أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: علمتني الحياة أني مجرد صفر في عظمة الحياة -إضاءات-

  1. #1
    الصورة الرمزية إدريس الشعشوعي شاعر
    تاريخ التسجيل : Oct 2004
    الدولة : قلب كلّ مسلم
    المشاركات : 2,253
    المواضيع : 185
    الردود : 2253
    المعدل اليومي : 0.32

    Lightbulb علمتني الحياة أني مجرد صفر في عظمة الحياة -إضاءات-

    هي إضاءاتٌ حول ما كتبه الدكتور طارق الحبيب من تجارب وحِكَمٍ سمّاها "علّمتني الحياة".

    فخطرَ ببالي أن أقفَ على بعضها وقفة عابرةً مرتجلة .. فكانت إضاءات، ولا يُزعَمُ فيها أنّها استوفتْ ما أرادَهُ صاحبها ولكنّها قراءتي الخاصّة .. وبالله سبحانه التوفيق. واليوم نقفُ على الحكمة الأولى التي قال فيها :


    1- علمتني الحياة أني مجرد صفر في عظمة الحياة ، وعلي أن أكون ذات اليمين أو ذات الشمال .

    إنّ الإنسان لن يعدوَ كونِه مخلوقاً، وما يصدُرُ عنه ليس سوى مواهبِ الله سبحانه ومحاسنه وفضائله عليه إن كان ما يصدُرُ منهُ جمالاً وحسنى وخير، وإن كان غير ذلك من إساءاتٍ أو نقص أو شرّ فهو انعكاسِ نفسه التي تنهلُ من النّقص وتنحرِفُ عن الأصل، لأنّ الخير والكمال والجمال المطلق مصدرُه الخالق سبحانه فهو المُنعمُ المحمود، أمّا النّقص والسوء والشرّ فهو معاكسة مصدر الخير والكمال والجمال المطلق والغرف من حضرة النّقص والحرمان. ولهذا قال الله تعالى {مَّا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ۖ وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ ..} سورة النساء (79). أي الحسنة من الله تعالى لأنّ مصدرها الخالق صاحب الإحسان والمحاسن والخير كلّه، وما أصابك من سيّئةٍ فهي من نفسك القاصرة بين جنبيك الغارفة بمغارفها الناقصة، فالمواهبُ كلّها من الله تعالى، والنقائصُ كلّها من النّفس وعيوبها وذنوبها، فهي التي تعكِسُ ما تراه عليها بما هي عليه وما ترى به من مناظير. كما قال القائل الحياة من صنع أفكارك. لأنّ الحياة واحدة في أصلها وردتْ من الخالق سبحانه فهي بمنظار الله تعالى كاملةً جميلةً، وهي بمنظار المخلوق مطبوعةٌ بما هو عليه منظارُ هذا المخلوق.

    والنتيجة أنّ العبدَ ليس سوى صفرٍ أمام عظمة الحياة وفي هذا الوجود، لأنّه عينُ الوهمِ أمامَ الموجود الأحد سبحانه ومواهبه وعطاياه، فإنْ أجادَ وأحسن فمن الله سبحانه وإن أساء فمن عيوبه وذنوبه وقصوره عن إدراك الكمال والجمال والخير. فهو صفرٌ بهذا الاعتبار.

    ولئن قصدَ الحكيمُ بقوله أنّه صفرٌ أمام عظمة الحياة، أنّ عظمة الإنسان مهما بلغتْ ومواهبه مهما استعلتْ وزادتْ فهي أمام عظمة الحياة الكليّة وأمام زخمِ المدّ المواهبي والمستجدّ الجماعي والحياتيّ لا شيءَ، غرفة من البحر، ونقطة في كتاب، وحفنة رمل في فلاة، فهو بهذا الاعتبار الثاني كذلك صفرٌ، أو آيلٌ إلى الصّفر أمام عظمة الحياة. ولذلك قال علّمتني أنّني لستُ سوى صفرٍ وعليّ أن أكونَ ذات يمينٍ أو ذاتَ شمالٍ، أي أن أختارَ موقعي الذي يجعلني اتناسبُ مع هذه العظمة وأكونَ فيها برغم صغري وضعفي وصفريّتي أكونَ فيها رقماً، أو صفراً بالأحرى يُعطي لرقمٍ في الحياة معنى وإضافة وتناسباً مع العظمة والجمال والإيجابية. ذاتَ يمين أو ذاتَ شمال ربّما هي معبّرة عن الانتقائية واختلاف المواهب بين فردٍ أو آخر، أو حسب ما تتطلّبهُ الفرصة والزمان والظروف.

