مملكة الذباب!
(قصة قصيرة)
لم تيأس الذبابة الزرقاء من معاودة الكرة.. لقد عادت تطن بجناحيها طنينا مزعجا، ينبيء عما يمور في نفسها من غضب بالغ.. وقعت على مقربة من ميدان المعركة،
الذي شهد هزيمتها الأخيرة من قبل الذبابة السوداء..و رمت ببصرها.
لكم يغيظها أن ترى غريمتها و هي تلكز بمجسها القذر تلك الوجبة الشهية، و تنتقل في غطرسة ظاهرة من مكان إلى آخر، جذلانة ببسط نفوذها على هذه المملكة المتخمة
بما لذ و طاب.
قررت الذبابة الزرقاء الشروع في استعادة ملكها المسلوب..
- لا مجال للخطأ..(قالت لنفسها)
تحركت حركتها الأولى، يكتنفها حذر شديد من الفشل، خاصة و قد استهلك مخطط الاستعادة ربع عمرها، زد على ذلك اقتراب دورة التبويض، و في هذه الممـــلكة المـتـرفة
ما يضمن مستقبلا واعدا للصغار.
..و هي تتشمم ذلك العبق الزكي، الذي يحملها بأيدي الحنين إلى أحضان الماضي السعيد، اقتربت تنقل خطاها في خفة النسيم، تختبيء وراء قشرة بصل تارة، و تلوذ ببقية من فتات تارة أخرى..
و بعد لأي وجدت نفسها داخل الحلم!
-أخيرا..(قالت لنفسها)
دارت حماليق عينيها في أرجاء المكان، حملتها أكف التأمل إلى مهد الأمس الذاهب، و ربتت عليها نشوة الطموح بأنامل الرجاء في غد أفضل.
لم يبق وقت كثير لتستنزفه في استدعاء الذكريات، فحلمها يتداعى تحت زلزال دقات عقرب الساعة الذي لا يرحم.
أطلت برأسها الصغير من خلال ثقب في قطعة كَتَّان قذرة..رأت الذبابة السوداء و هي ترتع في ذلك المراح من النفايات، غارقة في سحر اللحظة.
فركت الزرقاء قائمتيها الدقيقتين، استوفزت..و هجمت.
طنين مزعج يقلق صاحب البيت، الذي كان مستغرقا في قيلولته المعتادة..
استيقظ مغضبا..أخذ قارورة المبيد.. تقدم نحو حاوية النفايات ..
تششششششششششش...