أحدث المشاركات

نسجل دخولنا بذكر الله والصلاة على رسول الله» بقلم عوض بديوي » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» قراءة في كتاب رؤية الله تعالى يوم القيامة» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» اتجاهات» بقلم بسباس عبدالرزاق » آخر مشاركة: بسباس عبدالرزاق »»»»» نظرات بمقال هل تعلم أن مكالمات الفيديو(السكايب) كانت موجودة قبل 1» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» افتكرني يا ابني» بقلم سيد يوسف مرسي » آخر مشاركة: سيد يوسف مرسي »»»»» جسور الأمل.» بقلم أسيل أحمد » آخر مشاركة: خالد أبو اسماعيل »»»»» أنا لن أحبك لأن الطريق مغلق» بقلم سيد يوسف مرسي » آخر مشاركة: سيد يوسف مرسي »»»»» دعاء لا يهاب ! _ أولى المشاكسات» بقلم أحمد صفوت الديب » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» من أوراق الولد الطائش» بقلم محمد نديم » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» خـــــــير البريـــــة ....وانــــا» بقلم وفاء العمدة » آخر مشاركة: أسيل أحمد »»»»»

النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: تديّن اليوم المفرغ من رُوحِه ..

  1. #1
    الصورة الرمزية إدريس الشعشوعي شاعر
    تاريخ التسجيل : Oct 2004
    الدولة : قلب كلّ مسلم
    المشاركات : 2,253
    المواضيع : 185
    الردود : 2253
    المعدل اليومي : 0.32

    Lightbulb تديّن اليوم المفرغ من رُوحِه ..




    إنّ التديّن الذي يعيشُه أغلبنا اليوم بفهمهم العامّ المنتشر، هو تديّن ليس حقيقيّ، لا بكونِهِ يُفَارقُ مظاهر ما كان يعيشُه الذين كانوا قبلنا من أزمنة مضت، بل بكونِ المظاهر في أزمنة مضت كانت متقاربةً مع حقائق الرّوح نوعاً ما، ولم تكُن مفرغة من روحها وحقائقها فيها، فجازَ للفهم العامّ للتديّن قبلنا أن يتماشى مع حقائق الرّوح، بعموم الخيرية الموجودة في الأمّة وكثرة الصالحين وقلّة الفتن وقتها، فأعطتْ الأزمنة الفائتة مُداراةً لعالَم الحقائق وحقيقة الإنسان وحقيقة التديّن القائم على الرّوح والفردية والفردانية بالدرجة الأولى. أعطت المداراةَ بحسبِ توافق الجوّ العامّ للنّاس مع مظاهر التديّن وفضائله وخيرية الزمان عموماً وقلّة شرّه وفتنه. فلم يجهَدْ ولم يتعب ولم ينفصِم من قبلنا انفصاماً عظيماً بين المظاهر والأحكام العامّة وبين الرّوح والحقائق الإنسانية الخاصّة التي يقومُ عليها الدين وجوهره.
    إنّ زماننا مفارقته عجيبة، وشرّهُ كبير لأنّك غالباً إن لم تُبحر وحدك بغربتك وسط التيار المنحرف، ضدّ التيار المنتشر فلن يصلَك روحُ الطريق وحقيقته، وأنت بإبحارك وتسفينك لوحدك لا تزدادُ إلاّ غربة وضياعاً .. بقدر ما تُحاولُ الحقائق الكبرى أن تثبّتك بقدر ما تعصِفُ بك الغربة النّاشزة فيك، كأنّه عليك أن تصنع عالمك بنفسك، وتستقلّ عن عوالم الغير ؟
    جميع الذين مرّوا الى التغيير، مرّوا من هكذا طريق، طريق الغربة والتغيير الفرديّ، ولكنّه في زمننا أشدُّ غربةً وأكثر غموضاً.
    بمعنى أنّ أزمنة مضت كان التقارب بين العامّ والخاصّ، والجوّ العامّ المنتشر يشفعُ للتدرّج الهممي والتفاوت الخيري والسّيري، ويمشي الضعيف في وسط ترانيم الأقوياء والقافلة الماضية، والخيرُ متقاربٌ وان تنوّعت المذاهب والمشارب، بخلاف زمننا الذي انقطعت فيه السّبل العامّة، والتيارات الكبيرة الجمعية التي كان يدخل وسطها في السابق من يدخل وتشفعُ له فيدفعه التيار شيئاً فشيئاً نحو التديّن القريب عموما، وان لم يكن هو المرادُ والخاصّ وتديّن العزيمة والسّبق الى الله تعالى. ولكن التيار العامّ كان يسحبُ من يقتربُ منه إلى مصاف النّجاة.
    أمّا زمننا فلا وجود لتيار عامّ يسحبُ نحو الصلاح المراد، فالتيار العامّ اليوم شُدّ بحبال التدجيل والانحراف وشُقَّ بالفصل بين المظاهر والروح، وبين الجوهر والتكاليف .. وعليه: فهنا في زمننا لم يبق للتديّن من عنوان سوى عنوانه الخاصّ الذي كان متدارياً بحقائقه الكبرى، وحقائق هذا التديّن تُفارق الكثير من المفاهيم الشائعة للتديّن العامّ الذي كان صالحا بما ذكرناه من ظروف وشروط. أي أنّ المظاهرَ التي كانت قائمةً في السّابق في عمومِها، أفرِغتْ اليوم من محتواها ومضامينها وصلتها بحقيقة التديّن، وجوهر المفاهيم وسليم المعاني والقيم.
    فالعنوان الخاصّ للتديّن الحقيقيّ، معاكِسٌ تماماً لما يشيعُ اليوم من التديّن الجماعيّ المسيّس الذي تخدعُهُ أشدّ ما تخدعُه المظاهر الموجودة في زماننا، من قلّة الخير وكثرة الشرّ والمناكر والفتن .. فالمظاهر الموجودة لا تُوحي لطالب الخير الاّ بالسّعي الجماعي وتغيير المنكر وإصلاح المجتمعات في خدعةٍ مركّبة... بيد أنّ الحقائق لا تطلبُ سوى أن تتغيّر أنت وحدك، ليحدث التغيير وينصلح الحال. أي أنّ الصلاح الحقيقيّ يقومُ على الصلاح الفردي الشخصيّ أوّلاً وأخيراً إن شئنا، ولكن معنى الصلاح حينما يقومُ في الفرد ينعكِسُ لا محالة حينها على الجماعة و المجتمع بقوّة، وهذا ما لا يبدو ظاهراً ولا يمكنُ فهمُه في هذه المفارقة والمتناقضة الغريبة ، والدوّامة التدجيلية التي صنعها الدجال والشيطان وحلفاؤهما.
    إنّ هذا الذي أقولُه هنا يحتاجُ الكثير من التحرير والتوضيح ولكنّه سرّ اللخبطة الحاصلة اليوم، وسرّ الانفصام والانفصال بين الروح والمعاملات ..

