[[ نقطة حول حقيقة الإيمان ...... ]]


ِ
في تذوّق الأحوال علمٌ أجلُّ من علم الإدراك العقلي للمعلومات.
فأشرف المعلومات هي معلومة أن: [لا إله إلا الله محمد رسول الله]
وأشرف الإدراك العقلي هو إدراك هذه المعلومة بإجمالها الأبلغ، وتفصيلها الأعلى...
_____________

ولكن لا يُغني إدراك إجمالها أو تفصيلها عن تذوّق أحوالها،
واستيداعها وأحوالها مُستَقَرَّ القلبِ، شهادةً ... وشهودا.
فإن هذا (التذوق-الشعور) هو في الحقيقة ما يسمى بالإيمان (تحقيقا).
إذ لا إيمان إلا إذا مسّت المعلومة شغاف القلب..
فأولِع بها ... قَبولا بها .. ومحبة لها.
_____________

وكلما زاد هذا الوَلَع ... ازداد تأثير الإيمان على الجوارح ...
وهذا يعني زيادة أعمال البر المترجِمَة للإيمان ...
وزيادة الأعمال بدورها تؤدي أيضا إلى زيادة الإيمان.
فعملية الإيمان - إذا جاز التعبير - عملية دائرية..
أو هي دورة متكررة باستمرار...
حتى ... ؟
_____________

حتى يبلغ المؤمن نصيبَهُ الأزلي المعلوم من الإيمان واليقين.
فمن الناس من يبلغ إيمانه مقدار حبة الحمّص ....
ومنهم من يبلغ إيمانه مثقال الجبال وأكبر من الجبال ...
كما كان إيمان أبي بكر رضي الله عنه.
_____________

وكلما زاد الإيمان ... زادت السعادة في الآخرة
وأكثر الناس نصيبا من السعادة هو
سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم
ثم سائر الأنبياء والمرسلين ..
ثم سائر صحب الأنبياء ..
ثم سائر الصالحين ..
ثم عامّة المؤمنين في كل زمان
_____________

ولا أحد يعلم نصيبه النهائي وقِسْمَتَهُ الأَزَليّة من الإيمان
فالجهل بهذا أمرٌ مُقدّرٌ منبثقٌ عن حضرة الرحمانية الإلهية ..
التي عبّرت عن إرادة الله مزيد السعادة للمؤمن
بتعمية نصيبه من الإيمان عنه في الدنيا
... حتى لا يتخاذل عن طلب المزيد منه
_____________

وأما أسرار قضية الإيمان هذه! ولماذا هي هكذا!
وكذا سرّ مسألة تفاوت أنصبةِ المخلوقات فيها!..
فهي كلها أسرارٌ متعلقةٌ بسرِّ (أمر الروح) وصفاتها وقابليّاتها ...
و{قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا}...
_____________

والحذر الحذر من الاعتراض الناجم عن عدم فهم السر
لأن هذا الاعتراض هو في حقيقته أزٌّ من الشيطان
فالشيطان شهوته هي في إنقاص مقدار الإيمان في قلوب بني آدم
وهمّه هو أن يشغل ابن آدم بالمبالغة في التفكير
في أمرٍ لا تصح مبالغة التفكير فيه!
فيخسر بذلك:
1- درجات ومثاقيل من الإيمان نفسه
2- وقتا ضائعا كان يمكن استثماره في تكثير وتنمية الإيمان
_____________

ولا أعتقد أنه يمكن لأي مخلوق أن يطّلع على (حقيقة كُنه) سر الروح...
ربما لأن الله يعلم أن هذا مما لن يزيد من سعادة هذه المخلوقات..
أو لأن هذه المعرفة لا تجوز للمخلوق أصلا ...
... لتعلّقها باستحالة الإحاطة العلمية بذات الله تبارك وتعالى أو بصفاته.
وإنما يتفاوت العارفون في مدى علمهم بمتعلِّقات هذا السرّ وتجلياته وآثاره.
ِ
والله أعلم.


بقلم الاستاذ : يسار إبراهيم الحباشنة
بتاريخ : 17/03/2015