بسم الله الرحمن الرحيمإن الحمد لله، نحمدُه ونستغفره ونستعينه ونستهديه ونعوذُ بالله من شرورِ أنفسنا ومن سيئاتِ أعمالنا، من يهْدِ اللهُ فلا مضِلَّ له ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أنْ لا إله إلا اللهُ وحده لا شريك له وأشهد أنَّ محمداً عبدُه ورسولُه، بعثه اللهُ رحمةً للعالمين هادياً ومبشراً ونذيراً. بلّغ الرسالة وأدّى الامانة ونصحَ الأمّةَ فجزاهُ اللهُ خيرَ ما جزى نبياً من أنبيائه. صلواتُ اللهِ وسلامه عليه وعلى جميع الأنبياء والمرسلين، وعلى صحابته وآل بيته، وعلى من أحبهم إلى يوم الدين ، أما بعد:
فيطيب لي أحبتي أن أتحدث في كائن جميل ما زال مغردا في أذن العربية بحرفها و نغمها منذ كانت العرب ألا وهو الشعر.
فما هو الشعر؟
الشعر بنص القرآن علم ( و ما علمنها الشعرَ ) يكتسبه المكتسب بالتعلم و يتقنه بالدربة على يد معلم و لا تكفي فيه الموهبة وحدها كما أن العلم بالشعر لا يجعل من المرء شاعرا، فقد جاء أن الخليل بن أحمد الفراهيدي سئل:
لمَ لا تقول الشعر و هذا علمك به؟
قال: أنا كالمسن أشحذ و لا أقطع.
يعني أنه عالمُ به لكن لم يؤتَ قوله، و هناك من غالى في خطر العلم بالشعر فرأى قوله صعبا لمن أراد بلوغ الذروة فقد قيل للمفضل الضبي: لم لا تقول الشعر وأنت أعلم الناس به؟ قال: (علمي به هو الذي يمنعني من قوله)، فالناس بين عالم به قائل له و بين عالم به عاجز عنه و بين عالم به متهيب له و بين جاهل به عاجز عنه.