الحقيقة والخيال :

الله سبحانه وتعالى له الصفات العلى وسبحانه وتعالى يربى النفس بتشريعه لتكون الحقيقة حياة امرها فى كل شىء بالتالى كانت البينة مناط امرها
فلا تحيا خيالا فى شىء
لذلك فان الله سبحانه وتعالى عندما يخاطب رسوله صلى الله عليه وسلم فى شىء لم يراه صلى الله عليه وسلم ولم يعلم به الا من قبل الله سبحانه وتعالى
كان يقول له سبحانه {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللّهُ مُوتُواْ ثُمَّ أَحْيَاهُمْ إِنَّ اللّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ }البقرة243

قال تعالى {أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلإِ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ مِن بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُواْ لِنَبِيٍّ لَّهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكاً نُّقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِن كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلاَّ تُقَاتِلُواْ قَالُواْ وَمَا لَنَا أَلاَّ نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِن دِيَارِنَا وَأَبْنَآئِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْاْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ }البقرة246

قال تعالى {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَآجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رِبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِـي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِـي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ }البقرة258


قال تعالى {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ }الفجر6

قال تعالى {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ }الفيل1

وهنا جاء الخطاب بألم تر لبيان ان العبادة لله سبحانه وتعالى لا تتحقق الا اذ حمل خبره سبحانه وتعالى الى مرتبة الرؤية اعتقادا وهى الشهادة
فكونك تشهد ان لا اله الا الله بالتالى صارت الشهادة هى اعلى مراتب الرؤية اذ الشهادة تشمل الرؤية البصرية والقلبية وتوظيف الجوارح لما يحقق تلك الشهادة
وذلك لان الله سبحانه وتعالى له الصفات العلى ومنفى عنه النقص سبحانه وتعالى بالتالى اى خبر منه سبحانه وتعالى يحمل على الاعتقاد المبنى على الرؤية البصرية والقلبية دون ريب لذلك الخبر
كما انه خبره سبحانه وتعالى اذا تعارض مع الرؤية البصرية فان خبره سبحانه وتعالى هو الاعلى ويقدم على الرؤية البصرية

قال تعالى (قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى{66} فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُّوسَى{67} قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنتَ الْأَعْلَى{68}) طه

وخيفة موسى عليه السلام هنا ليست تعارضا فى معتقده الداخلى مع مع ما رأه من سحر سحرة فرعون اذ هذا منفى عن الرسل والانبياء جميعا
ولكن خوفه هنا ان يقع سحر هؤلاء السحرة فى منزلة ان يكون له اثر فعال لدى اهل مصر فى رد دعوة موسى عليه السلام
ووقوع السحر على موسى عليه السلام ليس وقوع فعل الساحر على مسحور ولكن وقوع علم ان السحر وقع فى الحقيقة وهو ها امامك فألقى ما فى يمينك لترى كيف يزول كيدهم هذا
وكيف ان الخيال يزول امام الحقيقة

لذلك فان الاسلام يعتمد على الحقيقة فى بناء الشخصية المسلمة وليس هناك دور للخيال فى شىء
اذ الخيال هو رؤية افكار العقل والعيش بها حقيقة فى واقع البشرية
لذلك فلا خيال مطلقا فى الاسلام
فلما بعد اهل الاسلام عن الاسلام صار اهل الاسلام يبنون حقيقتهم على ما تم زرعه من خيال فى نفوسهم
لذلك ما نراه الان من تشتت اهل الاسلام فى عصرنا الحالى ان الكل خرج من تلك الدنيا الى مجتمع خيالى كل يحلم به فصارت بناءات النفس البشرية تعتمد على خيال تحيا به
ولعل سبب ذلك هو ان النفس البشرية تحاول ان تبنى لها بنيان من الخيال تهرب الى داخله من فساد الواقع
وللأسف ادى هذا الامر ان صارت النفوس ترضى بذلك الامر دون ان تكون لها اثر فعال فى تحقيق تغيير فى حياتها لتحيا حقيقة الكمال
فصار كل من يمر بظلم ما بدلا من ان يرد الظلم ويجتمع الكل على رد ذلك الظلم قام بفتح دار الخيال ليختفى خلفه حتى صارت المجتمعات الاسلامية كلها دار خيال فى اليوم كله حتى صرنا نحيا حياتنا كلها خيالا داخل تلك الدار وصار لقائنا مع اولادنا واحبائنا فى الحقيقة بضع ثوان او صرنا نلتقى خيالا
وورثنا ذلك العلم الى ابنائنا فصار الخيال هو الحقيقة التى يحياها الجميع وصارت هى دار اللقيا التى نسعد بالحياة بها

لذلك ان اردنا ان نحيا الحقيقة الحق لابد ان نقيم شرع من له الصفات العلى سبحانه وتعالى عندها صار لا خيال قط
اذ كل خبر من الله سبحانه وتعالى على المستوى الحالى والغيبى هو حقيقة وليس لنا لتحقيق تلك الحقيقة الا العمل وفق مراده سبحانه وتعالى