    أوّلاً لأنّ الإصلاح يحتاجُ إلى مُصلح، والمُصلح يجبُ أن يكونَ متحقّقاً فاهماً لما يُريدُ أن يقيمه في الغير، والطَّبيبُ يحتاجُ أن يكون عارفاً بالأدواء والأمراض وعلاجها. لا أن يشتغل بالإصلاح من هبّ ودبّ ويشتغل بالطبّ من لا يعرف فنّ الطبّ. فالنتائج تأتي حينها عكسية، ولا يُسمّى طبيباً من حرفَتُه القياسُ والتقليد، فيقيس بالمظهر والظاهر فقط لما كان موجود سابقاً ويصف علاجاً لواقعنا اليوم الذي تغيّرت الكثير من وقائعه وحقائقه، وانعكست فيه المفاهيم وتحوّرت المفاهيم والقيم، وفقاً لتغيّر الكثير من ركائز المظاهر سابقاً التي كانت ترتكزُ إليها. فصار التشابه في المظهر لا يعني مُطلقاً سلامة المظهر وكونه علاجاً في ظروف مغايرة تماماً، ظروف مسلوبة من ركائزٍ كانت تقومُ عليها، أغفلها الكثيرون من الذين صعدوا المنابر واشتغلوا بالدعوة والإمامة والإصلاح وتظاهروا بالعلم والتوجيه، وهم لا يفهمون من الدين سوى مظاهره التي كانت قائمةً من غير فهم ركائزها التي كانت تقومُ عليها لتقومَ تلك المظاهر والفعاليات السابقة بدورها الصحيح والسليم.

