مَـــنْ ذَا دَعَـــاكِ وَمَــا اجْــتَبَيتُكِ مَــوْعِدَا
وَمَـــنِ ادَّعَـــاكِ وَمَـــا اجْــتَــنَيتُكِ مَــوْلِدَا
أَنَـــا سَــرْمَــدِيُّ الـــرُّوحِ لَــكِــنَّ الــهَوَى
سَــرَفًــا تَــيَــمَّمَ شَــطْــرَ جِــرْمِــكِ سَــرْمَــدَا
مَـــا انْــفَــكَّ يُــغْــوِي مَــاءُ فَــتْنِكِ طِــينَتِي
حَــتَّــى بَــنَــيتُ لَـــكِ الــمَــشَاعِرَ مَــعْــبدَا
لَـــمْ تَــتَّــئِــدْ وَشَـــفَــا الــهُــنَــيْهَةِ يَــقْــتَفِي
خَـلَــدِي لأَحْــسِــبَ مَـــا وَهَـبْتِ مُــخَلَّدَا
وَعَــلَــى سَــرَابِ خُــطَاكِ أَرْكَــضَ ظِــمْئَهَا
لِــتَــؤُزَّنِــي فِـــي جُـبِّ وَهْــمِــكِ فَــدْفَــدَا
يَــــا ذَاتَ أَحْـــلامٍ وَأَحْــمَــالٍ عَــــلَــى
أَيِّ الــقُــرُوءِ حَــمَــلْتِ لَــنْ تَــلِدِي الــغَدَا
يَــــــا ذَاتَ آلامٍ وآمَــــــالٍ وَفِــــــي
ثَــدْيِ احْــتِضَانِكِ خَــمْرُ مَــنْ رَضِعَ الجَدَا
لَـــمْ تَــخْدَعِي صَــرْحِي الــمُمَرَّدَ فَــاخْدَعِي
مَـــا شِــئْــتِ مِــنْ زُمَــرٍ يَــرَونَكِ هُــدْهُدَا
إِنِّـــي حَــرَثْــتُــكِ فَــاحْــتَسَبْتُ مَــوَاسِــمِي
وَنَــدَبْتُ غَــرْسِي فِــيكِ يَــحْصُدُهُ الــسُّدَى
وَعَــنِ افْــتِــتَانِ سَــنَــاكِ أَنْــهَــرُ خَــاطِرِي
حَـــذَرَ الــلَّــظَــى أَلَّا يُــــبَــوَّأَ مَــقْــعَــدَا
مَــنْ يَــسْــتَلِذُّ الــشَّــهْدَ مِــنْ فَــمِ أَرْقَــمٍ؟
أَمَّـــنْ يَــوَدُّ الــمُلْكَ فِــي كَــنَفِ الــرَّدَى؟
هَــذَانَ مُــشْــتَــبِهَانِ رَحْــمُــكِ وَالــرَّحَــى
وَشَــهِــيُّ مَـــا يَــسْــقِي انْــثِيَالُكِ وَالــصَّدَى
لا فِــتْــنَــةً كَــالــلَــهْثِ خَـلْــفَ ظِـلالِــنَا
طَــوْعَ الــهِوَى وَالــرَّأْيُ مِــنْ صَــلَفٍ أَدَى
هَــلْ تَــسْــتَــرِيحُ الــــرُّوحُ إِلا خِــلْــسَــةً
مَــا بَــينَ نَــزْغِ مَــنِ اجْتَدَى وَمَنِ اعْتَدَى
وَأَنَا الــذِي مَــا زِلْــتُ أَبْــحَثُ عَنْ غَدِي
تَــعِــبَ الــرَّحِــيــلُ وَلَـــمْ أَزَلْ مُــتَــرَدِّدَا
طَـيـرِي يَـحِـنُّ وَرِحْـلَــتِي دَرَجَــتْ عَــلَى
دِفْءِ الــمَــوَاسِــمِ وَالــجَــنَــاحُ تَـــمَـــرَّدَا
أَرْنُــو إِلَــــى الــشُّــطْــآنِ زَوْرَقَ عَــــابِــرٍ
فِــي لُــجِّ يَــمِّــكِ لا يَــكَــادُ يَـــرَى الــيَدَا
