[سألني أحد المتشككين]:
ِ
إذا كنا في الأصل أرواحا في عالم الغيب، ثم ألبسنا الله هذه الأجساد لدى دخولنا هذه الدنيا، فلماذا إذن لا نتذكر شيئا خارج وجودنا على الأرض؟ فلا نتذكر شيئا عن وجودنا في ذلك العالم الغيبي كأرواح؟
ِ_________________________
ِ
[الجواب]:
ِ
التذّكر له علاقة باللغة، واللغة لها علاقة بالزمان والمكان.
فالإنسان لا يبدأ يتذكّر حتى يصبح على علم باللغة...
وذلك ليس قبل ثلاث سنوات بعد ولادته.
وكذلك حاله قبل أن يُخلق على الأرض.
فكما أن الإنسان لا يتذكر نفسه وهو جنين أو رضيع..
فكذلك لا يتذكر نفسه كروح في عالم الغيب.

فالتذكر يتعلق بـ المعلومات. والمعلومات متعلقة باللغة.
أما إدراك الروح - خارج الزمان والمكان - فهو إدراك تلقائي بحالتها ... ولا تحتاج فيه إلى لغة ... إنما اللغة وجدت لحاجة الإنسان للتعبير وإيصال الفكرة إلى الآخرين. أما الروح فلا تحتاج إلى التعبير باللغة لأنها:

أولا: ليست بحاجة في شأن حياتها للآخرين.
وثانيا: لأنها لا تحس بالفرق بينها وبين الآخرين.
ِ
فهي ليست متلبسة بـ (الأنا)... بل مرتاحة منها.

وهذا الإدراك الروحي هو الموطن الأصلي الذي نشتاق إليه. ولا يمنعنا من أن نعيش هذا الإدراك الحاضر إلا وجود هذه (الأنا) فينا. فإذا ما زالت .. انكشف الغطاء.. فبصرك اليوم حديد. وقد ينكشف هذا الغطاء جزئيا أو مؤقتا قبل الموت.
ِ
{وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا. أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين} [الأعراف:172]
ِ
والجواب هنا من بني آدم ليس باللسان .. إذ لا ثمة ألسنة بعد. ولكنه قول بوساطة الإدراك الروحي الحاضر ... بجوابٍ منكشفٍ لله تعالى أزلا، وبلا واسطة سمع.
ِ
والله تعالى أعلم.


بقلم الأستاذ : يسار إبراهيم الحباشنة - حفظه الله تعالى -
بتاريخ : 11 /04/ 2015