خدعة العصر

أَتَهْذِي بِمَا فِي القَلْبِ وَالرَّأْيُ عَاطِشُ؟
وَتَهْدِي لِمَا فِي الدَّرْبِ وَالوَعْيُ غَاطِشُ؟
سَرَى وَالرُّؤَى تَرْتَدُّ رَاشٍ وَرَاشِدٌ
وَعَرَّى السَّنَا المُحْتَدَّ نَاهٍ وَنَاهِشُ
أَحَارُ فَلا أَدْرِي أَمِنْ ذَاتِ سَوْرَةٍ
تَكَادُ النُّهَى الإِدْرَاكَ فِيهَا تُناوِشُ؟
لَجَاجَةَ مَذْهُولٍ مِنَ الحَزْبِ مُخْبِتٍ
وَضَجَّةَ مَخْذُولٍ دَهَتْهُ الدَّوَاهِشُ
كَأَنَّ بَنِي قَوْمِي أَبَارِيقُ زِينَةٍ
وَكُلَّ فَصِيحٍ مِنْ بَنِي الغَدْرِ نَاقِشُ
سَكَارَى بِبَأْسِ الرِّيحِ أَنَّى تَرَنَّحَتْ
حَيَارَى بِبُؤْسِ الرُّوحِ مَا سَامَ بَاطِشُ
فَلا يَأْتَلِي فِي الأَمْرِ فِيهِمْ مُنَاجِزٌ
وَلا يَعْتَلِي إِلا المُنَاجِي المُنَاجِشُ
أَأَذْكَى الذِي فِي الرَّأْسِ حَاسٍ وَحَاسِدٌ؟
وَأَنْكَي الذِي فِي الشَّأْسِ هَاجٍ وَجَاهِشُ؟
أَتُهْمَلُ عِنْدَ الكَرْبِ أُسْدٌ مَهِيبَةٌ؟
وَتَشْغَلُ بَالَ القَومِ فِيهِ البَرَاغِشُ؟
يَقُولُونَ: ضَلَّ الدَّرْبُ إِلا بِمَا نَرَى
وَكُلُّ سَبِيلٍ مَا خَلا الحَرْدِ نَافِشُ
لَعَمْرُكَ مَا فَهْمٌ يُلَبِّي إِلَى النُّهَى
مَتَى خَامَرَ النَّفْسَ الهَوَى لا يُنَاقِشُ
وَهَلْ كَانَ يَدْرِي الجَحْشُ مَا الشَّهْدُ فِي الهُدَى
إِذَا كَانَ أَشْهَى مَا يَلُوكُ الحَشَائِشُ
وَكَمْ مُدَّعٍ فِي الدِّينِ فِقْهًا وَحِكْمَةً
يَرَى مِنْ ضُحَاهُ مَا يَرَاهُ الأَخَافِشُ
فَيَحْسَبُ أَنَّ الدِّينَ لَحْيٌ وَلِحْيَةٌ
وَزَجْرٌ وَتَكْفِيرٌ وَنَاعٍ وَنَاعِشُ
وَيَسْمَعُ نَفْثَ الزَّيْغِ مِنْ آلِ فِتْنَةٍ
وَيَتْبَعُ ضَبَّ الزَّيْفِ مَا هَمَّ حَارِشُ
إِذَا مَا اسْتَقَرَّ الحُكْمُ فِي مَتْنِ شَامِصٍ
تَحَرَّى إِلَى التَّبْرِيرِ وَالعَنْدِ هَامِشُ
يُجَافِونَ نُورَ الرُّشْدِ جَهْلًا وَزُلْفَةً
وَأَكْثَرُ مَا يَخْشَى الضِّيَاءَ الخَفَافِشُ
وَلَو أَنَّهُمْ هَادُوا إِلَى الحَقِّ لاهْتَدَوْا
وَلَكِنَّ طَبْعَ المَرْءِ فِي الهَيْدِ هَادِشُ
تَؤُزُّ إِلَى الفَوضَى الحُكُومَاتُ خِلْفَةً
فَمَا مِنْ مَدَى إِلا وَلِلصَّبْرِ جَارِشُ
تَجُوسُ يَدَاهَا الشَّرَّ فِي كُلِّ دَوْلَةٍ
بِهَا تُزْجَرُ التَّقْوَى وَتُزْجَى الفَوَاحِشُ