    أي أنّ المظاهر السابقة والفعاليات التي كانت قائمةً لم تكنْ هي عينُ العلاج، إنّما كانت وسائلاً وكانت فعالياتٍ ناجعةٍ سليمة في مرحلةٍ متقدِّمةٍ كان يعيشُها المجتمع سابقاً، مشدودةً إلى منظومةٍ متكاملة أو شبه متكاملة تتدافعُ وتؤدّي دورها لتتكامل وتؤتي ثمارها عموماً. فقد كانت هناك حلقات متواصلة ودواليب مستندة بعضها إلى بعض، بعضُها ظاهر وهي الظاهرة للعام والخاصّ، وبعضُها كان متوارياً عن الأحداث وله السّبق والتوجيه في تدوير تلك الدواليب الظاهرة والمظاهر القائمة. كالساعة فأنت ترى عقاربها الظاهرة من مؤشر للساعة ومؤشر للدقائق ومؤشر للثواني، بيد أنّك تعلمُ أنّها لا تدورُ من تلقاء نفسها، بل خلفها دواليب ودواليب حتّى تصل إلى الدواليب الأولية التي تستمدُّ دورانها وطاقتها من مصدر الطاقة الأوّل للدوران. تماماً هذا ما كان قائماً في السابق.
    فلمّا جاء المتأخرون وتراكمت الغفلات والصدمات على الأمّة المسلمة والعربية، ظهرَت أجيال من العلماء والفقهاء والمصلحين بعضُهم مدسوس في البدايات مصنوع على علم من العدوّ، وبعضُهم مقلّد بجهل، وقفوا على المظاهر التي كانت قائمةً وزعموا أنّها هي روح الدين وحقيقته، واستغفلوا الناس، وأقنعوهم أنّ العقارب الظاهرة للساعة تدورُ من تلقاء نفسها وتلك هي المنظومة كاملة، وأنكروا نظام الدواليب التي تستندُ إلى بعضها بعض، هذا الإنكارُ جاء إمّا بدسٍّ وصناعة من العدوّ، أو بجهل وهو الغالب بعد انتشار هذا الدّاء والتسطيح في الأمّة عموماً.
    هذا ما يجري اليوم في تديّننا وواقعنا، نحنُ نقيسُ صلاح الساعة بصلاح العقارب الظاهرة فيها فقط، غافلين عن جوهر الساعة وطاقتها ودواليبها التي تجعلها تدورُ بدقّة ومنظومة متكاملة لتعطي الوقت صحيحاً وتشتغل سليمةً.

    فانفصلت العقاربُ الظاهرة عن دواليبها المحرّكة التي تستمدّ الطاقة المحرّكة من الأصل والمصدر والمنبع، فخربت الساعة مهما حاولنا تزيين العقارب وإقامتها فهي لن تدور، وإن دارت فهي لن تستمرّ في الدوران، ولن تعطينا التوقيت الصحيح ولن تشتغل بدقّتها المعتادة وبتوافقها الذي كان موجوداً، لأنّها انفصلت عن محرّكها. فاصبح لزاماً للفرد أن ينتفض بنفسه، ويخالفَ هذه الكبوة الكبرى وهذا الجهل العارم، وهذا الجنون والسطحية والانتحار الديني والنّفسي والواقعيّ والإصلاحيّ .. ليعود بنفسه إلى البحث عن تلك الدواليب المحرّكة، والتي غُيّبَتْ تماماً، بل وأهملَتْ وذُمَّت ذمّاً عظيما في الواقع، وهي أصلُ الطاقة وأصلُ المنظومة التي كانت قائمةً في الأزمنة الماضية، وهي إلى الآن لا زالت تشتغلُ بدقّتها المعتادة وتستمدُّ طاقتها، ولكن من غيرِ ظهورِ مظهرها الذي انفصلَ عنها بعموم التيار الموجود، وعموم قطّاع الطّرق من العلماء الجهلة والفقهاء السطحيين والدعاة المزيّفين، وهذا قد ذكرَهُ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم في الحديث الصّحيح الذي رواه مسلم : (( إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من الناس ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يترك عالما اتخذ الناس رءوسا جهالا فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلّوا وأضلّوا)). حينما يذهبُ العلماء الحقيقيون وهم العلماء والفقهاء الذين كانوا يستمدّون طاقتهم ودورانهم من الدواليب الخلفية المستمدّة طاقتها من الأصل، فحينها يظهرُ هؤلاء السطحيون والمزيّفون والأدعياء لهم من العلم ظاهره ومظاهره وحفظه ومتونه وشعاراته، وهم خواء من حقيقة العلم وروح العلم وفهم منظومة الصّلاح التي كانت تقومُ عليها الأمّة، فحينها إقرع أجراس الخطر والإنذار في هذه الأمّة، فقال صلى الله عليه وسلم : اتّخذ الناس بهواهم وجهلهم وعدم أهليّتهم للاتّخاذ لأنّهم غير مؤّهلين لاتّخاذ وتعيين العلماء، فالنّاس تخدعهم المظاهر، اتّخذوا رؤوساً جهالاً، فضلّوا وأضلّوا، هؤلاء الرّؤوس، ليس لهم من حقيقة العلم شيئاً، ولا لهم الصلة القائمة بروح العلم ومصدر الطاقة، فانفصلت الساعة : عقاربهُا عن دواليبها الخلفية المحرّكة.

