نزارية الدكتورة سعاد الصباح
بقلم:جاسم عيسى القرطوبي
أستطيع الجزم بما ذهب إليه الأولون أن المرأة لا يستطيع فهمها بحقٍّ إلا المرأة ، ورائي شخصي لي أنَّ نزار قباني ما سُمِّيَ بشاعر المرأة إلا لتطبيقه قانون تحرر المرأة الثاني إذ أنَّ الأولَ – باعتقادي – هو الذي يعني أن يكون للمرأة الحق من الميراث والاختيار والحياة فهي نفسٌ رائعة لا ربقة فيها لأحد ، وأما التحرر الثاني فقد فرضه بعض الفلاسفة والكتاب القدامــى : كأفلاطون القائل أن المرأة ما هي إلا وعاء للإنجاب،وبينما يتغنى الكثيرون برومانسية قاسم أمين إذ قال لخادمته : قبليني قبلة الوداع رفض الملتزمون هذا القول له وقال : لو ختم له بخير وقال لها : قبليتي لقبلة أبي القاسم الأمين ، وأنا تزمت برائي آخر قائلا : لو انتبهت النساء أن هذا الكتاب الشفاف في نظرهن أبى إلا اتخاذ من النساء جارية له ؛ فأيُّ تحرير للمرأة رأى وأي مشاعر جمعها فأوعى.
نزار قباني شاعر المرأة أعلن في حالة صدق أنه لم ينل من المرأة حنانها إلا بعد تدنيسه لجنابها ولم يرعوي لجنانها الذي ملأ الدنيا كلها أنوثتها وحنانها ، فرأيناه يقول في قصيدته إلى أجيرة والتي وصف المرأة فيها كالفأر الجبان – واعذروني أقتطف منها - :
بِدَراهمي!
لا بالحديثِ الناعمِ
وتَبِعْتِني..
كالقِطَّة العمياءِ مؤمنة بكلِّ مزاعمي
حَطَّمتُ عزَّتَكِ المنيعَةَ كُلَّها
أنتِ أطوَعُ في يدي من خَاتَمي
..
.
لنغلق نزارية نزار ولنتكلم عن نزارية قلم أستاذتنا الدكتورة سعاد الصباح التي تشرفتُ في همسة سابقة أن أبحر في زورق قصيدتها كن صديقي بمقالتي : آدم وحواء مع الحب للدكتورة سعاد الصباح على هذا الرابط https://www.rabitat-alwaha.net/molta...ad.php?t=68355
.أحبتي كما قلت في بداية زفرتي هذه لا تفهم المرأة بحق إلا المرأة وإذا ما ربطته بما قالته الدكتورة الصباح : فكل امرأة تحتاج إلى كفِّ صديق سنغوص متفكرين في إجابة تساؤلها:
“فلماذا أيّها الشرقيّ تهتم بشكلي؟
ولماذا تُبصر الكُحل بعيني .. ولا تُبصر عقلي ؟”
فالجواب سيدتي الدكتورة إن سمحي لي أن أغوص في عالم الأنثى وأرفع إحساسي لسمو مشاعرهن قائلا : أن الحب سببه واحدة من علل ثلاث إما جمال أو كمال أو مظهر إحسان ، فكم امرأة هجرت زوجها – وليس حبيبها فحسب – لأمرد وسيم ولو كان يصغرها بعشرات السنين بل وكم جامعيةٍ نزفت أموالها ومزقت شهاداتها لشاب ظنت فيه الكمال إما لشهرة أو لعبه للكرة أو لأنه جميل أخذ الهَبلَ حرفة فانحرف جارفا بطريقه كل من ليس لديها في الكمال هدف ، وإما الإحسان فبكلماته الغير موزونة فقد اقترف قافية مجنونة يصدق عليها قول القائل : والغواني يغرهن الثناء. إنها ايدلوجيات لما يعتقد فيه الكمال ولما وصفه ابن حزم في طوق الحمامة بعشق الصور.
تمنيتُ أن هذا الشرقي – سيدتي – كما أنقذه الله من غربية ٍ لا تؤتي إلا الحنظل أُكُلا ً أن يبتسم له الخيال فيكشف له حقيقة أن سعادَ ليس حرفتها تهيئة الطعام وإنما رفع سور ٍ لبناء شاهق بالجمال والاحترام أسوة بمن قتلت سيدنا يحيى ليحيا لها غرورُها وبمن أماتت آدم من حياة الجنة امتثالا لأمرها ، ولكنه الحب مجدد ، فثم له هناك نوع طاهر تشفع به أبونا فبحبيبه قد غفر الله زلته .
العقل ليس عقالا يوضع على الرأس وإنما حكمة تقيد الرأس نفسه لا بأغلال العبيد وإنما بمبادئ لو أبصرها يزيدُ ترك الحكم لأبي عبد الله ولم يؤمر اتباعه بقتل سيدنا الحسين ولم تنشئ العداوة بين المذاهب الاسلامية التي ما أحوجها اليوم لوعي لطائف معاني السلام.
إنه العقل الذي قال له الحق : أقبل فأقبل وأدبر فأدبر فلم يرد من محبوبته إلا دفء أمه وبر أخته وحنان بنته ووطن زوجته وتدبير جدته له وغيرة خالته من أمه ودلال العمة عليه وعلى زوجته.ولو أيقنت المرأة أنها النصف المشرق من المجتمع لا الذي يشعر بالظلم والكبت فيتحرر من قيمه كما يتحرر من قيمته ، وجميل أن تغني بلسان الأنوثة نزارية أستاذتنا سعاد الصباح:
كم جميل لو بقينا اصدقاء ... كم جميل لو بقينا اصدقاء ،
لتعيشَ بعدها بميناء سلام عوضا عن ذلك الكلام الذي رغم كذبه تصدقه متجاهلة هذا الكلام الذي رغم صدقه لا تطبقه .
