في منتديات قناديل الفكر و الأدب دارت هذه المحادثة المفيدة
حول قصيدتي : ( يوماً وقفتُ بسفح الريم مختارا):
كتب الأستاذ الأديب / ماجد وشاحي ما مفاده:
(أخي الشاعر الزبيدي
أحييك على هذه الكلمات الرقيقة والبوح الجميل وذكر أهل الصلاح بما فيهم من صفات الخير والإيثار
*فـي الشِّعـر بَغـيٌ و لا أَبْغِـي عـلـى أَحَــدٍ=إلاَّ الـــــذي جَــائـــراً لـلــشَّــرِّ قـــــدْ ثَــــــارا
لا أرى ضرورة لكلمة الذي
*شَادُوا صروحَ العُلا و الشَّمْسُ غايتُهُم=و أقـــربُ الـنَّــاس مـنـهــمْ شَــــادَ أَشْــبَــارا
حبذا لو عدلت الشطر الثاني ليناسب جمال المعنى في الشطر الأول
دمت بخير أخي الحبيب ولك مودتي واحترامي)
فأجبته:
(بارك الله فيك أستاذنا الكريم
و أشكر لك جميل عنايتك و كريم حرصك
و هذا النقد هو ما نسعى إليه فلا حرمنا الله أمثالكم!
*و إن كانت لي من كلمة فهي من باب سماع رأي الشاعر حول ما تبناه من رأي فأقول:
قولك(*فـي الشِّعـر بَغـيٌ و لا أَبْغِـي عـلـى أَحَــدٍ=إلاَّ الـــــذي جَــائـــراً لـلــشَّــرِّ قـــــدْ ثَــــــارا
لا أرى ضرورة لكلمة الذي )
فالاسم الموصول هنا من باب الموصول الخاص و ما أنشدته لا يخرج عن عالي الكلام _ بحول الله_
فالله جل شأنه يقول: (و إذ قال إبراهيم لأبيه و قومه إنني برآء مما تعبدون (26) إلا ّ الذي فطرني فإنه سيهدينِ(27) )الزخرف
و ما بعد (إلا الذي ) في البيت المنوه عليه فيه تقديم و تأخير يقتضيه الوزن و منثوره: إلا الذي قد ثار _جائراً _ للشر!
* و قولك _ يا سلمك الله _:
(
*شَادُوا صروحَ العُلا و الشَّمْسُ غايتُهُم=و أقـــربُ الـنَّــاس مـنـهــمْ شَــــادَ أَشْــبَــارا
حبذا لو عدلت الشطر الثاني ليناسب جمال المعنى في الشطر الأول )
فكيف_ أخي الحبيب _ أعدِّل و المعنى متساوق و منثور البيت يقول: إن الممدوحين شادوا صروح العلا ( و في كلمة صروح التي تعني القصور إشارة للسماء من طرف خفي) فالقصور تشاد نحو السماء و فيه إشارة على قدرة أصحابها و سعة طولهم و نية تطاولهم
و جاء في كتاب الله جلَّ في علاه: (وقال فرعون يا هامان ابن لي صرحا لعلي أبلغ الأسباب 36 أسباب السماوات فأطلع إلى إله موسى و إني لأظنه كاذبا و كذلك زين لفرعون سوء عمله و صد عن السبيل و ما كيد فرعون إلا في تباب(37) غافر.
فكما قلت لك: إن بناء صروح العلا_نحو السماء _ هو دأبهم و غاية القوم الشمس حتى تكون مآثرهم مشرقة و سامية و خالدة و نافعة كالشمس في سماء الإعجاز،
في حين أقرب الناس لهم و أشدهم مزاحةً لقدرهم لم يشيدوا إلا ما يطاول الأشبارا فأين الشبر ُو الفترُ من الصرح و الهمة التي تطلب الشمس؟
و أظن _ و الله أعلم_ أن هذا البيت فيه فن من فنون البلاغة ألا و هو (التكميل):
و هو _ كما فسره ابن حجة_ أن يأتي المتكلم ، أو الشاعر بمعنى تام ، من مدح أو ذم أو وصف أو غيره من الأغراض الشعرية و فنونها ، ثم يرى الاقتصار على الوصف بذلك المعنى_ فقط _غير كافٍ ، فيأتي بمعنى آخر يزيده تكميلا .....) خزانة الأدب ج2 ص 368
و بهذا يكون العجز من باب فن التكميل و الله أعلم!
هذا ما عندي و انتظر جميل تعليقكم.)
ثم سألني_ حفظه الله _ (والأهم من ذلك كله أن الإسم الموصول وجملة الصلة تعتبر كلمة واحدة أي لا يجوز الفصل بينهما بشيء من الكلام وقد أجاز بعض النحاة الفصل بينهما في حالات خاصة مثل القسم والنداء كأن تقول : جاء الذي والله أكرمته .
أو بالنداء ، نحو : كافأت الذي أيها الطلاب تفوق منكم .
أو بالجملة الاعتراضية ، نحو : جاء الذي ـ أدامك الله ـ نقدره .
والآن هذا هو بيت الشعر موضوع الكلام :
فـي الشِّعـر بَغـيٌ و لا أَبْغِـي عـلـى أَحَــدٍ=إلاَّ الـــــذي جَــائـــراً لـلــشَّــرِّ قـــــدْ ثَــــــارا
فهل تحقق فيه ما ذُكِر !!)
فأجبته:
(حياك الله أستاذنا الكريم
و أثمن لك وقتك الذي تفضلت به علينا: أنا و قصيدي ؛ فجزاك الله خيرا!
و عوداً لحديثنا المفيد حول البيت إياه فأقول:
نعم ،قد أحسنت في ذكرك وجوب ترك الفصل بين الموصول و صلته،
و هذا ما فعلته إلا إنني فعلت ما :
(يجوز، تقديم بعض أجزاء الصلة الواحدة على بعض بحيث يفصل المتقدم بين الموصول و صلته ، أو بين أجزاء الصلة الواحدة ....) النحو الوافي ج1.
و كما ترى أخي الحبيب فصلة الموصول هي الجملة الواحدة(ثائرا للشر قد ثار) فليس بينها و بين الموصل أجنبي و كل ما تقدم الفعل هو إما من معموله و إما متعلق به.
و الله يرعاكم!)