في السخرية وغيرها
يتعرض المبدع إلى الكثير من الأمور من المجتمع الذي يعيش فيه، ومن أبسط ما قد يواجهه السخرية من أعماله و أفكاره و التزامه بعمله وتوجهه، و قد يفقد بعض أصدقاءه ، و يعامل بإهمال هو وما قدم من أعمال ممن حوله مباشرة و من المجتمع بشكل عام، و ليس هذا فحسب وإنما قد يكون هناك من يصد الناس عنه و عن أعماله، حتى و إن كانت هذه الأعمال ليست لخدمة ذلك المجتمع فقط و إنما قد تخدم العالم أجمع، هذا إن لم يواجه كل ذلك بالإضافة للحقد والحسد وما يتبعهما من تصرفات وأضرار مادية و نفسية و جسدية على المبدع.
في أكثر من مناسبة وبأساليب مختلفة، استمعت لكلمات مثل " أتمنى لو أني أفهم ما تكتبه" أو ما أفهمه من كتاباتك أعلق عليه أما مالا أفهمه فأتركه، وهذا ومثله كثير لأغراض الإستهزاء والسخرية، فقلت لأحد الأصدقاء في أحدى المناسبات لكل إنسان قدراته المعرفية، و قلت لأخر : ذكرتني بقصة أحمد الفراهيدي وأبنه، حيث استمع الإبن لأبيه وهو في بداية عهده بتقطيع أبيات الشعر فقال للناس أن أباه قد جنّ، ورد عليه الفراهيدي ببيتين من الشعر حيث قال :
لوكنت تعلم ما أقول عذرتني ** أو كنت تعلم ما تقول عذلتك
لكن جهلت مقالتي فعذلتني ** وعلمت أنك جاهل فعذرتك
يقتضي أدب الحديث أن يستفسر الإنسان عما لا يفهمه من الأمور، وقد يجاب إلى طلبه، لكن الكثيرين من الناس لا يزعجون أنفسهم في محاولة لفهم ما يقدم لهم من معلومات، وقد يتطلب ذلك بذل جهد حقيقي، لكن النتيجة تطور صاحبها وترفع من مستواه المعرفي، أما آن لنا أن نتهم أنفسنا أولا قبل أن نتهم الغير؟ هناك كثير مما يضيع أو يضيّغ بسب ثقتنا الزائفة بأنفسنا، مهما كانت لدينا مميزات وقدرات، فإن ما لدينا قليل مقارنة بما يتوجب علينا السعي لمعرفته.
باسم سعيد خورما