بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وأصحابه الطيبين الطاهرين ,
أحييكم بتحية الإسلام الأبدية , السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أيها الأحبة , تحديات كثيرة أحاطت بالإسلام والمسلمين وتعصف بهم وقد دفعتهم إلى أن يهاجروا إلى أوطان لا يملك الإسلام فيها قوة ولا قاعدة , أخاطبكم اليوم خطاب المحب ومن موقع الإيمان بما أحبه لنفسي لأن رسولنا الكريم صلّ الله عليه وسلم يقول : ( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ) .. أريد أن أذكر نفسي قبل أن أذكركم أن الله هو كل غاية في وجودنا , فإذا ذكرناه نذكره برحمته ولطفه وكرمه وعطائه لنحبه من أعماقنا , لأن علاقتنا بالله ليست علاقة رسمية , لأن الله هو سر وجودنا , نحب الجمال وهو خالق الجمال كله نحب الأقوياء والقوة لله جميعاً و نحب الأعزّة والعزة لله جميعاَ ( ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ) نحب الكرماء والله هو الكريم الذي لا حد لعطائه .. لذلك أيها الأحبة , إن كنتم تحبون أحد من الناس أو زعيم أو ملك أو أمير أوسلطان أو مسئول فأحبوا الله قبل أن تحبوا أحداً , الله يقول لكم (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ) يتحبب إلينا ويقترب منا لنقترب منه, قريب إلى أوجاعنا ليخففها أو يزيلها عنا قريب من أحلامنا ليحققها إن كانت في مرضاته سبحانه وتعالى ليدفعها في خط النور و إشراقة الحق ..
أيها الأحبة , إن كل أوضاع التمزق والتفريق بين المسلمين لا تخدم إلا أعداء الإسلام وحتى الذين يخططون و يتحركون في خط الفرقة يسقطون تحت تأثيرها ويكتوون بنارها ولهيبها قبل أن يكتوي بها الآخرون , المعادلة تقول :أن من يفرق يفقد المحبة ويفقد الروح والإنسانية , يعيش في ظلمة سوداء تغلف قلبه وعقله ويعيش في كهوف مظلمة مليئة بالأهوال ..
إن من ينشر الفرقة بين الناس يعمّق الحقد في قلوبهم ومشكلة هؤلاء أنهم لا يواجهون أنفسهم لأن أنفسهم مقتتهم , ولا يواجهون واقعهم لأن واقعهم لعنهم ,, إن الله سبحانه وتعالى لم يجعل في فرقة خيراً , ولا بوحدة شراً إذ قال في محكم آيات التنزيل ( واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا , واذكروا نعمت الله عليكم إذ كنتم أعداءً فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخواناً وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها ) وقال سبحانه ( وإن هذه أمتكم أمة واحدةً وأنا ربكم فاتقون ) ..
أيها الأحبة , الوحدة الإسلامية هي التي تجمع الناس على القضايا الكبيرة وتثبت الأقدام عند الزلازل لأن الفرقة تنطلق من قضايا صغيرة , قشور وهوامش لا قيمة لها , نحن اليوم في تحديات غير مسبوقة في عالمنا العربي والإسلامي تحديات اقتصادية وثقافية وسياسية ومخطط لهدم للمسجد الأقصى الذي بارك الله حوله , نحن نعيش حالة طوارئ ونعيش في واقع تهتز له الأرض من تحت أقدامنا ولا نستطيع أن نثبتها إلا بوحدتنا , وقد يقول قائلكم إننا نختلف في مذاهبنا ونختلف في سياساتنا ونختلف في مصالح أوطاننا لكن لماذا لا نجتمع على ما نتفق عليه ونتعاون على ما نختلف فيه ؟ أليس ربنا الله الذي يوحدنا في ربوبيته وعبادته؟ أليس نبينا محمد رسول الله وخاتم النبيين صلَ الله عليه وسلم وهو الذي وحدنا في رسالته والالتزام بخط دينه؟ ألسنا نؤمن بالقرءان كتاباً , وبالكعبة قبلة للمسلمين ؟ ألسنا جميعاً نصلي ونتوجه بالصلاة إلى قبلة واحدة ونمارس صلواتنا الخمس ؟ ألسنا نحج إلى بيت واحد ؟ ..
ألم يعلمنا القرءان كيف نلتقي على كلمة سواء ؟ ألم نتعلم من القرءان (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) .
( وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ ۚ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا )
(وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ۚ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ )
استخلصت من القرءان الكريم أن حولوا أعدائكم إلى أصدقاء لدينكم وأوطانكم وأمتكم بالدعوة إلى الله وبالحكمة والموعظة الحسنة , بالعمل الحسن, بالصدق , بالأمانة , بالخلق بكل شيء ..
أيها الناس لماذا تحبون العداوة ؟ لماذا تؤججون الحقد وتوجهونه على المؤمنين قبل الكافرين ؟
لماذا تتهمون وتحكمون بما ليس لكم به علم ؟ والله سبحانه وتعالى يقول: (وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ۚ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا)
سيسأل الله سبحانه وتعالى يوم القيامة : السمع ما سمع ؟ وكيف سمع ؟ والبصر وما أبصر وكيف أبصر ؟ والعقل كيف وعى وكيف تحرك فيما وعاه ؟
أيها الناس إن الإسلام يقول لكم ( ضع أمر أخيك على أحسنه ) ( ولا تظن بكلمة خرجت من أخيك سوءاً وأنت تجد لها في الخير محملاً ) ..
وأخيراً أذكركم وأذكر قبلها نفسي أن نتقِ الله في آخرتنا ..
وسبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك ..