أحدث المشاركات

مصير الكوكب على متن الشراع الشمسي» بقلم إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» قراءة فى بحث تجربة ميلغرام: التجربة التي صدمت العالم» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» وذُلّت الأعناق مقتطف من رواية قنابل الثقوب السوداء...» بقلم إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح » آخر مشاركة: إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح »»»»» الفصل الثاني من رواية وتستمر الحياة بين يأس و تفاؤل الأم الجريحة» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» و تستمر الحياة بين يأس و تفاؤل الفصل الأول من الرواية بقلم بوشعيب» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» قراءة في بحث أمور قد لا تعرفها عن مستعمرة "إيلون موسك" المستقبلية» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» نعم القائد» بقلم عطية حسين » آخر مشاركة: احمد المعطي »»»»» قراءة في مقال يأجوج و مأجوج ... و حرب العوالم» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: بوشعيب محمد »»»»» الطفل المشاكس بقلمي» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: بوشعيب محمد »»»»» @ تَعَاويــذ فراشَــةٍ عَاشِقـَـة @» بقلم دوريس سمعان » آخر مشاركة: دوريس سمعان »»»»»

النتائج 1 إلى 10 من 10

الموضوع: الحلم الضائع

  1. #1
    أديب
    تاريخ التسجيل : Mar 2015
    المشاركات : 77
    المواضيع : 8
    الردود : 77
    المعدل اليومي : 0.02

    افتراضي الحلم الضائع


    كانت السماء صافية والجو ممتع ولطيف، عليل خفيفٌ يتدفق ويبعث على الأفئدة البهجة والسرور، الشمس قد أطفأت شيئاً من وهجها ومالت ناحية الغرب وهي على استعداد تام للولوج بعد ساعة في مكمنها بالأفق البعيد، قليلٌ من الصبيان والفتيات يتخذون من الممشى الرياضي جيئة وذهاباً وقد دب في أوصالهم الحيوية والنشاط، أصوات طيور البحر ونعيق الغربان ممزوجة بقهقهات يطلقها الأطفال الصغار وهم يلعبون..

    لمحته جالساً بمفرده على كرسي خشبي مثبت وطويل، يترك فمه نصف مفتوحٍ كطائر العقاب وعيناه الشهلاوتان الواسعتان يلقي بهما في الفضاء البعيد. كان يلبس بنطالاً أسود وفانيلة صفراء ويضع رجله اليسرى فوق اليمنى ويحركهما للأمام والخلف، ويده اليمنى الملفوفة بعصابة بيضاء تعبث بخصلات شعره الأسود الكثيف. انتفض من مكانه كالملسوع وأشاح بعيداً بكرة الأطفال التي استقرت بجواره وهو يطلق شلالاً من الصراخ ثم عاد وهو يضغط على لسانه بأسنانه وجلس مكانه من جديد..

    ألقيت التحية عليه وجلست بجواره بعد أن أكملت الدورة الثالثة من المشي..

    - سلامات يا ( عماد )، هل يدك الآن بخير ؟

    - ألم اليد أهون من الألم الداخلي الذي أعانيه.

    - ما الذي حصل لك بالضبط ؟

    - لقد حطمت وجه زميل لي في العمل بقبضة يدي هذه وأسقطت من فمه ثلاثة أسنان. قال هذه العبارة وهو يضغط بقبضة يده ويفردها عدة مرات فتحركت عضلات يده وبانت منها عروق نافرة بارزة كأنها شبكة أسلاك ثم استطرد:
    لم أتمالك أعصابي عندما أبدى هذا المعتوه سعادته بخسارتي فعاجلته بضربة أو ضربتين.

    - هل صحيح أنك فُصلت من العمل ؟

    - لا، بل تم إيقافي، ولي جلسة في المحكمة بعد أسبوع.

    - ألست نادماً على ما حصل ؟

    - لا لست نادماً، ولو تهيأت لي الفرصة مرة أخرى لأجهزت على باقي أسنانه.

    ران الصمت لدقيقة ثم بدده ( عماد ) بقوله:

    لقد خسرناها في طرفة عين، لقد انتظرناها طويلاً ثم طارت من يدنا، كل الأجواء كانت مهيأة للحصول عليها، لا أدري ما حصل، لا أدري كيف سارت الأمور بتلك الطريقة، فقدنا كل شيء في غضون خمس دقائق، هذا شيء مستحيل، لقد عشت ليلتها في قلق شديد، وضاق مجرى تنفسي وكأنما أنشوطة لفت حول عنقي، لا أصدق ما حصل، كأني أعيش لهذه اللحظة في كابوسٍ مزعج أريد الإفاقة منه.

    كابدت جاهداً لطمس ابتسامة حتى انفجرت مقهقهاً فرمقني بطرف عينيه وقد تجعّد جبينه..

