الثقة بالنفس
قدم الباحثان دننج و كروجر بحثهما وقالا فيه " أنه كلما إزداد الإنسان علماً كلما إزداد الشك عنده بما لديه من معرفة، وأن الثقة بالنفس تزداد كلما قلت درجة المعرفة"، لذلك فإن أصحاب العقول القادرة على إنتاج المعرفة لا يتحدثون بها إلا بعد أن يتم التأكد بالكامل من دقة المادة المقدمة "وعلى وجه الخصوص" إذا كان ما سيقدم هو معرفة جديدة غير مسبوقة في موضوع معين.
الثقة بالنفس ودرجاتها التي تزيد عند البعض على 20 درجة بمقياس رختر، قد تؤدي بهم لأن يسألوا أحد العلماء الباحثين المميزين سؤالاً على درجة عالية من الوعي والذكاء : هل أنت كتبت هذا ؟؟ و قد أبتسم العالم وأجاب سأرد على سؤالك لاحقاً، لم يكن السؤال بسيطاً في معناه بالنسبة لي، فقد اجتاز المعنى القريب إلى المعنى الأعم وهذا المعنى يقول أن لدينا أناس كثر على درجة عالية من الثقة بالنفس مما يجعلهم واثقين بأنه لا يوجد بيننا من لديهم القدرات على صناعة المعرفة!! وعليه فإنهم واثقون بأن كل من يكتب هو ناقل للمعرفة فقط لاغير! وأريد أن أستوضح هنا هل ثقتهم بما يكتبه ويقوله غيرهم تنطبق على كتاباتهم وأقوالهم؟؟.
أليس غريباً ألا يلحظ السائل المعرفة المقدمة ممن سأله عبر الجلسات الطويلة السابقة؟؟ وعبر الأحاديث الأسبوعية؟؟ أليس غريباً أن يجلس إنسان بين من لا يملك القدرة على أن يستفيد من أقوالهم ؟؟ هل... ولماذا..؟ وكيف ..؟؟ كل الأسئلة طرحتها قبل أن أبدأ في كتابة هذه السطور، والسؤال الكبير ماذا كان الحافز وراء حضور مثل هذا الإنسان لمكان فيه جلسة حوارية مدخلها أم العلوم " الفلسفة " و موضوعها التفكير " الناقد " للمنتج الأدبي، هناك طبقات في كل شيء بما في ذلك الإبداع والقدرات الإبداعية والتفكير وأساليبه، ويتوقع ممن هم على طريق أن الإبداع أن يمتلكوا الحد الأدنى من اللباقة في الحديث والإستفسار، لكن المصيبة أن يكون هناك مبدع على درجة عالية من الثقة بالنفس.
الساعون للإبداع الأدبي أو في أي مجال آخر، عليهم أن يطوروا قدراتهم العلمية وأن يسعوا لإمتلاك مهارات الحياة وأتمنى أن يتعلموا أساسيات التفكير كالفرق بين ما هو منطقي وما هو غير ذلك، وبكل تأكيد الفرق بين الرأي والحقيقة العلمية أو الحقيقة المثبتة بالنظر، لن يستطيع أحد مساعدة من لايريدون مساعدة أنفسهم، أو من يظنوا أنهم وصلوا إلى قمة المعرفة، على كثير من الناس أن يساعدوا أنفسهم أولا قبل أن يسعوا للمساعدة من الآخرين.
باسم سعيد خورما