دروس في العروض الإيقاعي-3


النبر:
النبر في تعريف علمائه هو ازدياد شدة الصوت وارتفاع نغمه وامتداد مدته مما يؤدي إلى وضوح نسبي لصوت أو لمقطع إذا قورن بغيره من الأصوات المجاورة .
والنبر هو ضغط على الكلمة المفردة أو في سياقها؛وإن حصيلة الأنبار تشكل المجموع الصوتي للجملة أي "التنغيم"
ثم أن علماء النبر يصنفون النبر إلى قوي ووسيط وضعيف وينتقدون علماء اللغة والعروض العرب الذين لم يتحدثوا عنه بالرغم من أن علمهم مؤسس عليه كما يقول الأستاذ عصام نورالدين وغيره من علماء العروض اللاحقين
ويرى "النويهي" أن تحول إلى \\ لا يمكن في نظام كمي ويستدل هذا التحول في الشعر الجديد على أنه يتجه نحو إدخال النبر في إيقاعه
ويقول الأستاذ كمال أبو ديب؛لا يرتكز التعادل الإيقاعي في العربية على التساوي الزمني أو الكمي ؛وإنما ينبع من الإمكانات التي يوفرها تتابع النوى في اتجاه معيّن لوضع النبر في مواضع معينة
أما الأستاذ إبراهيم أنيس فيذكر (غير أنا حين ننشد الشعر نزيد من الضغط على المقاطع المنبورة).
إن النبر في لغات غير عربية له تأثير واضح على متغيرات الكلام ؛حيث يغير النبر معاني الكلمات أو أن المعاني لا تكون واضحة بدون تنبيرها كما في اللغة الإكليزية وغيرها
وقد قسم العلماء النبر في اللغات إلى صنفين:
1-لغات ذات نبر ثابت؛مثل الفرنسية والتركية ويكون النبر فيها على المقطع ما قبل الأخير
2-لغات ذات نبر حر ؛وتكون فيها العلاقة وطيدة بين النبر والمرفولوجيا(البنية الصرفية)
وبالرغم من أن اللغة العربية ليست من اللغات ذات النبر الحر ؛فإن علاقة النبر بالمرفولوجيا حاضرة فيها مثل:
Ka~taba cvcvcv
Mak~tuubun cvccvvcvc
M~aktabatun cvc cvcvcvc
نلاحظ تغيير الصيغ الصرفية يؤدي إلى انتقال النبر إلى مواضع معينة وهذا ما أشر إليه العلماء العرب في تأكيدهم على النبر في النثر العربي دون الشعر ؛وأن النبر في الشعر استعمله الإنكليز والألمان وذلك لأن مقاطع أشعارهم تتأثر بالنبر تأثرا ملحوظاوإذا ما وصفت مقاطع أشعارهم قالوا هذا مقطع منبور أو غير منبور0

النبر وما آل إليه
بالرغم من حماسة الأساتيذ العروضيين في العصر الحديث في إخضاع الشعر العربي لخاصية النبر –وهي خاصية جديدة على الشعر العربي-إلا أن ما توصلوا إليه في هذا المضمار لا زال بعيدا عما يرومون إليه ونلاحظ ذلك في كثير من كتاباتهم
يقول أبو ديب(للجذر الثلاثي قَ تَ لَ في تركيبهِ "قتل" ذلاقة ثنائية طرفها الأول السياق الزمني للحدث والثاني الذات الذي ينسب إليها الحدث؛أما كنه الحدث نفسه فإنه يأتي إلى المتلقي عبر المركبات الصوتية الثلاثة قَ تَ لَ ومن الصعب إن لم يكن من المستحيل تخصيص أحد هذه المركبات الصوتية بأنه المركب الأكثر أهمية لمعنى الكلمة ؛الأسلم أن يقال إن التتابع الصوتي الكلي له وظيفة –إشارية-رمزية إلى مفهوم القتل ويبدو إن انعدام التمايز بين المركبات وكون التتابع يؤدي وظيفة انذلاقية كتلة كاملة يجعل تخصيص أحد المركبات بالنبر وتمييزه عن غيره أمرا اعتباطيا..من هنا يبدو أن الكلمة"قتل" لا تحمل نبرا محددا )
ويقول الأستاذ عصام نورالدين:
(ولا تزال قضايا التنبير والنبر واللحن التي دخلت الآن صلب الأبحاث الصوتية تصطدم بعقبات يحاول العلماء تذليلها بالمناهج العلمية الدقيقة وبالاستعانة بالآلات الحساسة)
كما يقول الأستاذ أبوديب:
(إن النبر الشعري قد يتفق مع النبر اللغوي وقد يتجاوزه)و(يستحيل علينا أن ندرس النبر اللغوي كما وقع في اللغة العربية قبل هذا القرن كما يستحيل أن ندرس النبر الشعري كما تجلى في إلقاء العرب للشعر قبل هذا القرن)
إذن الظاهر من تصريح أبو ديب والآخرين عبث المحاولة في تحليل شعر الأقدمين أوالبحث فيه بحثا نبريّا في محاولة الوصول إلى أسس النظام العروضي التي أرساها الشاعر آنذاك والرجوع –مستسلمين-إلى القواعد الراسخة في العروض العربي والتي أرساها العالم العربي الخليل بن أحمد وإلا كان البحث خائبا