أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: قراءة انطباعية لقصيدة "مأساة الياسمين"..

  1. #1
    الصورة الرمزية عبد اللطيف السباعي شاعر
    تاريخ التسجيل : Sep 2014
    المشاركات : 280
    المواضيع : 52
    الردود : 280
    المعدل اليومي : 0.08

    افتراضي قراءة انطباعية لقصيدة "مأساة الياسمين"..

    قراءة انطباعية للشاعر والناقد الأستاذ ماجد وشاحي لقصيدتي "مأساة الياسمين"..

    مأساةُ الياسمين..
    عبد اللطيف السباعي

    كنتُ في عتْمةِ الحنينِ سَجينا = لا أناجي غَيرَ الفراغِ خَدينا
    في قطارٍ ينْسَلُّ منْ ذكْرياتي = أتمَلَّى شمْعاتِيَ الأرْبَعينا
    أرْقُبُ الأفْقَ منْ زجاجِ شُجوني = وهْوَ يَعْدو إلى الوراءِ حزينا
    فُتِحَ البابُ عنْ مُحَيًّا تجَلَّى = بيتَ شعرٍ لا يَقْبلُ التضْمينا
    بدْعةُ الحُسْنِ فيهِ فتْحٌ جديدٌ = نُبْصِرُ الضوءَ إثْرَهُ إنْ عَمِينا
    كلُّ لفظٍ يُرامُ في وصْفِهِ في = رَحِمِ العقْلِ ما يزالُ جَنينا
    غادةٌ غَضَّةُ الملامِحِ وَسْنى = قدْ تَخَطَّتْ سِنونَها العشْرينا
    أتْلفَتْني بنظرةٍ رَشَقَتْها = في تلافيفِ مهْجتي سِكِّينا
    لمْ تذرْ لي بِساحةِ النبضِ إلا = شَرَيانًا مُضَرَّجًا ووَتينا
    أتْبعَتْها بضَحْكةٍ مُشْتهاةٍ = أنْبتتْ في حُشاشتي يَقْطِينا
    أخْرَجَتْ بَغْتةً لُفافَةَ تِبْغٍ = لَفَّ منْ طيبِ شَكْلِها الوعْيُ حينا
    ثارَ ظنِّي ورُحْتُ أسْألُني هلْ = كانَ شكًّا ما عَنَّ لي أمْ يَقينا
    حينَ مُدَّتْ يدي بعودِ ثِقابٍ = شَعَّ نورُ العِرْفانِ منها مُبينا
    خِلْتُ أنِّي سَمِعْتُ للقُرْطِ جَرْسًا = كشَهِيقِي وللسوارِ رَنينا
    أوْمَأتْ لي ببَسْمةِ الثغْرِ جذلى = ثمَّ أحْنتْ بالاِمْتِنانِ الجَبينا
    أشْعَلتْها فأضْرمَتْ فِيَّ نارًا = قدْ خبَتْ من جِمارِ قلبي سِنينا
    وتعَجَّبتُ.. إنَّ أعْجَبَ شيءٍ = ربَّةُ الحُسْنِ تعْشَقُ التدْخينا!
    شَرِقتْ عَيْنُها بدَمْعِ كلامٍ = يحملُ الحرفُ فيهِ حُزْنًا دفينا
    فتحَتْ شُرْفةَ الحديثِ فقالتْ = أوْشَكَ الهَمُّ فيكَ أنْ يسْتبينا
    إنَّ في مُقْلتيْكَ موْجَ ادِّكارٍ = هاجَ في لُجَّةٍ تُقِلُّ سَفينا
    أصْغِ لي.. إنَّ لي حكايةَ جرحٍ = سوفَ تُنسيكَ بالتأسِّي الحنينا
    أنا يا شاردَ العيونِ سِراجٌ = أفَلَ الضوءُ منهُ حينَ أُهينا
    في انْتصافٍ منَ الزمانِ قريبٍ = لمْ أجِدْ لي على البلاءِ مُعينا
    عَضَّني فيهِ هِجْرِسٌ آدَمِيٌّ = يعْتلي في العَواءِ رُكْنًا رَكينا
    نَطَّ في مِزْهَريَّتي غِبَّ يوْمٍ = مُكْفَهِرٍّ فمَزَّقَ الياسمينا
    بعْدَها قدَّتِ الخطيئةُ ثوبي = نَصَبَتْ لي بكلِّ فجٍّ كَمينا
    ليْتني في الهوى رَبَأْتُ بحظي = فيهِ منْ أنْ أُدانَ أو أنْ أُدينا
    شَجَّني صَوْتُها الشَّجيُّ ابْتداءً = ثمَّ فاضتْ منهُ الحنايا أنينا
    فتواثبْتُ للكلامِ عَجولاً = بعدَ أن كنتُ بالكلامِ ضَنينا
    قلتُ إنَّ الحياةَ قدْ عَلَّمَتْني = في دُنا الرأيِ أنْ أكونَ أمينا
    نحنُ في قبْضةِ القضاءِ، سَواءٌ = أأبَيْناهُ أمْ بهِ قدْ رَضينا
    بُرْعُمُ الوردِ فيكِ مَوًَّالُ طُهْرٍ = كيفَ يرضى بذا الغثاءِ مَعينا؟
    لمْلمي الجُرْحَ ما أصابكِ ولَّى = فعْلُ ماضٍ لا يقبَلُ التسْكينا
    واظْعَني فوق هَوْدَجِ التوْبِ حتى = يسْكُنَ الروْعُ منْكِ أو يسْتكينا

