القرآن نذيرٌ لكل إنسان أو جان

************************************************** *****************************************
.................................................. .................................................. ..

خلقنا الله جميعاً من نفس واحدة هى سيدنا آدم عليه السلام .
خلقها الله من التراب والطين ومن الصلصال والحمأ المسنون . ومن هذه النفس خلق الله أمنا حواء فأصبح هناك ذكراً وأنثى وبسكنى كل منهما إلى الآخر
نشأت الألفة والمودة ثم أتت الرغبة ومن الرغبة نزل الماء الدافق من بين الصلب والترائب وباختلاط الماءين ماء الرجل وماء المرأة نتج الحمل وحملته الأنثى فى رحمها
وتحملت ثِقله بأمر ربها ووضعته وجاء التناسل . ومن التناسل جاء التزاوج ومن التزاوج جاءت الذرية والسلالة ومن الذرية والسلالة كان هذا العالم من البشر أجمعين .
يقول رب العالمين : { وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنتُم بَشَرٌ تَنتَشِرُونَ } .
فالنشأة الأولى لسيدنا آدم خلقها الله من التراب والطين . ونشأتنا نحن جاءت بالتناسل من الماء المهين .
{ وَبَدَأَ خَلْقَ الْأِنْسَانِ مِنْ طِينٍ ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ }
وأشهدنا الله على أنفسنا ونحن فى أصلاب آبائنا وأرحام أمهاتنا بأنه ربٌ لنا ولكل الخلق والعالمين فكانت تلك الشهادة هى فطرتنا التى فطرنا الله عليها وفطر كافة الناس أجمعين .
يقول سبحانه وتعالى فى كتابه المبين : { وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ : أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ : بَلَى شَهِدْنَا .. } .
ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهوّدانه أو ينصّرانه أو يمجّسانه ) متفق عليه
وجعلنا الله خلائف على هذه الأرض يخلف بعضنا بعضا نستخلف من كان قبلنا ويستخلفنا فيها من يأتى بعدنا .
يقول جل ذكره : { وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً } .
أى : نستخلف فيها من سبقنا ويستخلفنا أولادنا وهكذا يخلف بعضنا بعضاً فى هذه الأرض الحياة .
...
وبعد أن غمر الطوفان الأرض وأصاب قوم نوح وأغرقهم لكفرهم بالله وتكذيبهم لنبى الله جاءت الذرية والسلالة من نسل وذرية نبى الله
ونسل وذرية من كان معه على ظهر السفينة من المؤمنين. يقول رب العالمين :
{ جَعَلْنَاكُمْ خَلاَئِفَ فِي الأَرْضِ مِن بَعْدِهِم لِنَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ } .
.......
وعلى مر العصور والدهور أرسل الله إلى البشرية أنبياء ومرسلين اصطفاهم الله واختارهم من بين أقوامهم وبعثهم إليهم ليكونوا لهم مبشرين ومنذرين
يدعونهم إلى وحدانية الله ويحذرونهم من الكفر والشرك بالله . يقول عز وجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم :
{ وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ }
كانوا يذكّرون أقوامهم بالفطرة التى فطرهم الله عليها ويبينون لهم أن الله قد أعد للمؤمنين منهم جنة وثواباً وللكافرين والمشركين ناراً وعقاباً
حتى لايأتون فى يوم الدين ولهم حجة أمام الله . يقول عز وجل : { رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ } .
..
من الأنبياء من قصّهم الله علينا ومنهم من لم يقصصهم الله . يقول سبحانه وتعالى لرسول الله صلى الله عليه وسلم :
{ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِّن قَبْلِكَ مِنْهُم مَّن قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُم مَّن لَّمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ }
اختص الله كل نبى منهم بآية ومعجزة خصّه الله بها لتكون دلالة له على صدق نبوته ويقين دعوته مثلما جعل الله النار برداً وسلاماً على سيدنا إبراهيم .
وأرسل الناقة إلى قوم سيدنا صالح . ونجى الله سيدنا يونس من بطن الحوت . وألَان الله الحديد لسيدنا داود . وسخر الريح والجان والشيطان لسيدنا سليمان
وعلّمه منطق الطير والحيوان . وخصّ سيدنا موسى بالعصا واليد . وعلّم سيدنا يوسف التأويل وبعد أن كان سجيناً صار عزيزاً .
ومثلما اختص سيدنا عيسى بإحياء الموتى وإبراء الأكمه وشفاء الأبرص ....

هذه المعجزات كانت تنتهى بانتهاء رسالة كل نبى أو رسول إلا آية ومعجزة واحدة ظلت وستظل باقية وهى :
كتاب الله الكريم وقرآنه الحكيم ..
...