    - هون عليك يا ( عماد )، فأنا بحاجة لأسناني، ثم استطردت:

    - إن الخسارة يا صاحبي هي خسارة العمر. إن الخسارة التي تتحدث عنها لا تساوي شيئاً بالمقارنة مع ما يحدث لإخواننا في قطاع غزة من قتل وتشريد وترويع. أكثر من ١٥٠ شهيداً لحد اليوم وعشرات الجرحى هي حصيلة العدوان الإسرائيلي الغاشم والأرقام مرشحة في الازدياد..

    أسند ظهره للوراء ثم قال:

    - أنت تعرف جيداً بأني لا أحب المجال السياسي ولا أتابعه ولا أفقه فيه شيئا..

    اقتربت الكرة منا وكان أحد الأطفال متردداً في الاقتراب وأخذها، دفعت له الكرة بيدي في لطف وأنا أرسم على شفتيّ ابتسامة ثم واصلت الحديث:

    - إن ضياع هذا الحلم يا ( عماد ) وتواريه لا يعني نهاية المطاف، يجب أن تسير الحياة بشكلٍ طبيعيٍ ولا يؤثر ولا ينكد فيها مثل هذه الأمور، وإلا أصبحت حياتنا صعبة ومعقدة ولا معنى لها، قد يخذلك الحظ هذا اليوم ولكن ربما يبتسم لك في قابل الأيام. يجب أن تتقبل الخسارة يا صديقي بصدر رحب وبروحٍ رياضية مثلما تتقبل الربح..

    ندت من شفتيه ابتسامة صفراء لأول مرة منذ أن دار بيننا الحوار، مال بظهره للأسفل والتقط حجراً صغيراً بيده اليسرى وألقى به في البحر بعد أن انتصب بجذعه ثم عقّب:

    نتمنى أن نتخطى آثار الخسارة الكاسحة التي تلقيناها ونحفظ ماء الوجه، ونفوز هذه الليلة على المنتخب الهولندي وننتزع المركز الثالث على أقل تقدير..

  2. #2
    أديبة
    تاريخ التسجيل : Feb 2015
    المشاركات : 1,269
    المواضيع : 38
    الردود : 1269
    المعدل اليومي : 0.38

    افتراضي

    نص ساخر رائع .. يصف واقع مرير ..التعصب الكروي وما يعقبه من انفلات الأعصاب لدى المشجعين .. سلمت أناملك أستاذ علي الحسن ..

    دمت بخير و سعادة ..

  3. #3
    مشرف قسم القصة
    مشرف قسم الشعر
    شاعر

    تاريخ التسجيل : May 2011
    المشاركات : 7,009
    المواضيع : 130
    الردود : 7009
    المعدل اليومي : 1.49

    افتراضي

    سرد جميل اخي علي الحسن..
    أرى في نصوصك القصصية هذه الخاتمة التي تفاجئ القارئ .. حينما يضع في مخيلته حبكةً أخرى للحدث.
    الموضوع الذي أثرته متميز .. وله جانبان : جانب اجتماعي يتناول العلاقات وخلق التعامل حال الخلاف ..
    والجانب الآخر : انتكاسة الفكر بالانشغال بسفاسف الأمور عن ما يهم حال الأمة.
    أقول هذا ولا اتناسى فرحة الكثيرين بانتصار فريق كرة غربي ..وانطلاق أبواق سياراتهم وحناجرهم ، بينما جراح الأمة تنزف هنا و هناك .
    فضلت ان تذكر الرقم كتابة : اكثر من مئةٍ و خمسين شهيداً.
    مودتي .
    وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن

  4. #4
    أديب
    تاريخ التسجيل : Mar 2015
    المشاركات : 77
    المواضيع : 8
    الردود : 77
    المعدل اليومي : 0.02

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سحر أحمد سمير مشاهدة المشاركة
    نص ساخر رائع .. يصف واقع مرير ..التعصب الكروي وما يعقبه من انفلات الأعصاب لدى المشجعين .. سلمت أناملك أستاذ علي الحسن ..

    دمت بخير و سعادة ..

    الأستاذة سحر أحمد سمير

    جد سعيد بتواصلكم الفذ، ومداخلاتكم الجميلة

    دمتم بألف خير وصحة وعافية

  5. #5
    أديب
    تاريخ التسجيل : Mar 2015
    المشاركات : 77
    المواضيع : 8
    الردود : 77
    المعدل اليومي : 0.02

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبد السلام دغمش مشاهدة المشاركة
    سرد جميل اخي علي الحسن..
    أرى في نصوصك القصصية هذه الخاتمة التي تفاجئ القارئ .. حينما يضع في مخيلته حبكةً أخرى للحدث.
    الموضوع الذي أثرته متميز .. وله جانبان : جانب اجتماعي يتناول العلاقات وخلق التعامل حال الخلاف ..
    والجانب الآخر : انتكاسة الفكر بالانشغال بسفاسف الأمور عن ما يهم حال الأمة.
    أقول هذا ولا اتناسى فرحة الكثيرين بانتصار فريق كرة غربي ..وانطلاق أبواق سياراتهم وحناجرهم ، بينما جراح الأمة تنزف هنا و هناك .
    فضلت ان تذكر الرقم كتابة : اكثر من مئةٍ و خمسين شهيداً.
    مودتي .
    الأستاذ القدير عبد السلام دغمش

    مداخلة جميلة ثرية، وقراءة رائعة..


