★ كم يهوى المقتول الجاني ★ للنقد والتحليل مع الشكر الجزيل

إعْـزِفْ لا تَسْكُـتْ ثَانِيَةً
واسْتَخْـرِجْ مِنِّى أَلْحَـانِي

عَزْفُـكَ ما أحْلاهُ بقلْـبي
يَمْسَـحُ بَعْضـاً مِنْ أحْزَاني

ويُكَفْكِفُ دَمْعـاً لازَمَنِـي
طُولَ العمـرِ بِطُولِ زَمَاني

قُلْتُ اقْتَـرِبي أكْثَـرَ مِنِّـي
زِيدِيـنِي عَبَقـاً أَغْــوانِي

أَنْفاسُـكِ عِطْـرٌ أهْــوَاهُ
وأَكِيـدٌ عِطْـرُكِ يَهْــوَاني

إقْتــرَبَتْ آآهٍ لَـوْ تَـدْرِي
كَمْ يَهْـوَى الْمَقْتُـولُ الْجَانِي




جميلة جميلة...
(كم يهوى المقتول الجاني)
عندما قرأت هذا تساءلت كيف يكون هذ مستحيل
وبعد قراءة القصيدة أسألك كيف أتيت بهذا الجمال (كم يهوى المقتول الجاني) رائعة
بحرفها وإيقاعها وتحليقهاااا...
مبدع وحرفك ماتع دائما
تحيتي وتقديري

الأخ الشاعر الكبير أحمد الجمل
نظمت وأجدت معنى ونظما ولحنا موسيقيا , وأود أن أعرض أولا منشأ هذا الوزن:
بحر المتدارك الذي لم يذكره الفراهيدي لأسباب لا نعرفها لحد الآن , وأضافه الأخفش وهو على وزن :
فاعلن فاعلن فاعلن فاعلن ... فاعلن فاعلن فاعلن فاعلن
ثم أجازوا فيه الخبن لتأتي تفعيلة ( فاعلن ) بوزن ( فعِلن ) وهذا الأسلوب اعتمد من المتقارب حيث يجوز أن تأتي كافة التفعيلات مقبوضة لتكون ( فعولُ ) بدل ( فعولن ) , لكنهم أضافوا إليه أيضا أن تأتي أيضا بوزن ( فعْلن ) حتى في كافة التفعيلات في الشطرين.
ومبررات ذلك أنه ذو موسيقية رقيقة وإيقاع أسهل للغناء.
والحقيقة أن الوزن ( فعْلن ) في كافة التفعيلات نظم عليه حسبما تستشهد به بعض المراجع العروضية هو الإمام علي ابن ابي طالب رضي الله عنه حين قال لجابر بن عبدالله عندما مر براهب يقرع الجرس:
حقّاً حقّاً حقّاً حقّاً ... صدقاً صدقاً صدقاً صدقا
إنَّ الدُّنيا قد غرَّتنا ... واستَهوتْنا واستَلهَتنا
يا ابنَ الدًّنيا مَهلاً مَهلاً ... زِنْ ما يأتي وَزناً وَزنا

