وظيفة الشعر والنثر

لقد قسّم كثيرمن علماء النفس ونقاد الأدب، وكذلك الشاعر الأمريكي إدجار الن بو وهو من أفذاذ الشعراء والنقاد العالميين الطبيعة البشرية إلى عقل وضمير ونفس وأن الأخيرة هي وحدها المسؤولة عن الشعر، ذلك لأنه يصدرعن النفس وغايته كشف الجمال والرؤيا والإبداع داخل النفس البشرية، ونفوا الالتزام في الشعر ورفضوا اشتماله على الحكم والأساليب النثرية والخطابية كما نراها في أشعار كثير من الشعراء وجعلوا كل ذلك مختصا ً بالناثر، لأنه إذا كان الشاعرمفكراً أوحكيماً أو خطيباً مفوها فماذا يتبقى للناثر. إذ لا فرق بين الشاعر والناثر إلا في الوزن العروضي والقافية, وهذا ُيعتبر صناعة جرسية، وهل ذلك ُيعتبر شعرا ً؟

ونحن هنا لسنا ضد الوزن والقافية في الشعر، أو التحرر من هيكل القصيدة التقليدية العمودية وبنائها، أوالإحتفاظ فقط بوحدة التفعيلة وقوة الإيقاع الداخلي، فالوزن والقافية في نظرنا نوعاً من أساسيات الشعرأوبعبارة أخرى هو نوع من المحسنات الإبداعية ، وهناك من الشعراء المجددين من أبدع في شعر التفعيلة بطريقة تداعي الوزن والقافية حسب تداعي الأفكار، وهذا محمود في الشعر .وممن أبدع في شعر التفعيلة الأديب الكبيرالراحل علي أحمد باكثيروهو أول مجدد في شعر التفعبلة في الشعرالحديث قبل بدر شاكر السياب ونازك الملائكة، وصلاح عبدالصبور وغيرهم من كبار الشعراء المجددين.

كما أن الحلم كما يراه كثير من النقاد هو الوجه الحقيقي للشعر، لأنه ينبع من النفس وليس من العقل. يقول هربرت ريد " لو استطعنا أن نروي أحلامنا لأمكننا أن نرويها شعراً متواصلا"..

إن الرؤية في الشعرهي موجة من موجات الإبداع ينفتح عليها الشاعر على عوالم إنسانية عميقة في التعبير بما يدور في أعماقة من تأزمات وحزن وفرح. كما أنها تشكل موقفاً جديداً من العالم والأشياء، وأن الشعر الذي يتخلله الرمز والرؤية وكذلك الأسطورة هو في الواقع شعر وجداني يتخطى كل حدود الزمان والمكان، وهو من أساسيات الوصول إلى الجودة والإبداع والموهبة الفنية الحقيقية التي تؤكد على استنفار الحس الإنساني الكامن في أعماق النفس البشرية.

لنا عودة إن شاء الله لنتوسع حول وظيفة الشعر والنثر.