    وقد تعني كذلك أنّ هذا الصّفرَ و اللّاشيء قد يجعلُ منه اختيارُ المرءِ وحسنِ تفاعله مع عظمة الحياة، وحسن فهمه لدوره صفراً على اليمين، والصّفرُ على اليمين له كلّ المعنى في الإضافة والزيادة والقيمة، فهو صفرٌ محسوبٌ وغير مهمل لأنّه في ترتيبٍ ما في خانات الرقم اليمينية التي قد تجعلُ الرقم من صنف العشرات أو المئات أو الآلاف أو غير ذلك ممّا لا ينتهي احتماله بحسب وضعية الصفر وترتيبه.
    هذا وقد تعني في إطارِ هذا التيمّنِ والتيسّرِ لا شيءٍ ومهملة، صفراً على اليسار فهو صفرٌ فخريّ للتزويق وحسب، أو الضرورة الرّسمية للرّقم بيدَ أن الصّفر على يسار العدد لا إضافة له في القيمة ولا احتسابَ له في المعنى فهو مجرّدُ رسمٍ، أو مجرّدُ صفرٍ يُمثّلُ اللاشيئية والإهمال. فالاختيار والتفاعل مع العظمة الحياتية وحسن التفهّم هو الذي أعطى معنى ذات اليمين وذات الشمال.

    وهنا الحكمة أو النصيحة جاءت رغم اختصارها، محمّلةً بالمعاني والإشارات وبليغةً ووافيةً فيما أرادهُ الحكيمُ والناصحُ من معاني، فقد جمعَ بين التواضع وردّ الأمورِ لأصلِها، فهو صفرٌ في الحقيقة الثابتة، والواهبُ هو الله سبحانه، وهو صفرٌ في الحياة أمام عظمة الحياة وقدرة القدير وتجدّد الأمداد والأعداد مع الأنفاس، وهو بذاتِ الوقتِ صفرٌ لهُ معنى إن أرادَ أن يُعطي لصفريته هذا المعنى. ولكنْ دائماً معنى مهما اتّسعَ ومهما كانتْ خانته في ترتيبِ الخانات العددية للرقم ومهما بلغ تأثيرُهُ فهو في الأصلِ ليس سوى صفرٍ. فلا يعدُو قدرَهُ، ولا يبطرُ ولا يطغى ولا يتكبّر، ولا يرى لنفسه استحقاقاتٍ فوق بقيّة الخلق، لأنّه أوّلاً وأخيراً ليس سوى مخلوقٍ وكلّ مواهبه وما حباهُ به الله سبحانه هي لله سبحانه وليست له. فهو صفرٌ ذاتَ اليمينِ أو ذات الشمال.



  2. #2
    الصورة الرمزية محمد أحمد السقاف قلم مشارك
    تاريخ التسجيل : Jun 2013
    المشاركات : 109
    المواضيع : 4
    الردود : 109
    المعدل اليومي : 0.03

