( لبّيك يامسرى الحبيب)
صَعدَ البراقُ الى العُلا بمحمد
في رِحــلةٍ عند المليـكِ الأوحدِ
في ليـلة ظلماء قد أسْرَى بِه
في صُحبةالروح الأمينِ المرشدِ
من مكةَ البيتِ الحرامِ نأى به
من بيتِه - مُتوسِـداً- في المَرقَـَد
ليَحُطّ في البيتِ المقدسِ زائرا
ويؤُمَ صفـوةَ خلقــه في المسجدِ
أنِسَ الحمامُ به فَرفــرفَ عاليا
يغزو سوادَ الليلِ مثـل الفرقــد
هذا محمدُ كيف لايصحو له
طيرُالسلام مُجيرُ مَن لم يُسعَـدِ
فَلَقَد تَجــرّعَ مِن قريش علقما
وَتكَبــَّدَ الآلامَ مـــــنْ مُتـمَــرِدِ
فأوى الى ركنٍ رطيـــبٍ اخــضر
ويذود عنـــه زيدُ دون تَــردُدِ
إذْ راح يجــأرُ بالدعاءِ لربِه
يشـكو إليه مُصــابَه بــتـَـوَدُدِ
يشكـــو هوانـــاً من قريبٍ ذاقه
يشكو التجهّم من سفيهٍ أبـــعَدِ
يارحمة للعالمين قد اصطفــــاك
اللهُ مِنْ نَسْلِ الكِــرامِ الأجْـوَدِ
فلقد عَرَجْتَ الى السماءِ مُكرّما
وَبَلَغتَ سِدرَالمُنتهى في الموعدِ
أعْظِـــمْ به شَرَفا بَلَغـــتَ ومنزِلا
تَحظى بنور اللهِ أسمـى مــَوْرِدِ
يــامَنْ بُعِثتَ بشيرَ خـيرٍ للورى
تطــوي الظلامَ بنورِك المُتـَـوقّد
فلقد تجـــاوزتَ السماواتِ العُلا
لتـرى من الآيات ما لمْ تَشْــهد
وأويـْتَ تلتحفُ الـدِفـــا وكأنه
للتـَّـوِّ قـد فارقْتــَه لمْ يَـبـــرُدِ
ونثرتَ في الافاقِ عِطْرَك فانتشتْ
مِنه الخلائقُ نشوة لم تـنــْفدِ
حَيـّـاك في عَليــائِه ربّ الــــهُـدى
في دربِك التقوى نجاةٌ للــغـدِ
زَحَفَتْ جيوشُ المسلمين تناصر
الدينَ الحنيفَ على العدو الأكيـَدِ
وعلى خُطى هَدي النبيِ توافــدوا
من كـل صوبٍ بالعُقــاب الأسْــوَدِ
فتَهللتْ عَرَصاتُ أْولى القِبلتيــ
ــــن حَفاوة بالفاتح المُستَوْفَـَـدِ
قَدْ أيّــــدَ اللهُ الأمـــير الراشـــدي
فتحا لبيت المـــــقدس المتخلّــدِ
ويُتَــــوّجَ الفـــاروقُ فتحَ فتوحه
بـوثيقـــــــةٍ عـمـريّـةٍ وتـعهـــدِ
وانثـــالَ عِطرُالياسَمِين يَموجُ في
أرجائِــه يشفي فــــؤادَ الأكْـمَــــدِ
تمضي السِنونُ وتنطوي عتماتها
فَتـــعـُمّ أمصـــارا َ حياةُ الّسُؤدُدِ
أَوَ بَعدَ نور الفتح ينتشرُ الظلام
مخيماً كالأخطــــبوط الــمُلـبـــِدِ
فالصخرةُ العــذراء دنَّسَها العِدا
فاسْتصْرَخَتْ... لــكنَّها لم تُمـدَدِ
مَــنْ ذا الـذي لبَّى النِــداءَ بعـــزمِه
ذاك ابن ايّوبَ الذي لم يهمـدِ
هجر الكرى جَفْنيهِ واسْتَعَرَتْ جما
رُ الثـأرِ بين ضـلوعه.. لم تخمَـدِ
وتجــدد الفتحُ المُبيــن وعَــهْدُه
بزوال مَنْ رفـــعَ الصليبَ المُعتدي
ذاك الذي غـــمرَ البلاد بجُنــدِه
كي يَطمسَ المِحراب دون ترددِ
فتنكَّسَتْ رايات (ريتشارد) الذي
قـــــاد الجيـوشَ لصولةٍ لمْ تصمِدِ
فيُسطّـِرُ التــاريخُ في صفحاتِه
حِطيــــن نبراس الفِــدى والمُفتَــدي
واليوم في هذا الزمـــــان الامّعي
القدس تصــــــرخ من عـــدوٍ مُلْــبِدِ
وتَصعّـــدت آهــــاتُها مِــلء المَــدى
وَعَــــلا النّحيــبُ بصوته المستنجد
ذبحوا البُراقَ على الجدار وأعلَنوا
بَيْتَ العَزاءِ جلاء كل مُـــوَحِّد
وتوافـــدت قطعـــان صهــــيون التي
عـــــاثتْ فســــادا في ربوع المسجدِ
تــلك التي أرخـــت ستــائَر ليــــــلِها
ســـادتْ بلادَ العُربِ دون تَصَـــدُدِ
وَهِنـتْ قلوبُ العُرْبِ فامتُهِنوا ومَنْ
يرضَ الهوانَ يَعِشْ كأن لمْ يولَدِ
والعُرْبُ تَهذي بالهزيمَةِ طــــالم
سَيـــفُ الجِهادِ مُــمَدَّدٌ في المُغْــمَـدِ
أصَلاحُ وحدّتَ الصفوف وقدتها
لتُـحرّر الاقصــــى بـــراية أحمــــد
قُـمْ يـــاصلاح الدين وانظــرْ حالــنا
مـــا عاد أقصــانا بثـــاني مسجـــد
قـــمْ ايها الجندي قدْ وَجَبَ الفِـدا
لبّيـك يـــامســـرى الحبيــب مُحمّـــدِ