لا يَــبْــلُــغُ الــمَـــرْءُ الــتَّــقِــيُّ مَــقَــامَــهُ
إِلا إِذَا أَدْنَــــى الـــحَــــيَــاةَ وَأَبْـــعَـــدَا
وَالــحَــقُّ غَــــايَــةُ كُـلِّ ذِي أَرَبٍ إِلَـــى
فَــحْــوَى الــحُــلُــومِ وَحَــزْمُــهُ أَنْ يَــرْشُــدَا
وَلَـكَمْ نَـهَيْتُ الــنَّفْسَ عَنْ سَرَفِ الوَرَى
وَتِــخِــذْتُ أُسْـوَتَـهَــا الـمُـجَــلَّلَ بِــالــهُدَى
قَــلَــبِــي تَــوَضَّــأَ بِــالــصَّــلاةِ وَأَحْـرُفِــي
فِـــي غَـــارِ طُــهْــرِ الْــبَــوْحِ خَــرَّتْ سُــجَّدَا
يَـرْنُـــو لِـمِــحْــرَابِ الــتَّــبَــتُّــلِ كُـلَّــمَــا
أَطْــفَــأْتُ دَمْــــعَ الــشَّــوْقِ زَادَ تَــوَقُّــدَا
قَــدْ هَــزَّ جِــــذْعَ مَــحَــبَّتِي بِــقَــصِيدَةٍ
عَـــذْرَاءَ لَـــمْ تَــغْــطِشْ لِــمَــرْيَمَ مَــشْــهَدَا
قُــلْــتُ اسْــتَــقِــمْ وَالــرُّوحُ تَــتْــلُو آيَـــةً
فِــي مَدْحِ مَنْ مَحَضَ الصِّرَاطَ مَنْ اهْتَدَى
هَـذَا الـذِي خَــضَــلَ الــمَــعِيَّةَ بِــالــتُّقَى
هَــذَا الــــذِي فَــضَــلَ الــبَــرِيَّةَ مَــحْــتِدَا
هَـذَا الأَمِـينُ الــصَّادِقُ الــمَـحْمُودُ فِــي
خُــلُــقٍ وَفِــي عَــمَــلٍ وَفِــي شِــيَمِ الــنَّدَى
هَـــذَا رَسُـولُ اللهِ أَكْـــرَمُ مَـنْ جَــزَى
وَأَعَـــزُّ مَـــنْ أَسْـــدَى الــجَــلِيل وَسَــدَّدَا
آبَـــاؤُهُ الـــغُـــرُّ الــسُّــرَاةُ وزَوْجُــــهُ
خَـيْـــرُ الــنِّــسَــاءِ وَآلُــــهُ دُرَرُ الــمَــدَى
لَـــمْ تَــحْــرُثِ الأَصْــلابُ إِلا عِــفَــةً
أَو تُــــورِثِ الأَرْحَـــــامُ إِلا سُـــؤْدُدَا
مُــذْ كَــــانَ آدَمُ مَــــا تُــــنَــزَّلُ مِــلَّــةٌ
إِلا وَلِـلإِسْـــلامِ تُــجْـــرِي الــمَــقْــصِــدَا
فَـــكَــأَنَّ يَــنْــبُــوعَ الـنُّــبُــوَّةِ مَـا جَـرَى
إِلا لِــيُــسْــقَــى الــعَــالَــمُــونَ مُــحَــمَّــدَا
مَــــا كَــــانَ مَـــوْلِــدُهُ الــعَــظِــيمُ وِلادَةً
بَــــلْ كَــــانَ بَــعْــثًا لِــلــوُجُودِ وَمَــوْلِــدَا
بُــشْـــرَى تَــسُـرُّ الــمُــؤْمِــنِينَ وَرَحْـمَــةً
لِــلــعَــالَمِينَ وَمُـــنْــذِرًا كَــبَــدَ الــكُــدَى
أَهْـدَى لِــيَثْرِبَ فَــضْلَ مَكَّةَ فِــي الـقُرَى