    آيت اورير - المغرب
    02/11/2014

    كنتُ في عتْمةِ الحنينِ سَجينا = لا أناجي غَيرَ الفراغِ خَدينا
    في قطارٍ ينْسَلُّ منْ ذكْرياتي = أتمَلَّى شمْعاتِيَ الأرْبَعينا
    أرْقُبُ الأفْقَ منْ زجاجِ شُجوني = وهْوَ يَعْدو إلى الوراءِ حزينا

    يصور لنا الشاعر هنا رحلته في قطار وجلوسه وحيدا في مكان مظلم ...فخطر بباله أن يجلس قرب النافذة الزجاجية لعله يرى من خلالها ما يبهج النفس ويريح البصر أو يتسلى بالنظر إليه ليهون عليه مشقة السفر ويختصر الزمن......ولكنه لا يرى في الخارج سوى الظلمة والفراغ الذي يلف المكان .......وهذا ما يشير إلى أن السفر كان ليلا...فاجتمعت على الشاعر ظلمة المكان الذي يجلس فيه والظلمة في الأفق الخارجي ...وكذلك الفراغ في الأفق الذي لا يرى منه شيئا والفراغ الذي هو فيه حيث لا شيء لديه ليعمله أو يتسلى به...حيث لا يوجد سوى الفراغ والظلمة وأصوات عجلات القطار على سكة الحديد والتي تأتي متناغمة كأنها موسيقى (...هذا ما عهدته في قطارات الفحم ...أو الديزل القديمة التي سافرت بها كثيرا في سبعينيات هذا القرن ....) ولا شك أن مثل هذه الأجواء تكون مدعاة للفكر والذاكرة كي تسرح كيف تشاء حيث لا يوجد ما يشغلها عن ذلك...وهنا ينطلق الشاعر بخياله الخصب فيتخيل القطار وكأنه قطار العمر فأخذ يعيد شريط الذكريات التي مرت به والمحطات التي توقف بها فترة من الوقت ثم يتابع المسير من جديد حتى وصل المحطة التي تقول له أنك بلغت من العمر سن الأربعين...وهنا تبدأ شجونه وأحزانه لما مر من ماض جميل وذكريات الشباب .....

    فُتِحَ البابُ عنْ مُحَيًّا تجَلَّى = بيتَ شعرٍ لا يَقْبلُ التضْمينا
    بدْعةُ الحُسْنِ فيهِ فتْحٌ جديدٌ = نُبْصِرُ الضوءَ إثْرَهُ إنْ عَمِينا
    كلُّ لفظٍ يُرامُ في وصْفِهِ في = رَحِمِ العقْلِ ما يزالُ جَنينا
    غادةٌ غَضَّةُ الملامِحِ وَسْنى = قدْ تَخَطَّتْ سِنونَها العشْرينا
    أتْلفَتْني بنظرةٍ رَشَقَتْها = في تلافيفِ مهْجتي سِكِّينا
    لمْ تذرْ لي بِساحةِ النبضِ إلا = شَرَيانًا مُضَرَّجًا ووَتينا
    أتْبعَتْها بضَحْكةٍ مُشْتهاةٍ = أنْبتتْ في حُشاشتي يَقْطِينا

    وفجأة... وهو في أوج أحزانه يُفتح الباب وتدخل منه صبية لتشاركه المكان ويخبرنا أن هذه الصبية في العشرينيات من عمرها وأنها أثارت إعجابه بما تمتلكه من مقومات الفتنة والجمال ....وما تلاها من نظرات وابتسامات ...ولكن كيف رأى هذا الجمال الذي يصف وهو في غرفة مظلمة....وهنا سأقول نيابة عن الشاعر لأنني سافرت كثيرا في القطارات أيام دراستي الجامعية في الهند .......أن الغرف المغلقة في القطارات ال ( chambers ) لا تكون مظلمة جدا ولكنها قليلة الإنارة ...ثم أنه عندما فُتح الباب لتدخل تلك الفتاة أضاء المكان .......