هذه الآية والمعجزة أنزلها الله على رسول الله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم لأنه آخر نبى وآخر رسول وجعلها الله نذيراً له ولقومه ولكل من يأتى من بعده
من أى شعب من الشعوب أو أمة من الأمم ولأى قوم من الأقوام وفى أى زمان أو مكان . يقول جل ذكره :
{ تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ .. لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً } .
..
قوم وأمة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم هم : كل من خلقهم ويخلقهم الله على هذه الأرض فى كافة البلاد والبلدان والأقطار منذ أن بعثه الله بالرسالة وحتى قيام يوم الساعة .
يقول جل شأنه : { وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً .. وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ } .
..
انتقل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مثواه شاهداً علينا وشاهداً على كل الشعوب والأقوام .
..
وحفظ الله آيته ومعجزته فى كتاب لايأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه . كتابٌ يُهتدى بآياته ويقتدى ببيناته أبواب العلم والحكمة فيه لاتحصى ولاتستقصى .
أعطى الحقوق ومنعها وأراق الدماء وحقنها وأباح الفروج وحظرها وأقام الحدود ودرأها . فيه نبأ الأولين والآخرين وما كان من قَصص الأمم والسابقين .
كتابٌ واضحٌ سبيله راشدٌ دليله من استضاء به أبصر ونجا ومن أعرض عنه زل وغوى . سُمّىَ بالكتاب للعناية بتدوينه كتاباً وبالقرآن لحفظه وقراءته قرآناً .
أدهش العقول والألباب وأبهر فصحاء العرب وأمراء البيان ووقفوا أمامه حيارى مبهوتين .
لو اجتمع كافة الإنس والجان منذ بدء الخليقة وحتى يوم الدين فلن يحيطوا بعلمه ولا بما فيه من بيان أو تبيان ولن يأتوا بفصاحته أو طلاوته وليس لأىٍ منهم
أن يحيط بوجوه لفظه أو بلاغته ولابمتانة أسلوبه أو لطائف إشارته .
عجز المشككون والمبطلون من أهل الفصاحة واللغة عن الإتيان بمثله أو بما يماثله . عجزوا عن الإتيان بعشر سور أو بسورة واحدة .
عجزوا عن الإتيان بمجرد حديث يشبهه .. عجزوا ومن تلاهم من سائر الأعصار أعجز ..
..
قصّ الله فيه على نبيه ورسوله صلى الله عليه وسلم وأوحى إليه بما كان فى غابر العصور والأزمان وما حاق بمن سبقه من أقوام . يقول عز وجل :
{ تِلْكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَا أَنتَ وَلاَ قَوْمُكَ } .
كشف الله له ما أصابهم جزاء كفرهم وشركهم وتكذيبهم لأنبيائهم ليكونوا عبرة واعتبار وليتعظ منهم أصحاب العقول وأولى الأبصار .
وقد كانوا أشد منا بنياناً وأكثر أموالاً وأطول أعماراً وأقوى آثاراً .
...
من هذه الأقوام : من كانت لهم قلوب يفقهون بها وعقول يعقلون بها آمنوا بالله ووحدانيته وصدّقوا بأنبيائهم ورسلهم مثل :
قوم سيدنا سليمان وقوم سيدنا يونس عليهما السلام .
...
ومنهم : من آثروا الكفر على الإيمان فأهلكهم الله بعذابه ونقمته وصبّ عليهم غضبه ولعنته مثل :
قوم نوح ( أغرقهم الله بالطوفان ) . وقوم عاد ونبيهم هود ( أهلكهم الله بريح صرصر عاتية ) . وقوم ثمود ونبيهم صالح ( أهلكهم الله بالصيحة والرجفة ) .
وقوم فرعون ونبيهم موسى وهارون ( أخذهم الله فى اليم أخذ عزيز مقتدر ) . وقوم لوط ( أهلكهم الله بحجارة مسوّمة ) . وقوم شعيب
( أهلكهم الله بالصيحة والرجفة ) . وأصحاب السبت ( مسخهم الله قردة خاسئين ) . وأصحاب الفيل ( أرسل الله عليهم طيراً أبابيل ) . وغيرهم من الأقوام .
يقول عز وجل : { أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَا كُلَّ مَا جَاء أُمَّةً رَّسُولُهَا كَذَّبُوهُ فَأَتْبَعْنَا بَعْضَهُم بَعْضاً } .
ويقول جل شأنه : { فَكُلّاً أَخَذْنَا بِذَنبِهِ فَمِنْهُم مَّنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِباً وَمِنْهُم مَّنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُم مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُم مَّنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ
وَلَكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ }
..................................................

ومنهم : من لم يعاجلهم الله بعذابه وعقابه وأمهلهم إلى يوم القيامة وهم قوم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمته . أمهل الله عقابهم وقضى سبحانه وتعالى بتأخير العذاب عنهم :
علّ الكفار والمشركين منهم أن يؤمنوا ويوقنوا بأن لاإله إلا الله ويصدقوا بأن الإسلام هو دين الله ..
وعلّ العصاة من المسلمين أن يتوبوا ويستغفروا ربهم ويؤوبوا إلى طاعة الله .

يقول رب العالمين : { وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ .. وَمَا كَانَ اللّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ }.
...
ولولا كلمة من الله سبقت بإمهالهم وتأخير العذاب عنهم إلى يوم الدين لعاجلهم الله بعذابه وعقابه ولأخذهم أخْذَ عزيز مقتدر . يقول عز وجل :
{ وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ .. وَلَوْلَا أَجَلٌ مُّسَمًّى .. لَجَاءهُمُ الْعَذَابُ وَلَيَأْتِيَنَّهُم بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ }.
ويقول جل شأنه : { وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ .. وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ } .
..................................................
صلى الله وسلم على نبيه ورسوله الذى أرسله الله رحمة لنا ورحمة لكل الأمم والعالمين .
.................................................. .................................................. .
************************************************** ************************************************** ************
سعيد شويل