مسجد بلا جدران ما هو المسجد :
صفة المسجد تأتى من فعله سجد
والسجود معناه هو الاستسلام التام حتى يكون ظاهر امر من يسجد وباطنه على مراد الله سبحانه وتعالى
قال تعالى {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِّنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَن يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ }الحج18
بالتالى السجود هو اعلى درجات العبادة لله سبحانه وتعالى هى ان صار الاسلام صبغة لمن يحقق السجود بمعناه الصحيح
لذلك فان المرء يكون اقرب الى الله وهو ساجد اى وهو ان يكون صفته هى صفة الاسلام
وذلك يحققه قوله صلى الله عليه وسلم ان اقربكم الى مجلسا يوم القيامة احاسنكم اخلاقا اى صبغة بالاسلام
وخطأ التجسيم الذى وقع فيه اهل الاسلام يجعل كلمة مجلسا هنا على سبيل التشبيه ايضا لكن المقصود هو ظاهر المرء وباطنه فاقربنا مجلسا لرسول الله صلى الله عليه وسلم اى من يكون حاله يوم القيامة الظاهرى والباطنى من السعادة اقرب الى حالى مكانة فى الجنة ومجلسا هو احاسنكم اخلاقا مع ثبوت قرب المكان برسول الله صلى الله عليه وسلم اذ الامر معلق بالقرب بتحقيق رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم
بالتالى فالمرء المحقق لمعنى الاسلام حقا صار ساجدا لله سبحانه وتعالى
قال تعالى {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }آل عمران31
بالتالى وضح الامر هنا
اذ لا يكون القرب لمن يكرهه الله سبحانه وتعالى حتى وان كان ساجدا جسدا
والاسلام دين جماعة لذلك فان وجد فرد واحد يحقق الاسلام فى البشرية سمى ذلك الفرد امة
لأنه يدخل مع الامم الاخرى المسبحة لله سبحانه وتعالى من كل خلق الله سبحانه وتعالى من خلال تشريع الله سبحانه وتعالى الذى يقيمه على نفسه وبالمعنى الان ليس له اعتراف دولى بين امم الاسلام المسبحة لله سبحانه وتعالى الا بذلك الاسلام فأى امة لا تقيم شرع الله سبحانه وتعالى ليس لها اعتراف دولى بين الامم المسبحة لله من خلقه سبحانه وتعالى
لذلك فدولة الاسلام التى ابينها هى دولة صار السجود لها وصفا وحالا ظاهرا وباطنا
ولا يتأتى ذلك الا بتطبيق شرع الله سبحانه وتعالى شرعا دوام تطبيقه يجعل هناك تأصيلا لمراد الله سبحانه وتعالى لدى اهل الاسلام بتلك الدولة تتقطع معه خيوط العنكبوت التى تحيط بنا والتى جعلتنا فريسة سهلة للشيطان الذى غلفنا بخيوط ضلال شرعه الذى يحكم امرنا
قال تعالى {مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاء كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ }العنكبوت41
و البيت هو مجموعة القوانين التى تحكم ذلك البيت وجاء بكلمة البيت لبيان اننا صرنا نحيا داخله ونتبع قوانينه فى كل شىء ليلا ونهار وسجنا لنا ليكون صبغة لنا فنكون نحن والشيطان سواء
وتجسيم البيت هنا ايضا صار مشكلة عند اهل الاسلام
فى عصرنا الحالى
لذلك فالمسجد الذى اسعى لبنائه فى دولة الاسلام هو مسجد بلا جدران فكما ان صفات الله سبحانه وتعالى هى الصفات العلى و لا تكيف ولا تشبه ولا تعطل فان المسجد الذى ادعوا اليه ويسجد به المسلم هو ايضا مسجد دولة الاسلام حيث حقق من اثر محبة الله سبحانه وتعالى ان صارت دولة الاسلام مسجدا طيبا لأهلها بالاسلام الذى صار صبغة لها فى ظاهر امرها وباطنها
لذلك قال صلى الله عليه وسلم جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا
فكلمة مسجدا وطهورا جمعت الامر كله اى ظاهر الامر وباطنه
اذ كما قلنا كلمات الاسلام ليست اعلاما جامدة ولكنها ذات دلالات وصفات
مسجدا دلالتها ان صار السجود صفة لأهل الاسلام ولما كانت الارض هو مكان اقامة الاسلام للبشرية فان الارض صارت هى مقام السجود الظاهرى والباطنى لأهل الاسلام
وطهورا فى الظاهر والباطن اى بالاسلام صار فعل السجود يشمل كمال الخلق الظاهرى وطهارته وكمال الخلق الباطنى وطهارته
ولا يتأتى ذلك الا ان يحقق المرء حب الله سبحانه وتعالى ولا يتاتى حب الله سبحانه وتعالى الا بتحقيق الشرط
قال تعالى {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }آل عمران31

والشر ليس اليه سبحانه وتعالى وسبحانه له الاسماء الحسنى والصفات العلى وسبحانه الحى الذى لا يموت
بالتالى صار المسلم المحقق لمراد الله سبحانه وتعالى ساجدا وطاهرا فى قوله وفعله فى طريقه الى الله سبحانه وتعالى فى كل زمن ينتقل اليه
ففى دنياه تلك بالاسلام حقق السجود والطهور ظاهر وباطنا فكان طيبا وكان قريبا الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فصار قريبا الى الله سبحانه وتعالى فاسبغ الله سبحانه وتعالى عليه معيته فأجرى مراده على قوله وفعله ولما كان مراد الله سبحانه وتعالى كى يجرى محبة على العبد لابد ان يكون العبد طاهرا طيبا اذ لا يجتمع الخبيث مع الطيب
بالتالى فدولة الاسلام التى يجرى مراد الله سبحانه وتعالى على اقوالها وافعالها حققت من الطهارة فى الظاهر والباطن ما يجعلها اهلا فى ان يجرى الله سبحانه وتعالى مراده على جوارحها
وتلك دولة الاسلام التى ادعوا اليها والعيش بها دولة المسجد بها ليس له جدران عقلى ولكن له العلو فى كل صفاته ويتعدى بذلك العلو فى الكمال على غيره فلا يرى من دولة الاسلام الا ما كان خالصا صوابا
فحقت السجود والطهارة فى القول والفعل ثم تنتقل دولة الاسلام بصفاتها وتتوسع حتى تبلغ الارض كلها فتكون صفة الاسلام فاعلة فى البشرية جميعا
عندئذ صارت الارض مسجدا وطهورا