    أخْرَجَتْ بَغْتةً لُفافَةَ تِبْغٍ = لَفَّ منْ طيبِ شَكْلِها الوعْيُ حينا
    ثارَ ظنِّي ورُحْتُ أسْألُني هلْ = كانَ شكًّا ما عَنَّ لي أمْ يَقينا
    حينَ مُدَّتْ يدي بعودِ ثِقابٍ = شَعَّ نورُ العِرْفانِ منها مُبينا
    خِلْتُ أنِّي سَمِعْتُ للقُرْطِ جَرْسًا = كشَهِيقِي وللسوارِ رَنينا
    أوْمَأتْ لي ببَسْمةِ الثغْرِ جذلى = ثمَّ أحْنتْ بالاِمْتِنانِ الجَبينا
    أشْعَلتْها فأضْرمَتْ فِيَّ نارًا = قدْ خبَتْ من جِمارِ قلبي سِنينا
    وتعَجَّبتُ.. إنَّ أعْجَبَ شيءٍ = ربَّةُ الحُسْنِ تعْشَقُ التدْخينا!

    ولكن افتتانه بتلك الجميلة تحول إلى عَجبٍ واستهجان عندما رآها تخرج لفافة تبغ وتضعها بين شفتيها ...ومع ذلك فقد تعامل معها بكل لطف واحترام وأشعل السيجارة لها ...وهو يتساءل في نفسه ...ما الذي دفع هذه الجميلة للتدخين...فهل مثلها من يحمل من الهموم ما يجعلها تلجأ للتدخين.....!!


    شَرِقتْ عَيْنُها بدَمْعِ كلامٍ = يحملُ الحرفُ فيهِ حُزْنًا دفينا
    فتحَتْ شُرْفةَ الحديثِ فقالتْ = أوْشَكَ الهَمُّ فيكَ أنْ يسْتبينا
    إنَّ في مُقْلتيْكَ موْجَ ادِّكارٍ = هاجَ في لُجَّةٍ تُقِلُّ سَفينا

    وهنا ابتدأت بالحديث معه قائلة ...أراك مهموما جدا ...وهذا واضح من تعابير وجهك...ومهما حاولت لن تستطيع كتمان ما تحمل من هموم..........ومع ذلك لن أتطفل عليك وأسألك عن ماهية همومك ...ولكن أريدك فقط أن تسمع قصتي ومبعث حزني وهمي ...لعلك تتأسى بها وتنسى همومك...وبدأت تقص عليه حكايتها.......

    أصْغِ لي.. إنَّ لي حكايةَ جرحٍ = سوفَ تُنسيكَ بالتأسِّي الحنينا
    أنا يا شاردَ العيونِ سِراجٌ = أفَلَ الضوءُ منهُ حينَ أُهينا
    في انْتصافٍ منَ الزمانِ قريبٍ = لمْ أجِدْ لي على البلاءِ مُعينا
    عَضَّني فيهِ هِجْرِسٌ آدَمِيٌّ = يعْتلي في العَواءِ رُكْنًا رَكينا
    نَطَّ في مِزْهَريَّتي غِبَّ يوْمٍ = مُكْفَهِرٍّ فمَزَّقَ الياسمينا
    بعْدَها قدَّتِ الخطيئةُ ثوبي = نَصَبَتْ لي بكلِّ فجٍّ كَمينا
    ليْتني في الهوى رَبَأْتُ بحظي = فيهِ منْ أنْ أُدانَ أو أنْ أُدينا

    وهنا تبدأ الفتاة برواية قصتها المحزنة المبكية والتي ملخصها أن ثعلبا بشريا اعتدى على عفتها وهتك عرضها ...وهنا لا بد من الإشارة والإشادة بجماليات التعبير والتصوير والتشبيه والمحسنات اللفظية من استعارة وتمثيل...الخ ومن ضمنها ...أنه وصف المعتدي بالثعلب لما عُرف عن الثعلب من مكر ودهاء وخديعة....// نط في مزهريتي //....فالفعل نط ...يعني أن الفعل لم يكن بإرادتها ...وإلا لما احتاج للنط ...وكلمة مزهريتي... تعني مواطن الجمال والعفة التي تحافظ عليها كما يحافَظ على الورود في المزرية.....// وصف ذلك اليوم أنه يوم مكفهر...// ...تمزيق الياسمين ....يعني تمزيق الشرف والعفة...// قدَّتِ الخطيئةُ ثوبي...يعني افتضاح أمرها وانكشاف سرها وسترها...فالثوب يعني الستر ..وقدّه أو تمزيقه يعني إزالة الستر.......