وَمَا انْفَكَّ دَاعِي المَوْتِ يَأْوِي إِلَى الوَرَى
كَأَنَّ البَرَايَا لِلمَنَايَا مَفَارِشُ
فَكُلُّ دَعَاةِ الطَّعْنِ فِينَا أَشَاوِسٌ
وَكُلُّ رُعَاةِ الأَمْنِ فِينَا بَرَاقِشُ
وَمَا زَالَ يَعْدُو الجَوْرُ حَتَّى تَنَكَّرَتْ
مَوَاثِيقُ مَنْ يَعْشُو لِمَنْ لا يُعَايِشُ
سَقَاهُمْ غَلِيلُ اليَأْسِ كَأْسَ تَطَرُّفٍ
وَدُسَّتْ إِليهِمْ خُدْعَةَ العَصْرِ دَاعِشُ
أُولَئِكَ مِيزَابُ العَمَالَةِ صَبَّهُ
عَلَى رَأْسِ أَهْلِينَا عَدُوٌّ وَفَائِشُ
أُولَئِكَ أَذْنَابُ الخَوَارِجِ جُنْدُهُمْ
طَرِيدٌ وَطَمَّاعٌ وَطَاغٍ وَطَائِشُ
فَلا يَأْمَنَنْ زَعْمَ الخِلافَةِ رَاشِدٌ
فَفِي سِحْرِهَا تَسْعَى الأَفَاعِي الأَرَاقِشُ
وَلَوْ أَدْرَكَ الفَارُوقُ لاجْتَثَّ خِمْطَهُمْ
وَحَارَبَهُمْ بِالسَّيْفِ حَفْصٌ وَعَائِشُ
فَلَوْلا تَأَنَّى مَنْ يَرَى الرَّدَّ بِالرَّدَى
فَلَيْسَ يُثِيبُ الهَرْشُ وَالظُفْرُ خَامِشُ
وَلَوْلا تَعَنَّى مَنْ يَرَى الحَدَّ بِالنَّدَى
فَلَيسَ يُقَامُ الحَدُّ وَالكَفُّ رَاعِشُ
لِمَاذَا يُحَزُّ النَّحْرُ وَالدَّمُ وَاحِدٌ
وَفِيمَ يُشَقُّ الصَّدْرُ وَالظَّنُ جَائِشُ
وَفِيمَ قَبَرْنَا القَهْرَ مِنْ كُلِّ مُعْتَدٍ
وَلَكِنْ عَلَى أَرْحَامِنَا الحِقْدُ نَابِشُ
لَنَا شِرْعَةُ الإِيمَانِ بِالعَدْلِ وَالهُدَى
وَللهِ مَا فِي القَلْبِ مِمَّا نُبَاهِشُ
نَصِيحَةَ مَنْ يَخْشَى عَلَى الأَهْلِ فِتْنَةً
وَفَصْلَ خِطَابٍ لَمْ يُدَنِّسْهُ رَائِشُ
أَمَا يَوْمَ أَنْ كُنَّا عَلَى الحَقِّ أُمَّةً
أَتَانَا الرِّيَاشُ المُجْتَبَى وَالعَرَائِشُ
وَكُنَّا دُعَاةَ البِرِّ وَالعِلْمِ وَالعُلا
يُعَزُّ بِنَا أَهْلٌ وَيُحْمَى دَرَاوِشُ
فَلَوْ فِي عُمَانَ اسْتَرْحَمَ اليَمَّ سَاحِلٌ
لأَجْهَشَ سُوْدَانٌ وَجَاشَتْ مَرَاكِشُ
عَلَينَا ابْتِغَاءَ الخَيرِ مِنْ كُلِّ مَنْبَعٍ
وَلَيسَ عَلَينَا أَنْ تَشِحَّ الحَوَافِشُ
وَفِينَا الذِي فِينَا وَلَكِنْ لَعَلَّنَا
نُبَادِرُ لِلإِحْسَانِ فَالدَّرْبُ غَابِشُ
وَإِنَّ احْتِكَامَ العَضْلِ لِلعَدْلِ حَاشِمٌ
وَإِنَّ احْتِشَامَ الطُّهْرِ لِلعُهْرِ خَادِشُ
وَلَيسَ لَنَا إِلا التَّوَسُّمُ فِي غَدٍ
بِهِ تَرْتَقِي الرُّؤْيَا وَتَصْفُو المَعَايِشُ