مظاهر الخلل الفكري واللغوي في موضوع "لو أنني رئيس حي ..." للثاني الإعدادي
(1)
تنهض الوحدة الثانية من وحدات مقرر اللغة العربية للصف الثاني الإعدادي على فكرة تمثيل الأدوار.
كيف؟
يتناول كل درس مهنة من المهن، ويؤدي أحد التلاميذ مهمات المهنة؛ فيعرف التلاميذ طبيعة المهنة وواجباتها وحقوقها.
وتُؤدَّى الفكرة في إطار الترويج لفكرة المساءلة وامتلاك حق المعرفة من خلال برنامج "برلمان الفصل"، وهي فكرة طيبة، لكنها أخلت في الدرس الثاني "لو أنني رئيس حي ..." بهذا الجمال.
لِمَ؟
في البدء اعتور بداية الدرس خلل في ترتيب الفِكَر؛ مما جعل ترتيب الفقرات يختل.
كيف؟
(حان يوم الخميس التالي .. بدأت جلسة البرلمان الأسبوعية .. دخلنا الفصل، وما هي إلا لحظات وقد أطل علينا الأستاذ أحمد بابتسامته المعهودة .. قمنا بتحيته رد علينا التحية وبدأت وقائع الجلسة).
هذا ما ورد، فماذا فيه؟
فيه ورود " بدأت جلسة البرلمان الأسبوعية" في غير مكانها؛ مما أدى إلى التكرار، وكان الترتيب الصحيح يقتضي حذفها لتصبح الصياغة: (حان يوم الخميس التالي .. دخلنا الفصل، وما هي إلا لحظات وقد أطل علينا الأستاذ أحمد بابتسامته المعهودة .. قمنا بتحيته .. رد علينا التحية وبدأت وقائع الجلسة).
بهذا الحذف تعتدل الصياغة، ويُمْحَى الخلل.
(2)
ولم يكن هذا هو مظهر الخلل الفكري الوحيد، بل تلاه ما أهو أعظم منه.
ما هو؟
بعد أن ربط الأستاذ أحمد بين الموضوع السابق وموضوع هذه الحصة بقوله: (لقد كان مصطفى أكثر من رائع حين مثل دور ضابط شرطة وأجاب عن أسئلتكم كلها بشكل طيب .. والآن من لديه استعداد أن يسحب الورقة اليوم؟ رفع أيمن يده، فأومأ الأستاذ أحمد برأسه موافقا. سحب أيمن ورقة من بين الورقات، ثم فتحها وقرأ فيها السؤال التالي: من أجل مصر، لو أنك رئيس حي من الأحياء ماذا ينبغي عليك أن تفعل؟)- بدأت الجلسة التي شهدت الخلل التفكيري الذي يروج للتفكير الدعائي الصوري وليس التفكير الحقيقي.
كيف؟
قال الكتاب: (سكت أيمن مدة دقيقتين كأنه يجمع معلومات عن المهنة، ثم قال: من أجل مصر، لو أنني رئيس حي لأديت ما علي من واجبات، وجعلت أول اهتماماتي أن يفوز الحي بجائزة النظافة والتجميل على مستوى المحافظة كلها).
أين الخلل؟
إنه في ترتيب أولويات المسئول الأول في الحي.
كيف؟
ماذا قال أيمن؟
قال: (من أجل مصر، لو أنني رئيس حي لأديت ما علي من واجبات، وجعلت أول اهتماماتي أن يفوز الحي بجائزة النظافة والتجميل على مستوى المحافظة كلها).
فيم أخطأ أيمن؟ أليست النظافة قيمة إسلامية وحضارية؟
بلى، هي كذلك، لكن أيمن جعلها أولى واجباته، وعندما أبرزها أبرزها إبرازا مؤقتا بوقت المسابقة؛ فمعلوم أن كل مسابقة لها أمد معلوم، تنشط فيها الجهود، ثم تنحدر بعد إنهائها.
وإن قال قائل: عندما يفوز ستكون سمة دائمة. ولو سلمنا له جدلا فسنسأله: وهل هذه القيمة آكد مما تلتها في استدراك مصطفى زميل أيمن؟
ماذا قال مصطفى؟
(قال مصطفى: هذه بداية طيبة، ولكن ماذا عن الاحتياجات الأساسية كالماء النظيف، واستمرار التيار الكهربي دون انقطاع، وسلامة شبكة الصرف الصحي).
لقد وضع مصطفى الأمور في نصابها الصحيح بعد أن جامل زميله في الجزء الأول من حديثه؛ فالماء النظيف آكد من الاشتراك في مسابقة المحافظة لنظافة الحي؛ لأن الماء وتلويثه يؤدي إلى ما نعلمه ونعيشه جميعنا من أمراض الكلى وغيرها.
ولم يتعرض الموضوع لما أبرزته إحدى الطالبات عندما سألتُ: لو كنت رئيسة الحي فما أولوياتك في العمل، فقالت: الأمن، والصحة من ماء نقي ورغيف خبز آدمي.
لقد صدق مصطفى، وصدقت الطالبة، أما أيمن الذي يمثل كاتب الموضوع فلم يوفّق؛ لأنه اهتم بما يجعله مادة إعلامية، ولم يهتم بالمشكلات الحقيقية لمواطنيه الذين سيسألهم الله عنهم؛ فكلنا راعٍ ومسئول عما استُرْعِي.
(3)
وإن عرجنا على الخلل اللغوي فسنرصد له مظاهر كثيرة في هذا الجزء الذي تناولناه فقط.
مثل ماذا؟
مثل: "قمنا بتحيته" والصحييح: "فحييناه"؛ لأن اللغة العربية لا تعرف الفعل المساعد.
ومثل: "وأجاب عن أسئلتكم كلها بشكل طيب"، والصحيح: "وأجاب عن أسئلتكم كلها إجابة طيبة"؛ فهذا الخطأ الذي أنتجته الترجمة عن اللغات الأوروبية قد محا باب المفعول المطلق من الإنشاء الصحفي الذي تُكتب به مقالات اللغة العربية التي تقرر في مراحل التعليم.
ومثل "سحب أيمن ورقة"، والصحيح "أخذ أيمن ورقة"؛ فالسحب هو الجر.
ومثل "لو أنك رئيس حي من الأحياء ماذا ينبغي عليك أن تفعل؟" والصحيح : "لو أنك رئيس حي من الأحياء ماذا يجب عليك أن تفعل؟"؛ لأن مهام العمل وجوبية وليست استحسانية يمكن أن يؤديها المسئول أو لا يؤديها.
وأكتفي.