لَـمَّـــا بِـهِجْــرَتِــهِ الــشَّــرِيــفَةِ أَسْـــعَــدَا
وَأُثِـيــبَ خَــيْــرَ الْــمُــعْــجِزَاتِ تــفَــرُّدًا
ذِكْــرًا يُــرَدَّدُ فِـــي الــصُّــدُورِ مُــخَــلَّدَا
مَـزَّمِّـــلَ الــخُــلُــوَاتِ أَقْــرَأَ مُــرْفِــئًــا
وَمُـــؤَثَّـــلَ الــدَّعَــوَاتِ أَبْــــرَأَ مُــرْفِــدَا
وَسَقَــى مِـنَ الــبَــرَكَاتِ كُـلَّ ظَــمِيئَةٍ
وَحَـبَا مِنَ الــصَّدَقَاتِ كُــلَّ مَنَ اجْتَدَى
وَأَقَــــامَ فِــي الأَرْضِ الوِئَــامَ وَهَـدْيُـهُ
أَفْــشَــى الــسَّــلامَ وَحِـلْمُهُ شَــمِلَ الــعِدَى
وَشَفَى الـقُلُوبَ مِن الـشِّقَاقِ وِلَمْ يَكُنْ
لِــحَــضَــارَةِ الإِنْـــسَـــانِ إِلا الــمَــوْرِدَا
لَـمَّـــا أَذَلَّ لَــهُ الـبُـــرَاقُ جَــنَــاحَــهُ
فِـــي لَــيــلَةِ الإِسْـــرَاءِ بَـــارَكَ مَــسْــجِدَا
صَـلَّـــى إِمَـــامَ الأَنْــبِــيَــاءِ وَنُـــورُهُ
يَــسْـعَــى إِلَـى الـمَــلَأِ الــمُـقَدَّسِ مَــوْعِــدَا
حَـتَّـى تَــأَذَّنَ رَبُّـــهُ فَــسَــمَــا لَــــهُ
مِـعْــرَاجَ مَــنْ نَــادَى لِــمَنْ سَــمِعَ الــنِّدَا
يَـــا سَـيِّـدِي وَأَنَـــا الـذِي لَـمْ يَــتَّــخِذْ
يَــوْمًــا سِــوَاكَ مِـــنَ الــخَــلائِقِ سَــيِّــدَا
يَـــا قُدْوَتِــي وَأَنَـــا الـذِي مِـنْ فِــطْنَةٍ
رَشَـدًا بِــغَيرِ حَــكِيمِ هَـدْيِكَ مَــا اقْــتَدَى
يَـــا مَـنْ تَـفَـرَّدَ فِـي الأّنَـــامِ فَـصَاحَةً
مُذْ كُنْتَ أَنْتَ الصَّوْتَ كُنْتُ أَنَا الصَّدَى
لَـوْلاكَ مَا انْـتَهَلَ الرَّشَادَ أُولُو الــحِجَا
لَــوْلاكَ مَـــا ابْــتَــهَلَ الــفُــؤَادُ مُــوَحِّــدَا
لَـوْلاكَ مَـــا ائْـتَلَفَتْ قُـلُوبٌ وَارْتَـقَتْ
أُمَـمٌ وَأَضْـحَــى الـكَــوْنُ أَجْــوَدَ أَرْشَــدَا
يَــــا خَـيــرَ خَلْــقِ اللهِ كَيفَ لِطَــائِرٍ
لَــمْ يُــسْــقَ حُــبَّــكَ أَنْ يَــطِــيرَ مُــغَــرِّدَا
الـرُّوحُ بَــيـنَ يَـدَيْـكَ مِنْ أَلَـمٍ سَجَتْ
وَالــقَــلْبُ فِـي كَــفَّيْكَ مِــنْ أَمَــلٍ هَــدَا
حَاشَاكَ مِنْ هَرَفِ الـزُّنَاةِ وَمَــكْرِهِمْ
وَكَـفَــاكَ رَبِّــي الــشَّــانِــئِينَ الــحُــسَّــدَا
وَفَدَاكَ مَا فِي الكَوْنِ يَا شَرَفَ الوَرَى
وَأَجَــلَّ مَــــا خَــلَــقَ الإِلَـــهُ وَأَجْــلَــدَا
لَــمْ يَعْرِفُــوكَ بِـنَــا وَأَجْفَــلَ رَأْيَـهُـمْ