    شكراً كبيرة

  6. #6
    الصورة الرمزية خلود محمد جمعة أديبة
    تاريخ التسجيل : Sep 2013
    المشاركات : 7,724
    المواضيع : 79
    الردود : 7724
    المعدل اليومي : 2.01

    افتراضي

    سنلهيكم بالجنون الرياضي من أحد البروتكولات التي تم العزم على تنفيذها
    وتمت المهمة بنجاح باهر
    وقصة هادفة بسرد مائز وحبكة محكمة الى نهاية ساخرة تحدثنا بالكثير
    دام الألق
    بوركت

  7. #7
    أديب
    تاريخ التسجيل : Mar 2015
    المشاركات : 77
    المواضيع : 8
    الردود : 77
    المعدل اليومي : 0.02

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خلود محمد جمعة مشاهدة المشاركة
    سنلهيكم بالجنون الرياضي من أحد البروتكولات التي تم العزم على تنفيذها
    وتمت المهمة بنجاح باهر
    وقصة هادفة بسرد مائز وحبكة محكمة الى نهاية ساخرة تحدثنا بالكثير
    دام الألق
    بوركت
    الأستاذة خلود محمد جمعة

    شاكر لجنابكم الكريم تواصلكم الدائم ومداخلاتكم الرشيقة والجميلة

    كوني بخير

  8. #8
    شاعرة
    تاريخ التسجيل : Jan 2010
    الدولة : على أرض العروبة
    المشاركات : 34,923
    المواضيع : 293
    الردود : 34923
    المعدل اليومي : 6.74

    افتراضي

    شرّ الانحدار أن يجد المرء للمتعة دروبا عبر هوانه، وقد وصل بالأمة الحال هذا القاع فأي هوان!

    قص جميل السرد قوي الفكرة كان ليأتلق لو حظي بما يستحق من العناية بلغته تعفيه مما شابها

    دمت بخير أيها الفاضل

    تحاياي
    تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

  9. #9
    أديب
    تاريخ التسجيل : Mar 2015
    المشاركات : 77
    المواضيع : 8
    الردود : 77
    المعدل اليومي : 0.02

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ربيحة الرفاعي مشاهدة المشاركة
    شرّ الانحدار أن يجد المرء للمتعة دروبا عبر هوانه، وقد وصل بالأمة الحال هذا القاع فأي هوان!

    قص جميل السرد قوي الفكرة كان ليأتلق لو حظي بما يستحق من العناية بلغته تعفيه مما شابها

    دمت بخير أيها الفاضل

    تحاياي
    أستاذتنا الفاضلة

    كم هي جميلة مداخلاتكم، وملاحظاتكم التي هي بلا شك محل عناية ودراسة..

    دمتم للتألق والإبدراع عناونين متصلين

    تحاياي

  10. #10
    مشرفة عامة
    أديبة

    تاريخ التسجيل : Aug 2012
    المشاركات : 21,063
    المواضيع : 312
    الردود : 21063
    المعدل اليومي : 4.96

    افتراضي

    إنه الجنون الكروي يا سيدي ، وقد أبدعت في وصف تأثير هذه الرياضة
    في قصة هادفة ، قوية الفكرة، وبأسلوب ساخر
    أعتذر عن ردي المختصر فأنا مشغولة جدا فالآن ستبدأ المباراة النهائية
    للدورة الفريقية 2019 بين الجزائر والسنغال.
    نتمنى التوفيق للجزائر
    ولكم تحياتي وتقديري.
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

المواضيع المتشابهه

  1. الفانوس الضائع
    بواسطة فدوى أحمد التكموتي في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 05-12-2008, 09:06 PM
  2. مُسَافِرٌ في الحُلْمِ إلى الحُلْمِ
    بواسطة طه محمد طه عاصم في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 11
    آخر مشاركة: 25-10-2007, 01:26 PM
  3. عودة الحب الضائع
    بواسطة محمد عسران في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 25-07-2006, 10:14 PM
  4. الضائع
    بواسطة عبدالرحمن البورنو في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 8
    آخر مشاركة: 28-02-2006, 11:21 PM
  5. مرثية .. في الزمن الضائع
    بواسطة الأندلسي في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 21
    آخر مشاركة: 14-02-2004, 07:25 AM