    افتراضي

    فعلا ، فمثلا بعض الناس حينما يُقال له أنت شاعر ولاأشعر منك في هذا العصر أصبح كالطاؤوس يمشي ويرى الناس تحت أقدامه وهذا يتعلق بخلق الشخص وتريته ومانشأ عليه وميول نفسه فمنهم المتواضع الذي يعلم بمواهبه ويعلم أنه معها هو بشر ناقص ومالناس إلا مكملين بعضهم لبعض كل شخص يتميز بموهبة وهبها الله إياه فيتعاونون في عمارة الأرض ونشر الخير وطيب الذكر والفعل فالكمال لله وحده ومن يرى نفسه ويغتر ويصر في غروره حتى بعد نصيحته فهو فيه عقدة نقص وأجهل مما يظهر عليه
    شكرا لك

  3. #3
    الصورة الرمزية إدريس الشعشوعي شاعر
    تاريخ التسجيل : Oct 2004
    الدولة : قلب كلّ مسلم
    المشاركات : 2,253
    المواضيع : 185
    الردود : 2253
    المعدل اليومي : 0.32

    افتراضي


    أخي محمد شكرا لمرورك الكريم، الحقيقة أنّ الإنسان ابتلاه الله سبحانه في هذه الدّنيا وكلّفه وامتحنه، وهذا الامتحانُ بين أن يشهد حقيقته التي تمدّه بالوجود وتمدّه بالحياة وجميع ما هو عليه من مواهب، أو يستغني بنفسه ويقطع الصّلة بالخالق والحقيقة المطلقة التي إليها المرجعُ وما عداها وهمٌ ولا قيامَ لهُ إلاّ بقيومية الواحد الأحد الموجود سبحانه، فكلّ شيءٍ يقومُ بقيومية الله تعالى ولا قيام له بنفسه.

    وجميعنا فينا ركونٌ للنّفس التي بين أجنابنا، إلاّ نبيّ معصوم أو من عادَ إلى فطرته وزكّى نفسه من تلك الشوائب والأهواء ..

    حكمة صاحبنا حكمة بليغة والتواضع الحقيقيّ لا المصطنع هو نعمة كبرى نرجو ان يمنّ الله بها علينا، لنذهلَ فعلاً عن نفوسنا ونخلص القصد والركون لله الواحد الأحد سبحانه، فلله وحده الحقيقة المطلقة والوجود والمواهب والحياة والقيومية ..

    شكراً .. تقبّل وافر التحايا والتقدير

  4. #4
    مشرفة عامة
    أديبة

    تاريخ التسجيل : Aug 2012
    المشاركات : 21,098
    المواضيع : 317
    الردود : 21098
    المعدل اليومي : 4.95

    افتراضي

    إن التواضع خُلق إنساني نبيل كريم، وذلك لأن الإنسان المتواضع هو ذلك الذي يرى كل ما يقوم به وينجح به بسيطًا منه،
    أن هذا التواضع الصادق سيعود بالأثر الإيجابي على الإنسان نفسه، إذ إنه سيظل في سعي دؤوب لتحقيق المزيد من النجاحات،
    ويعمل بجد ليصل مراتب أعلى، وما ذلك إلا لأنه يستطيع تقديم المزيد،
    فهذا أثر جميل للتواضع يعود على الإنسان المتواضع وعلى المجتمع المحيط أيضًا.
    شكرا لك ولك تحياتي وتقديري.
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

المواضيع المتشابهه

  1. علمتني الحياة أنّ فيها من يعاديك فقط لأنّك غيره -إضاءات-
    بواسطة إدريس الشعشوعي في المنتدى الحِوَارُ المَعْرِفِي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 15-03-2015, 01:02 PM
  2. علمتني الحياة
    بواسطة محمد غالمي في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 26-01-2008, 01:13 AM
  3. ( أمريكا صفر / فيتنام 2 ) (العراق 2 / فيتنام صفر )
    بواسطة شاهين أبوالفتوح في المنتدى الاسْترَاحَةُ
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 25-07-2007, 05:47 PM
  4. علمتني الحياة ....
    بواسطة شــــــــــــهووودة في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 09-02-2005, 04:00 PM
  5. علمتني الحياة .. رائعة مصطفى حمام
    بواسطة إدريس الشعشوعي في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 23-01-2005, 04:23 AM