|
صَمَتَ الرَّبِيِعُ بِمَوْتِهَا فتَكَلَّمَا |
جَرْسُ الْخَرِيِفِ بِصَحْوَتِي مُتَأَلِّمَا |
تِلْكَ الزُّهُورُ غَدَتْ جَفَافاً صَامِتاً |
وَالطَّيْرُ فِي جَوِّي تَوَارَى أَبْكَمَا |
أَنَا مُذْ فَقَدْتُكُ يَا رَفِيِقَةَ رِحْلَتِي |
مَا فَارَقَ الدَّمْعُ اشْتِيَاقَ الرُّوحِ مَا |
لَوْ يَنْزِفِ الآهَاتِ حَرْفُ مَشَاعِرِي |
لَاغْرَوْرَقَتْ عَيْنُ الْقَصِيِدِ تَرَحُّمَا |
أَوْرَاقِيَ الثَّكْلَى مَعَانِيِهَا اخْتَفَتْ |
مُذْ غَيَّمَ الْمَوْتُ الْجَسُورُ الْمُعْجَمَا |
مَرْضِيَّةُ الأَشْوَاقِ قُومِي وَانْظُرِي |
هَذَا النَّشِيدُ بِنُورِ وَصْفِكِ نَغَّمَا |
أَصَدِيِقَتِي وَحَبِيبَتِي مَرْضِيَّتِي |
سُبْحَانَ مَنْ سَوَّاكِ بَدْراً فِي السَّمَا |
وَبِصَحْوَةِ الْقَدَرِ الْمُسَجَّلُ وقْتُهُ |
نَامَ الْجَمَالُ وَذَا الْقَضَاءُ تَحَكَّمَا |
لَا يَوْمَ لِي إِلاَّ وَجِئْتِ بِدَمْعِهِ |
كُلُّ الْفُصُولِ غَدَتْ سَرَاباً مُظْلِمَا |
الشَّوْقُ يَفْتِكُ بِالْمَشَاعِرِ كُلَّمَا |
طَافَتْ عَلَى رُوحِي رُؤَاكِ تَوَهُّمَا |
لاَ زِلْتُ أَبْحَثُ فِي مَلَامِحِ صُورَةٍ |
عَنْ ذِكْرَيَاتٍ كُنْتِ فِيِهَا الْبَلْسَمَا |
وَأُخَاطِبُ الصُّوَرَ الحَبِيسَةُ فِي يَدِي |
وَالصَّمْتُ يَبْكِي دَمْعَهُ المُتَوَسِّمَا |
قَدْ كُنْتِ يَا مَرْضِيَّةَ الحُبِّ النَّدَى |
إِنْ سَاحَ قَطْرُكِ فيِ القُرُنْفُلِ نَعَّمَا |
تِلْكَ الزُّهُورُ تَشَكَّلَتْ أَلْوَانُهَا |
لَكِنَّ وَرْدَكِ فِي دِمَائِي عَلَّمَا |
حَتَّى كَأَنَّكِ مُذْ خُلِقْتِ كَجَنَّةٍ |
فِيهَا الْوُرُودُ تَعِيِشُ رَوْضاً مُفْعَمَا |
مِنْ طِيبَةِ الْقَلْبِ اعْتَلَتْكِ بَشَاشَةٌ |
وَكَأَنَّ وَجْهَكِ بِالنَّقَاءِ تَبَسَّمَا |
وَسَمَاحَةُ النَّفْسِ الرَّضِيَّةِ أَشْرَقَتْ |
فَوْقَ الْمَلاَمِحِ..طَيَّ هَالاَتِ الْوَمَى |
وَإِذَا حَضَنْتُكُ أَسْتَعِيِدُ طُفُولَتِي |
قَدْ كَان حِضْنُكِ بِالْحَنَانِ مُلَمْلَمَا |
فِي مُقْلَتَيْكَ بَرِيقُ نَجْمٍ سَاطِعٍ |
وَإِذَا انْعَكَسْتُ رَأَيْتُ نُورِيَ مِنْهُمَا |
وَالْيَوْمَ قَدْ نَشِفَتْ دُمُوعي كُلّهَا |
لَكِنَّ دَمْعَ الْقَلْبِ ظَلَّ فَوَرَّمَا |
تَمْضِي السِّنِينُ وَكَيْفَ أَحْيَاهَا أَنَا |
إِنْ صَارَ عُمْرِي فِي مَمَاتِكِ مأْتَمَا |
لَمَّا أَرَاكِ بِهَاجِسِي لأْلاَءَةً |
مِثْلَ السَّرَابِ يَطُلُّ وَجْهِي مُعْدَمَا |
الْمَوْتُ أَرْغَمَنِي قُبُولَ قَضَائِهِ |
رُغْمَ الْقَضَاءِ يَــئِنُّ رَفْضِي مُرْغَمَا |
أَنَا قَدْ خَتَمْتُكِ فِي فُؤَادِي نَبْضَةً |
أَحْيَا بِهَا حَتَّى أَمُوتُ مُسَلِّمَا |