المدارس والمبدعين
تحدثت التلميذة الصغيرة معي وشكت من أن المدرسة لا تتفاعل بشكل إيجابي مع إبداعاتها، بل السلبية كانت الشعار في التعامل معها، فوعدتها بزيارة المدرسة "الخاصة" وقد لاحظت في الدقائق التي قضيتها في تلك المدرسة أن هناك مشكلة كبيرة وليست بالسهلة، لأن الطاقم في المدرسة لا يعرفون معنى الإبداع وبكل تأكيد لا يملكون القدرة على التعامل مع المبدعين والمبدعات، لم يبدو لي ذلك غريباً حينها، ولكن استمرت الملاحظات من هذا النوع وفي مواقع مختلفة.
يصعب التعامل مع الصغيرة التي تمتلك قدرات عالية على التفكير المنطقي، و تستطيع أن تناقش في مواضيع مختلفة بناءاً على تلك القدرة، و قد تحدثت معي مدرسة طفلة تمتك تلك القدرة وهي " المدرّسة " من المبدعات في الكتابة حيث قالت أنها تجد صعوبة في التعامل مع الطفلة لكثرة ما تناقش في المواضيع التي تدرس، و حدثتني مدرّسة تدرس في مدرسة خارج العاصمة بأن زميلاتها نصحوها بعدم التعامل مع طالبة مميزة، و كتبت إحدى الزميلات تعليقاً على موضوع نشرته بأن المدرسين / المدرسات في كثير من المدارس لايميزون بين التفوق الدراسي والإبداع.
تيسير التعامل مع المبدعات الصغار أو المبدعين في المدارس والجامعات بشكل عام، يتطلب وجود مدرسين يهتمون بتطوير قدرات تلاميذهم وطلابهم، فالإبداع كقدرة عند المدرسين في المدارس والجامعات لا تكفي لتصنع طلاباً وتلاميذ مبدعات و مبدعين إلا إذا كان المدرسة / المدرّس المميز / المبدع يسعى لصناعة المبدعين وتطوير القدرات عندهم في ما يمتلكون القدرات الإبداعية فيه من المواد، وهذا ما لاحظته في مدرستين من المدارس، حيث كانت المدرّسة مميزة بقدراتها الإبداعية وبالرغبة في تطوير قدرات تلميذاتها، وفي الثانية كانت المديرة هي صاحبة المبادرة في السعي لتطوير وصناعة المبدعات من تلميذات مدرستها.
أتمنى لو أن إعداد المعلمين يتضمن تعريفاً بالإبداع، وكذلك توضيح لأساليب التعامل مع المبدعين والمبدعات في المدارس والجامعات، مما يحفزهم ويوصلهم إلى درجات من التميز في ما هم مبدعين فيه من المواد الدراسية، وهذا يفتح الطريق لصناعة العلماء المبدعين في المجالات المختلفة، التوجيه والتحفيز والنصح الصادق للتلاميذ والطلاب قد يحقق لهم ولبلدهم الخير الكثير.

باسم سعيد خورما