مَــنْ ظَــنَّ أَنَّ الـــدِّيــنَ أَنْ يَــتَــشَدَّدَا
إِنَّــــا لَــفِـي زَمَــنِ الــنِّـفَــاقِ تَـلُوكُــنَا
فِـتَــنٌ وَيُــلْــقِــمُنَا الـبُغَاةُ فَـمَ الـــرَّدَى
زَمَـنٌ تَـأَخَّـرَتِ الأُسُـودُ وَأَخْــبَــتَتْ
وَجَــلًا فَــأَغْـرَى الــجُــرْذَ أَنْ يَــتَــأَسَّدَا
مِـنْ كُـلِّ إِمَّــعَــةٍ يَــخُــوضُ بِــرَأْيِــهِ
يَـقْفُو الـتُّــرَابَ هَـوَىً وَيَــجْفُو الــعَسْجَدَا
إِنْ صَـبَّ كَأْسَ الـلَهْوِ عَبَّ فَمَا ارْعَوَى
وَإِنِ ارْتَــقَــى الأَرَبُ الـمَؤَثَّــلُ أَخْـلَــدَا
قَدْ عَـــادَتِ الأَصْنَــامُ تُـعْـبَدُ، جُلُّهُمْ
صَـنَمًــا أَقَـــامَ عَــلَــى العُــرُوشِ مُــؤَيَّــدَا
لَــمْ يَظْهَــرِ الـدَّجَّــالُ بَـعْــدُ وَإِنَّــمَــا
ظَهَــرَ الــفَــسَادُ فِــي الاعْــتِــقَادِ وَهَــدَّدَا
قَـدْ أَوَّلُـوا الآيَـــاتِ وَهْـيَ صَــرِيــحَةٌ
وَتَــبَــدَّلُــوا مِـنــكَ الــصَّــحِــيحَ الــمُــسْنَدَا
وَتَـزَيَّــلُــوا شِـيَــعًــا يَـشُـطُّ إِمَــامُهُــمْ
فَــيُــطَاعُ فِـــي الأَمْــرَينَ رَاحَ أَوِ اغْــتَدَى
رَذَلُـوا الـمَكَــارِمَ فَــاسْتُبِحْنَا قِـصْعَةً
لِــلطَّــامِعِينَ وَسَــيْــفُــنَا اغْــتَــمَدَ الــصَّــدَا
وَالـمَوْتُ يَـرْتَــعُ فِــي الــدِّيَــارِ كَأَنَّــهُ
ذِئْـبُ الـشِّقَاقِ الــمُرِّ فِــي الــدَمِ عَــرْبَدَا
مَسْـرَاكَ تُــنْــهِــكُهُ الــقُيُودُ وَقُــدْسَــهُ
هَـتَــكَ الــيَــهُودُ وَشَعْــبُ غَـــزَّةَ شُـــرِّدَا
وَالـشَّــامُ حَرَّقَهَا الطُّغَاةُ وَبِــاللِحَى ارْ
تَــزَقَ الــدُّعَــاةُ وَكُـلُّ أَحْــمَــقَ أَلْــحَــدَا
وَالـنِيلُ قَدْ جَـحَدَ الـفُرَاتَ وَذُو المُنَى
عَشِــقَ الأَنَـــا وَالــنَّخْلُ يَــخْشَى الـغَرْقَدَا
فَـمَتَــى سَنَعْبُرُ خَوْفَنَــا لِـحِمَـى غَـدٍ
لا الـمُـدُّ يُـصْغِي الــحُرَّ فِــيهِ وَلا الــمُدَى
وَإِلامَ سَــفْــعُ الرُّوحِ؟ لَـمْ تَكُ أُمَّــةً
لَـــمْ تَــسْــتَــطِعْ بِــالــدِّيــنِ أَنْ تَــتَــوَحَّدَا
يَــــا رَبِّ صَـلِّ عَلَــى الـنَّــبِيِّ وَآلِـــهِ
وَهَــبِ الــوَسِــيــلَةَ وَالــفَــضِــيلَةَ أَحْــمَــدَا
وَاجعَــلْ شَفَاعَتَهُ الـمَلاذَ لِـمَنْ أَتَـى
يَـرْجُـوكَ بِــالــرَّحَـمَــاتِ أَنْ تَــتَــغَــمَّــدَا