    فقلنا صارَ لزاماً كي يقومُ التديّن الفرديّ على أساسه الصحيح أنْ يعودَ إلى تلك الدواليب المخفية الأصلية ليستمدّ منها الطاقة والروح والعلم ويقوم تديّنه صحيحاً غير مفصول عن أصله، وغير تابع لما هو عامّ ومنتشر وظاهر عموماً، واجهة من غير روح ومن غير طاقة محرّكة.


    25/06/2014


    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  2. #2
    قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : May 2010
    المشاركات : 623
    المواضيع : 248
    الردود : 623
    المعدل اليومي : 0.12

    افتراضي

    فانفصلت العقاربُ الظاهرة عن دواليبها المحرّكة التي تستمدّ الطاقة المحرّكة من الأصل والمصدر والمنبع، فخربت الساعة مهما حاولنا تزيين العقارب وإقامتها فهي لن تدور،
    وإن دارت فهي لن تستمرّ في الدوران، ولن تعطينا التوقيت الصحيح ولن تشتغل بدقّتها المعتادة وبتوافقها الذي كان موجوداً، لأنّها انفصلت عن محرّكها.
    فاصبح لزاماً للفرد أن ينتفض بنفسه، ويخالفَ هذه الكبوة الكبرى وهذا الجهل العارم، وهذا الجنون والسطحية
    *****
    ما أروع تلك الكلمات مع حاضرنا الذى نحياه ونعيشه
    بارك الله فيكم أخى إدريس الشعشوعى

    ****

  3. #3
    الصورة الرمزية إدريس الشعشوعي شاعر
    تاريخ التسجيل : Oct 2004
    الدولة : قلب كلّ مسلم
    المشاركات : 2,253
    المواضيع : 185
    الردود : 2253
    المعدل اليومي : 0.32

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة السعيد شويل مشاهدة المشاركة
    *****
    ما أروع تلك الكلمات مع حاضرنا الذى نحياه ونعيشه
    بارك الله فيكم أخى إدريس الشعشوعى

    ****
    الأستاذ الفاضل العزيز السعيد شويل حيّاك الله على هذا المرور الألِق النقيّ .. وبارك فيكم وفي حضوركم الزاهر الذي شرّف حروفي وكلماتي المتواضعة ..

    دمتَ أيّها الفاضل للخير ذوّاقاً وفيه سبّاقا ..

    أسألُ الله أن يفتح لنا ولكم أبواب الخير والأوبة إليه والتوبة .. آمين

    والعفو منكم أستاذي الكريم نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

المواضيع المتشابهه

  1. لا تديّن لطاعن في دين
    بواسطة محمد إسماعيل سلامه في المنتدى القِصَّةُ وَالمَسْرَحِيَّةُ
    مشاركات: 10
    آخر مشاركة: 16-07-2023, 06:26 PM
  2. مسرحيّة ( كما تَدين تدان )
    بواسطة عبد الله لالي في المنتدى أَدَبُ الطِّفْلِ (لأطفالنا نحكي)
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 02-07-2021, 12:46 PM
  3. د.الدالاتي ( انتقاءات من روحه )
    بواسطة حسين العفنان في المنتدى الاسْترَاحَةُ
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 02-08-2012, 11:51 PM
  4. روحه الحمد .. مفتاح وجودي
    بواسطة جهاد إبراهيم درويش في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 9
    آخر مشاركة: 12-03-2010, 11:09 PM
  5. تدين فاسد مغشوش`
    بواسطة سيد يوسف في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 8
    آخر مشاركة: 01-02-2006, 01:33 PM