ورغم أن هذا الوزن جاء أيضا في القرآن الكريم كقول أبي نؤاس :
" إنَا أعطيناكَ الكَوثَرْ" ... فعْلن فعْلن فعْلن فعْلن
وقال بعضهم أن هناك وزن هو مفعولاتن مفعولاتن وهو أصل هذا الوزن. لكن مشكلة هذه التفعيلة أنها بلا أوتاد مما يعارض ما جاء عن الشعراء العرب والفراهيدي.
ومن وجهة النظر العروضية فإن ( فعلْن ) لا تأتي في حشو أي بيت لأن التفعيلة تعرضت لعلة تمثلت في القبض والتسكين للحرف الرابع , وهي علة التشعيث في قطع رأس الوتد لتصبح التفعيلة ( فالن ) وتقلب إلى ( فعْلن ), ولا تأتي هذه العلة في الحشو وإنما في العروض والضرب. لهذا إن أردنا الحفاظ على البناء وفق أسلوب الشعر العربي , يجب ألا تأتي ( فعْلن ) إلا في العروض والضرب فقط , ويمكن أن تأتي ( فعِلن ) في الحشو.
والتشعيث لكونه نوع من أنواع العلل لا يأتي في الحشو وهذا منهج الفراهيدي في قلب ( فاعلاتن ) إلى ( مفعولن ) في الخفيف. وكما أضيفت أيضا في الكامل في تحويل ( متفاعلن ) إلى مفعولن بعد زحاف الإضمار في تسكين المتحرك الثاني.
( متْفالن = مفعولن )
أما ما يزيد عن أكثر من العروض والضرب بوزن ( فعْلن ) , وإن أتت في الحشو على وزن ( فعْلن ) يخرجه من نظم الشعر العربي الذي يشترط ما يلي :
- البيت يبنى على أوتاد وأسباب
- العلل لا تجوز في الحشو
و أسماه بعض المجتهدين ( الخبب ) لكنهم لم يخرجوه كبحر منفصل ومازالوا يقحمونه في المتدارك رغم أن شروط الفراهيدي لا تنطبق عليه كاملة.
لكن النظم يبقى من الفنون العربية حاله حال الأوزان الملحقة بالشعر العربي ,
فالنظم هنا هو على وزن الخبب وهو لا يرتبط ببحر المتدارك أي ارتباط إن تكررت ( فعْلن ) في حشوه, وهو لا يعتمد على البناء الشعري المعروف بالأوتاد , بل يمكن أن يأتي الشطر كله مكونا من أسباب ثمانية.
وملاحظتان أخريتان هنا عن بعض ما ورد :
أولا : بعض التفعيلات جاءت على وزن ( فاعلُ ) وهذا أيضا جاء به الشاعر الكبير نزار قباني , لكنه يخالف أسس الشعر العربي في جواز القبض في فاعلن لأن فاعلن فيها ( علن ) وتد ولا يجوز فيها إلا الخبن ( فعِلن )
فأَشَرْتُ إِليْهَا في شَوْقٍ = يَقْفِزُ تَتْرَى مِنْ أَجْفَانِي
ثانيا : توالي خمسة حروف متحركة , وهذا وفقا للشعر العربي وعروض الفراهيدي لا يجوز لأن الحد الأعلى هو أربعة حروف متحركة ( فعلتن ) كما في :
وَرَوَتْ ظَمَأَ الرُّوحِ وغَرَسَتْ = حُبـاًّ يَعْصِـفُ بالْوِجْـدانِ

وكخلاصة هو وزن يجوز كفن من الفنون الملحقة بالشعر العربي , ولا علاقة له بالمتدارك والذي هو البحر السادس عشر المضاف من قبل الأخفش.
لأن هذا الوزن له خصوصيته التي يخالف بها بعض قواعد العروض التي وضعها الفراهيدي , كما لا يلتزم بأسس بناء البيت الشعري التي فهمناها من الشعر العربي القديم.

فالمتدارك يأتي على وزن فاعلن , ويجوز في حشوه ( فعِلن ) كما تأتي أعاريضه وضروبه ( فاعلن , فعِلن , فعْلن ) وفي المجزوء يضاف ضرب ( فاعلاتن ) في مجزوءه.
ويجوز في كافة تفعيلاته أن تأتي ( فعِلن )
أما هذا النظم المحدث فهو فن له خصوصيته, وله وقعه الإنسيابي الغنائي, مع وجهة نظري في أمرين فيه ألا تتوالى خمسة حروف متحركة ,أما ( فاعلُ ) فلو اعتبرناه وزنا آخر لا يمت بصلة للمتدارك , فيمكن أن يعتمد لكن مع ملاحظة أنه حين تأتي ( فاعلُ ) لا تأتي التفعيلة بعدها ( فعِلن ) بل ( فعْلن ) حتى لا تتوالى الحروف المتحركة الخمسة حتى نحافظ على أقل تقدير عما يبعدنا عن إسقاط الشطر من الشعر العربي. وعلى اعتبار أن التفعيلة في فاعلن تحتمل أصلين لها وهما ( فاعلن ) أو ( فاع لن )
وهذا الخبب بهذه الإجازات لا يرتبط بدوائر الفراهيدي لأنه يحيد عن قواعدها.
أنا سبق وأن نظمت عليه لكنني استبعدت ( فاعلُ ) منه.
ما عرضته استند إلى أسس بناء بيت الشعر العربي , وكذلك وجهة نظري في هذا الوزن.

وقد تطرق الأخ عدنان أيضا لبعض ما ورد هنا.

بارك الله فيك شاعرنا الكبير أحمد الجمل

تحياتي وتقديري

أحسنت و أطربت
شاعرنا الكريم
موفق أيها الرائع.