أنا كشاعر أرى أن المرأة عظيمة الشأن منذ ولاتها تماما كالجنس الآخر ، أهلت مدرعة بالسمع والبصر والعقل دون الغاء لفطرة الإحسان ، ربما هي الظروف التي حملتها على ما تبغي كما حملت قابيل على قتل أخيه ولكن لو فتش قلب أقسى امرأة – كريا وسكينة – إن جاز لي التعبير بألطف رجل لرجحت كفة المرأة القاسية ولوجدنا الآخر حية تسعى ولو كان من شعره نسمة رقيقة رقراقة كالمياه.
وآه ، إن حاجة المرأة الشرقية للحب باعتقادي إما لسبب أنها عاشت والرجل هو أبوها الذي يدلل غيرها ويأمرها بدلالها وبفطرتها تكره إلا رجلا واحدا يحبها حتى لو صيرها عبدةً له وسواء أكانت هذه المدللة أمها امرأة أبيها أو أختها ، إن المرأة الشرقية لغريبة عندما تعتقد أن التلفاز ينقل أبعادا حقيقية فتخال نفسها أحق بمهند من لميس وأحق بقيس من ليلى وتريد أن تكون عبلة لعنترة آخر أبيض اللون وأسود الجيب تخمة من المال . آه لو أدركت حواء أن آدمها الذي عصى ربه لإرضائها لهو آدم نفسه الذي جاب الفيافي والقفار ليلتقي بها عند عرفات . وليس تشعبا في الأمر أن قرأت معي آدمي ما جاء في المستطرف أن رجلا أحبَّ امرأة فكان لا يلتقي بعها إلا في عرفات كل سنة فيمسكان قطعة من الجبل وينظران لبعضهما من طرف خفي حتى يكف النهار فيرجع كل واحد منهما لثكناته حتى الموسم القادم ليقسم لنا راوي القصة أنهما ماتا ولم يعرف أحدهما اسم حبيبه ، ويتابع قوله ،: وأما اليوم إذا ما التقيا فكأنَّ كل واحد منهما أشهد أبا هريرة على زواجهما .بل ما أجملكِ لو قرأت معي حواء ما رواه الأصمعي أن امرأة صلى الله عليها من جمالها تزوجت برجل كقبح أهل النار وجه فلما سألها أعبدك هو ؟ قالت له : لا بل زوجي حتى إذا ما استغرب قالت : لعله أحسن بينه وبينه ربه فكنت جزائه وأسأت بيني وبين ربي فكان عقابي.
نعم ولعرفنا حقيقة الرجل الدكتاتور كما صورته الدكتورة سعاد إذا ما كانت نزاريته كقصيدة بدراهمي وكالملاك إذا كانت نزاريته كم جميل لو بقينا أصدقاء ولفهمنا جميعا معنى ليس في الامر انتقاص للرجولة
غير ان الشرقي ... غير ان الشرقي
لا .. لا... لا يرضى ... لا .. لا... لا يرضى
لا يرضى بدور ... بدور ... غير ... غير أدوار ... أدوار البطولة.
وسأختم بقصة لعل تقتنع المرأة بتحرير لها دون تحرير منها ذكرها الصحفي الشهير مصطفى أمين الذي تربى منذ صغره في بيت سعد زغلول لقرابة بينهما :
يقول مصطفى في كتابه " من واحد لعشرة " ( ص 119-120) متحدثًا عن واقع بيت سعد زغلول الذي كان إسلاميًا ثم انتكس وتمت صناعته صناعة ( عصرية ) ( تنويرية ) ! :
( كان غريباً في تلك الأيام أن يدعى رجل من غير أفراد الأسرة للجلوس على مائدة واحدة مع سيدات الأسرة، ولكن الفلاح الأزهري القديم سعد زغلول كان لا يجد غضاضة في أن يجلس أصدقاؤه المقربون مع أسرته لتناول الغداء والعشاء.
وكانت هذه ظاهرة غريبة في بيت سعد زغلول! إن معاصريه ما كانوا ليسمحوا لزوجاتهم برؤية أصدقائهم، ولا يذكر أحد من أصدقاء عدلي يكن باشا أنه رأى وجه زوجته، ولا يذكر أقرب صديق لحسين رشدي باشا أنه تناول معه الغداء في حضور زوجته.. بل الأغرب من هذا كله أن قاسم أمين زعيم تحرير المرأة، كان يتردد باستمرار على بيت سعد زغلول ويتناول الغداء معه ومع صفية، ولكن زوجة قاسم أمين لم تحضر هذا الغداء الدوري مرة واحدة!
ويذكر الطفلان ( أي مصطفى أمين نفسه وأخاه علي أمين ) بعد وفاة قاسم أمين بعشر سنوات أن زوجته كانت تأتي بين وقت وآخر لزيارة صفية زغلول، فلا تكشف وجهها أمامهما، بل إنها إذا تناولت الغداء مع صفية، كانت تُعد لهما مائدة في غرفة أخرى، وتُناول سعدًا الطعام وحده، ذلك أن قاسم أمين الرجل الذي دعا المرأة المصرية إلى نزع الحجاب فشل في إقناع زوجته بأن تنـزع حجابها، وظلت متمسكة بوضع الحجاب على وجهها ) .
رد مع اقتباس
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ربيحة الرفاعي
