المقبرة الكبرى :
المقبرة هى مكان لا حياة فيه قط ويجمع من الصفات ما ينفر ان يكون مكان حياة لمن يعلم معنى الحياة
ومعنى ان يوصف الانسان بالحياة هو ان يحيا الكمال الذى لا خلل فيه وكلما كان هناك الخلل فى حياته كلما كان وجوده معدوما اصلا اذ لم يحقق اصل وجوده الذى يجعل فيه حياة
والحياة لا تكون الا وفق منهج حقق الصحة المطلقة لمعنى الحياة
اذ ما معنى ان يكون هناك انسان مجرد ألة تتحرك بلا برنامج يحكم تصرفاتها التى تجعلها فى كمال مع ما حولها من ألات
قال صلى الله عليه وسلم( مثل الذى يذكر ربه والذى لا يذكر ربه مثل الحى والميت )

وجيئت يذكر بالفعل المضارع لدوام واستمرارية الذكر والذكر لا يكون الا وفق مراد رب العالمين سبحانه وتعالى
ومراد الله سبحانه وتعالى هو اقامة حال النفس الظاهرى والباطنى على مراد الله سبحانه وتعالى من الاقوال والافعال الظاهرة والباطنة
اى اقامة الالوهية لله سبحانه وتعالى كفعل من البشرية يدل على ذلك
كما لم يؤت باسم الجلالة الله لأنه جىء بما يدل على تعدى افعاله سبحانه وهو الربوبية
اذ ان رب العالمين سبحانه وتعالى هو خالق كل شىء ومالك كل شىء ومدبر امر كل شىء
بالتالى تم ادانة البشرية التى لا تقيم حق ربها فى التسليم له كما يجب
وما يجب لرب العالمين سبحانه وتعالى هو افراده بالعبادة واقامة اقوال وافعال النفس الظاهرة والباطنة على مراده سبحانه وتعالى
والله سبحانه له الاسماء الحسنى والصفات العلى
واسمائه الحسنى سبحانه هى اسماءه المثبته بكلامه سبحانه وتعالى وبقول رسوله صلى الله عليه وسلم وليس للعقل دخل فيها فليست استنتاجية عقلية فهى مقيدة بهذين المصدرين
للعلم بالله سبحانه وتعالى
اذ العلم بالله سبحانه وتعالى
يشمل العلم باسمائه سبحانه وتعالى
والعلم بصفاته سبحانه وتعالى
والعلم بمراده سبحانه وتعالى
فالعلم بالاسماء والصفات يجعل الانسان فى اخلاص فى امره مع الله سبحانه وتعالى
فلما تعلم ان سبحانه له الاسماء الحسنى اسماء ذات دلالات واوصاف فى اعلى صور الكمال فى الاسم والصفة سبحانه وتعالى
ثم العلم بصفاته الفعلية سبحانه وتعالى ثم العلم بصفات الذاتية دون تشبيه او تعطيل او تكييف بالتالى صار الاستسلام استسلاما معقودا بالقلب على العلو لله سبحانه وتعالى علوا يليق به سبحانه وتعالى
بالتالى صار العمل وفق مراده سبحانه وتعالى ببيان رسوله صلى الله عليه وسلم معتقدا انه لا يحقق الا كل العلو للنفس البشرية فلما كانت صفاته سبحانه وتعالى هى الصفات العلى سبحانه وتعالى لزم ان يكون مراده معبرا عن ذلك العلو فى خلوه من الخلل سبحانه
بالتالى صار القيام بمراده سبحانه وتعالى فى طمأنينة ان العاقبة لمن اطاع امره وعمل وفق مراده سبحانه وتعالى بالتالى كانت الحياة

وسبحانه بين لنا حال خلقه المقيمين لأمره فيمن حقق التسبيح له سبحانه وتعالى

قال تعالى {وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلاَئِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَن يَشَاءُ وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ }الرعد13

قال تعالى {تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَـكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً }الإسراء44

قال تعالى {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ }النور41

قال تعالى {هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاء الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ }الحشر24

والتسبيح فعل حق الله سبحانه وتعالى بالاتيان بكل ما امر به سبحانه وتعالى مع المحبة والتعظيم له سبحانه وتعالى دون الاخلال بأمر ما من اوامره سبحانه وتعالى
والافعال المحققة للصواب لا تصدر الا من كان له العقل فى اعلى درجات كماله
والعقل ليس بالمفهوم البشرى ولكن العقل هو اقامة حال المخلوق على مراد الله سبحانه وتعالى والمسبح اقام مراد الله سبحانه وتعالى فى اعلى صور الكمال
قال تعالى {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ }الحج46
ليأتى السؤال ما دلالات كلمتى القلوب والصدور هنا
القلوب هى المركز الباطنى الخفى الذى يحوى المنهج الذى على اساسه سيكون هناك افعاله المصدرة لمن حوله من الخلق
لذلك الكائن الوحيد فى الخلق الذى يتهم بتفاوت العقل له هو الجن والانس
والانس الذى ننتمى له نحن افعاله تتفاوت لتفاوت عقله على مراد الله سبحانه وتعالى لذلك هناك التفاوت فى افعاله المصدرة لمن حوله من الخلق كعلاقة والمصدرة الى الله سبحانه وتعالى كعبادة
لذلك كلما بعد العقل عن مراد الله سبحانه وتعالى حتى يكون امره كله مخالفا لله سبحانه وتعالى صار هناك العمى فى كل مايصدر من الانسان فكان هناك العمى المطلق فكان هناك الموت اذ لا بصيرة فى فعل او قول من الاقوال
لذلك كان هناك القول السوء والفعل السوء من البشرية فكانت هناك المقبرة التى لا يصدر من جثثها الا الامراض والاوبئة والرائحة الخبيثة وجمع كل صفات الوحشية حولها تنهش من تلك الجثث
ثم يكون التحلل والعدم
والبشرية الان ببعدها عن اقامة شرع الله سبحانه وتعالى صار هناك المقبرة للبشرية بأكملها اذ صارت الارض الان ظاهرها وباطنها بمثابة المقبر تتحرك عليها جثث البشرية
عليها برائحتها الخبيثة وافعالها المنتنة وصفاتها القبيحة وظلمتها

والنجاة لابد لها من بداية والبداية هى تحقيق العبادة لله سبحانه وتعالى باثبات ما اثبته لنفسه سبحانه ونفى ما نفاه عن نفسه سبحانه وتعالى فى كلامه سبحانه وتعالى وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم وتحقيق ما يدل على ذلك من العمل بشرعه سبحانه وتعالى
فيقدم اهل الاسلام حينئذ معنى الحياة للبشرية لتكون هناك البداية للبشرية وفرصة الاختيار لمن ولد اعمى ويحيا العمى مع قومه
فهل نبدأها بداية من اليوم لنحيا معنى الحياة الحق ام ان المقبرة صارت ادمانا ومتعة وصارت الجثث متراكمة فوق بعضها البعض اكواما حتى انقطعت الحيل عن الخلاص

لكن هناك الامل وهى صفات الله سبحانه وتعالى وصفاته

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : إِذَا تَقَرَّبَ الْعَبْدُ مِنِّي شِبْرًا تَقَرَّبْتُ مِنْهُ ذِرَاعًا ، وَإِذَا تَقَرَّبَ مِنِّي ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ مِنْهُ بَاعًا ، وَإِذَا أَتَانِي مَشْيًا أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً ، وَإِنْ هَرْوَلَ سَعَيْتُ إِلَيْهِ ، وَأَنَا أَسْرَعُ بِالْمَغْفِرَةِ "