منهجية الانتقال من مطارد الى حارس للدعوة

أخذ النبى صلى الله عليه وسلم فى هجرته الى المدينة كل الاحتياطات وبكل أسباب الحذر بعد الاعداد والتخطيط المتقن ، وفى توكله على الله استكمال لشروط الانجاز والنجاح .. فكان العون والتأييد للرسول المناضل الأول من أجل الرسالة والمنهج بما يليق ومكانته وقربه من ربه وبدوره الذى يقوم به ، وبما يناسب ما تواجهه الدعوة الوليدة ساعتئذ من تحديات ، فكانت المعجزات وتعمية العيون وهو يخرج من بيته ، ووجوده بالغار هو وصاحبه ولا يراه الكفار ، كل ذلك مقروناً بالجهد العقلى والحركى .
من يحمل المنهج والدعوة بعد الرسول صلى الله عليه وسلم مطالب باعتبار السنن والتعامل مع الواقع بما يتطلبه من تفكير وتخطيط واعداد والأخذ بكل الوسائل والأسباب الضامنة للنجاح والانجاز .
أما المعجزات فخاصة بالرسول وحده ، واذا كانت الدعوات لا تستجاب كدعوات النبى فور النطق بها كسقوط فرس سراقه بن مالك " اللهم أصرعه .. فصرعه الفرس ثم قامت تحمحم " .. ليتحول الذى شاهد المعجزة الرسولية من مطارِد وملاحِق لصاحب الدعوة والرسالة يريد قتله الى مؤمن به ، بل وحام له ولحارس لدعوته ، عندما قال للرسول : يا نبى الله مرنى بما شئت ، قال : " فقف مكانك لا تتركن أحداً يلحق بنا " .. ففعل ؛ أى وقف سراقة ليحمى ظهر الرسول ويحرسه !
أصحاب المنهج مطالبون اليوم بالسنن الواقعية والأخلاق والاحترافية والابداع وبالتعامل مع الواقع والتحديات بأدوات عالم الشهادة - لا عالم الغيب - وساحة الواقع - لا الخيالات والأمنيات والرؤى - بتحويل مطاردى الدعوة فى العالم الى حماة وحراس لها .. " قف مكانك ، لا تتركن أحداً يلحق بنا " ..
حملة المنهج والدعوة لا ينتظرون معجزات انما يتعاملون مع واقع ، وسراقة بن مالك فى ربوع الأرض لا يتحول من مطارد وملاحق للدعاة بمجرد التمنى ، انما هناك آلاف الخطط والرؤى الواقعية المدهشة التى تحول مطاردى الدعوة الى حماة وحراس لها .
كان الرسول صلى الله عليه وسلم بامكانه أن يدعو فيقضى على سراقة نفسه لا على فرسه ، لكنها الخبرة المنهجية التى يورثها لرواد المنهج ومريديه ومحبيه ورعاته ، بأن يستبقوا المطاردين فلا يبذلوا جهدهم ويصرفوا كل خططهم فى كيفية القضاء والتخلص منهم ، انما فى الوصول الى أداة ما وسلوك ما يدهش ويسحر ذلك المطارد للدعوة ويحوله الى حارس لها .
ترك لنا القائد المنهجى صلى الله عليه وسلم الفكرة العامة .. وعلينا نحن الابداع فى الوسائل والآليات لنجعل من كارهى المنهج ومطارديه حماةً وحراساً له