَيْهِ كُلّ حِينٍ ويرْفِقُ
ألَسْتَ الْعَطُوفَ البَرّ في كُلِّ حالةٍ
وقلبُك رَوْضٌ بالمَحبّةِ يَعْبُقُ
ألمْ تَضْربِ الأمثالَ في الجود والنّدى
ولا حاتمُ الطّائِيّ أيّانَ يُنْفِقُ
تظَل تُسَاقِينَا ودادَكَ دونَمَا
ملالٍ، وأحْلى الودِّ ما يتَرَقْرَقُ
وكنتَ كغَيْثِ السُحْبِ لا كفّ وكْفُهُ
وكنتَ كمَاءِ النّبْعِ بالخيرِ يَدْفُقُ
وكنتَ تُداوي النَّاس َمن كلِّ عِلّةٍ
وما كنتَ تشكُو الدّاءَ وهْوَ يُؤَرِّقُ
وكنتَ رؤُوفاً بالرعيّةِ حانياً
وأيّامُك الحَسْنَاءُ بالسّعْدِ تُشْرِقُ
ولمْ يَخْلُ منها في بلادِكَ موضِعٌ
وإنْ طالَ فيه حُسْنُهُ المُتَأنِّقُ
رأيْنَاكَ إذْ وجْهُ الطّوَاغِيتِ أسودٌ
ووجهُكَ وضّاءٌ وثَغْرُك أبْلقُ
وما ذاكَ إلا الدِّينُ والطهْرُ والتّقى
وذاكَ صلاحٌ في محيّاكَ يبْرُقُ
تدثّرْتَ بالإسلام نهْجَاً وشِرْعَةً
وراياتُكَ الخضْراءُ تَسْمُو وتَخْفِقُ
سيَذْكُرُكَ التّارِيخُ يا خيرَ حاكمٍ
بأنّك رغْمَ الحَاقِدِينَ المُوَفّقُ
شعر/ الحسين الحازمي
جازان ـ 22/4/1436هـ