    شَجَّني صَوْتُها الشَّجيُّ ابْتداءً = ثمَّ فاضتْ منهُ الحنايا أنينا
    فتواثبْتُ للكلامِ عَجولاً = بعدَ أن كنتُ بالكلامِ ضَنينا
    قلتُ إنَّ الحياةَ قدْ عَلَّمَتْني = في دُنا الرأيِ أنْ أكونَ أمينا
    نحنُ في قبْضةِ القضاءِ، سَواءٌ = أأبَيْناهُ أمْ بهِ قدْ رَضينا
    بُرْعُمُ الوردِ فيكِ مَوًالُ طُهْرٍ = كيفَ يرضى بذا الغثاءِ مَعينا؟
    لمْلمي الجُرْحَ ما أصابكِ ولَّى = فعْلُ ماضٍ لا يقبَلُ التسْكينا
    واظْعَني فوق هَوْدَجِ التوْبِ حتى = يسْكُنَ الروْعُ منْكِ أو يسْتكينا

    وهنا ينسى الشاعر همومه كلها ويتفاعل مع قصة تلك الفتاة موقنا أنه ما من حزن ولا هم إلا وهناك ما هو أعظم وأشد إيلاما منه...وأن علينا أن نوقن بحتمية وقوع ما كتبه الله علينا من أقدار مقدرة حيث لا رادّ لقضاء الله ....فما علينا إلا أن نلملم جراحنا وننسى الماضي ونلتفت للمستقبل وأن لا ندع تلك الأحداث والأحزان تقودنا إلى اليأس ..........وأن نتوب لله من أي ذنب اقترفتاه في ساعة غفلة ...........

    وفي الختام أقول سواء كانت القصة حقيقية أم لا...فإنها تبقى واقعية وقد استطاع الشاعر بحنكته المعهودة وامتلاكه لأدوات الشعر واللغة أن يوصلها للقارئ بكل شفافية وإتقان مما جعلنا نتفاعل معها وكأنها تقع أمامنا ونشاهد كل تفاصيلها........

  2. #2
    أديب
    تاريخ التسجيل : Sep 2008
    الدولة : أرض الله..
    المشاركات : 1,952
    المواضيع : 69
    الردود : 1952
    المعدل اليومي : 0.34

    افتراضي

    الأخ المحترم..الشاعر ..عبد اللطيف السباعي..
    شرح فصيح لمضامين القصيدة التي مهما تمادت في الخيال فهي تعكس واقعا مزريا سبّب المآسي للشاعر وجليسته الافتراضية في قطار الحياة المشحون بذكريات الماضي..
    ففي ميزان "النّقد الثّقافي" الهادف إلى كشف"الأنساق الثّقافية التي يتضمنها المنتوج الفكري للنّصّ المبدَع ..
    أنّ "أزمة الأخلاق" التي يعيشها الإنسان المعاصر هي باعث كلّ مأساة بشرية ..
    لو استقام البشر على الأخلاق لما اشتكى الشّاعر ومحاورته ..
    تبقى القصيدة شاهد على مآسي إنسان العصر..
    بالغ تقديري..

المواضيع المتشابهه

  1. قراءة انطباعية لنص ( الصوت المزمجر )
    بواسطة حاتم قاسم في المنتدى النَّقْدُ الأَدَبِي وَالدِّرَاسَاتُ النَّقْدِيَّةُ
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 09-04-2022, 01:27 PM
  2. قراءة انطباعية لومضة"هيهات" لمصطفى حمزة
    بواسطة كريمة سعيد في المنتدى النَّقْدُ الأَدَبِي وَالدِّرَاسَاتُ النَّقْدِيَّةُ
    مشاركات: 15
    آخر مشاركة: 26-02-2022, 08:46 PM
  3. مأساةُ الياسمين..
    بواسطة عبد اللطيف السباعي في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 20
    آخر مشاركة: 05-12-2015, 10:49 PM
  4. قراءة انطباعية في نص مراسم الزفاف للقاص خليل النابلسي بقلم حسين الهنداوي - حاتم قاسم
    بواسطة حاتم قاسم في المنتدى النَّقْدُ الأَدَبِي وَالدِّرَاسَاتُ النَّقْدِيَّةُ
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 04-02-2007, 06:00 PM
  5. قراءة انطباعية (عندما تموت الملائكة ) للروائي الكبير أ/ سعيد سالم
    بواسطة صابرين الصباغ في المنتدى النَّقْدُ الأَدَبِي وَالدِّرَاسَاتُ النَّقْدِيَّةُ
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 08-04-2006, 04:16 AM