رحلتِ
رحَلْتِ فراح عيشٌ مُستطابٌ....وغبْتِ فحلَّ في الدنيا القطوبُ
فلا خبرٌ يُخفِّفُ ما أعاني.........و لا عطرٌ يضوعُ و لا مجيبُ
ففي بابي حمامُ الأيْك يبْكي.....و داخلَ غُرْفتي ترْسو الكروبُ
إذا نام الجميعُ قَضيتُ ليلي.......أداري الطيفَ إنْ ولَّى يؤُوب
تركْتِ القلبَ للأَحْزان مأوى......و لم يرْأفْ به الضرُّ العصيب
و حتَّى البدْرُ بعدَ البيْنِ أضحى......تغطِّيه التعاسةُ و الشحوبُ
و كانَ العيشُ صُبحًا مُسْتنيرًا.....و بعد البين قدْ جاءَ الغروبُ
تَذكَّرْتُ الصَّبابةَ في التلاقي ..........فأبْكاني التذكُّرُ و اللغوبُ
زمانُ النحْس لا يرْتاحُ إلا...........إذا ولَّى عنِ النفْس الحبيبُ
تَقضَّتْ حِقْبةٌ كانتْ نعيمًا............و أقْفرتِ الأماني و الدروبُ
لقدْ أصْبَحتُ في الدنيا عليلاً .............فإنَّ البيْنَ همٌّ لا يشيبُ
تُهاجِمني الخُطوبُ وشرُّ شيْءٍ..لنفْس المرْءِ في الدنيا الخطوبُ
أردْتُ منَ الهوى عيشًا رغيدًا.......و لكنْ منْه جاءَتْني الندوبُ
و جرَّبْتُ الصُّعودَ إلى المعالي......و لكنْ عاقني الدَّهرُ الغلوبُ
أخَافُ اذا رجعْتِ اليَّ يوْمًا............يَكونُ الجسْمُ أفْناهُ المشيبُ
و نهْرُ الشوْق جُفّف بالمآسي......و رأْسُ العزْم قدْ غطَّاه شيبُ
و مَدُّ العجْز قيَّدَ كلَّ شيْءٍ...........و طعْمُ الأكْلِ أضْحى لا يَطيبُ
يكونُ الكونُ ضاقَ و لمْ يَعدْ في.....مساحتِه لأَغْراضي النصيبُ