كان لي صديقا صاحب مطعم سياحي من فئة خمسة نجوم يقع بإحدى المناطق السياحية الفاخرة . و بحكم الجيرة كنت ألتقيه يوميا , فأبادله التحية و نتجاذب أطراف الحديث حول قضايا شتى ...و أذكر مرة أنه حدثني عن بعض رجال الأعمال الكبار و الوزراء الذين يترددون على مطعمه الفاخر و يسهرون حتى مطلع الفجر ..مطعمه الذي لا يختلف كثيرا عن الكباريهات , حيث تتوفر فيه أرقى أنواع المأكولات و المشروبات الكحولية و الراقصات و الفنانات المحترفات في إغراء و جلب أغنى أغياء الزبائن , و كان يصطحبني في الأثناء كلبي الشرس و المدرب على التصدي للأعداء . كنت و جاري دائما نجلس في ساحة المقهى المجاور حيث نترشف الشاي و يحاذينا الكلب .و مع مرور الأيام أُعجِبَ صديقي أيّما إجاب بكلبي و توسل لي كم مرة أن يشتريه مني فأبيت , فترجاني أن أعيره له ليلا ليساعده في الحراسة داخل مطعمه فوافقت . و صار كلبي يصطحب جاري كل ليلة للسهر و الحراسة في المطعم مقابل أن يتعشّى أرقى أنواع المأكولات هناك ثم يعيده لي صباحا . في البدء لم ألاحظ شيئا على الكلب عند عودته مع بداية كل نهار , لكن مع مرور الأسابيع لاحظت وجود احمرار بعينيه و بحّة في نباحه , حيث صرت أسمعه يردد حو حو بدل عو عو فسألت جاري : ماذا فعلت مع الكلب لقد تغيّرت طباعه و صرت أراه مترنحا في مشيته كل صباح ؟. فضحك صديقي و قال: لا تقلق عليه كل ليلة أكرمه أنت تعرف أن الكثير من أكلنا الأوروبي يُمزج و يُمرق بالخمرة . عندها عرفت سبب عودة كلبي يترنح كل صباح و يردد حو حو بدل عو عو إنه السكران السهران مع رجال الأعمال . ذات ليلة عزمت على زيارة مطعم صديقي من باب الفضول فرأيت بأم عيني كيف أن كلبي يأكل الطعام الممزوج بالخمرة و يرفع رأسه إلى فوق كما يفعل رجال الأعمال مرددا عوعو تماشيا و انسجاما مع صوت المطربة التي تغني موال ( يا ليل يا عين ) عندها إلتفت إلى صديقي و قلت له غاضبا :هذا الكلب أصبح كلب أعمال بحكم السهر مع رجال الأعمال ,من خالط قوم أصبح منهم , إن الطيور على أشكالها تقع .. لم تعد لي حاجة فيه خذه هو لك بلا ثمن , ثم انصرفت لا ألوي على شيء .