|
على فَم الـشَّوقِ وجْـدٌ شَـفّهُ الألـــم |
ينْـثال من جانبيه : الصدق ، والشيمُ |
على فم الشَّـوق أوْرَاقيْ التي خجلتْ |
واستعْظَم السَّطرُ أنْ يفْـتَـضَهُ القلمُ |
غَــالبتُ روحيْ وقدْ أعْــيا مدائــنـها |
شــعْبٌ منَ العَـجْـز في جنبي منْــقسمُ |
وآآدَنـِــيْ عن "عُـكـاظِ الشِّـعر" أنّ معي |
منَ البِضـاعة مـــزجـــاة وأعتـــجمُ |
وأنْ مـثْـلي كَـمَنْ فيْ قــاع محكمة |
ولاشـهودٌ ، ولا دَعْوى ، ولاتهمُ |
وأنّ مثلي على أعْتَابِ مَدْرجَةٍ |
للسيل كنت كَمَنْ أغرى به العَشَمُ ! |
لكن نفسي هوتْ في عالمٍ ملأتْ |
من القداسةِ في معراجها الحكمُ |
هوت فلما تشظت من محاسنه |
من كل عطف سقاها العارض العممُ |
وهزني الشوق إذ عانقتُ سيرَتَه |
فاساقط الفكُر في مغناه والهمم |
طوّحتُ عن وجعي كأس السقام - وقد |
أفنت دقائق عمري - فانتضى الألم |
فقمتُ في أفقٍ معْشَوشبٍ نَضرٍ |
في سدرة الشِّعرِ من أعلاه أغتنمُ |
أسْتَنْطق الحرفَ طفلاً خانه صِغَرٌ |
وأعزف الشوق ناياً عَرْفُهُ النَّغمُ |
أنا المتيم ، لا ليلى هويتُ ولا |
أنْفاسَ عزةَ ما شطت بي اللمَمَ |
أنا المتيم في روح مقدّسة |
من النبوة " فيضٌ محْتواهُ دمُ " |
أنا المُعَنَّى على موج الهوى غرقت |
سفائن الروح حيث الموج يلتطم |
حبي له ! الشِّعرُ يغدو نسج مِغْزَلتي |
أخيط قافية بالحبّ تلتئمُ |
حبي له! الطهر يَنْدىْ غصنُهُ شجناً |
كما تندى لوخز الإبرة الأدمُ |
حبي له ! الماء أبني فوقه وطناً |
من التفانيْ وأحياءً فتزدحمُ |
محبَّةٌ ضمَّخَ النسْرينُ أسطرها |
في كلِّ سطرٍ بدايات ومختتم |
محَّبةُ كافتتان الوردِ سوْسَنُهُ |
بصفحةِ الماء تجلو وهو مبتسمُ |
يا لائميْ! في هوى المختارِ هل ولدتْ؟ |
بَطْنُ الخليقةِ شِبهاً ! أم سها الرحم ؟ |
قلْ ليْ فديتك ! فالأرحام شاهدةٌ |
وهل ونَى النسلُ ؟ قل؟ أم يصطفى العلمُ؟ |
لو كان في الغرب من أوصافه كملت |
لوسَدُّوه جوار البدرِ ينتظِمُ |
أو نجمةً مثل قرْص الشمس بازغةً |
تُشَمّسُ الخلق إنْ راحوا! وإن قدموا |
أثنوا عليه! وضرع الكفر مزنتهم |
والله يهدي - إذا ماشاء- ليس همُ |
مدُّوا دلاءهم في جُبّ سيرته |
وأوقدوا سنة المختار حولهمُ |
فأسبلت غَيْمةُ الخيراتِ غَلّتها |
فأورق العدل وانجابت به الظُلَمُ |
وإنَّ بذرة هذا الدين يحصدها |
" العاملونَ " لذا عزت به العَجمُ |
دانتْ لهُ نخلةُ الأخلاق باسقةً |
وضمّه السيدان : الصبر والكرمُ |
ياليتني خصلة تدنو على مهَلٍ |
فألثم الخد ، طاب اللثْمُ والُّلثُم |
أو ليتني نسمةً مِنْ سَفِّ مُرْسلةٍ |
حطتْ على وجهه الوضاء ترتسم |
أو أنني حول جِيْدِ الخِصرِ يعْقِدُني |
غمد " الفقارِ" وثغر النصر يبتسم |
تعطَّرتْ "مكة" بالياسمين وقـدّت |
ثوب كاهنة إذ أيْنعَ الحلمُ |
نَضّت بمبعثهِ أطمار غفلتها |
وافتر عن حسنها الأوضار والجَهَمُ |
فداك روحي وقد هاجتْ قريشُ ضحىً |
وأنت في الغار بالانوار تَسْتَحمُ |
فداك روحي على بدرٍ برزتَ ولمْ |
يرهبك جيش -تدثَّرَ بالردى - عَرِمُ |
كأن جيشك بيضُ " النسر" غائبةً |
وجَيْشُهمْ أرقمٌ يغزو ، ويلتهم |
فما أتى الصبح حتى اعتاص جانِبُهُمْ |
وفي " القليب " تهاوى البغيُ منْهدِمُ |
جاست ملائكة ، حدّاً سواعدها |
حُمْراً ذوائبها ، لله تنتقم |
ويومَ مكةَ والأصفاد تحرسهم |
والخوف يؤذنهم: قد جاء ينتقم |
فقام يحدو كأن الأرض قافلةً |
والكفر منكفئٌ أشقى به " صنم " |
( ماذا تظنون أني صانع بكمُ) |
( أخ كريم ) ( فلا تثريب ) فاستلموا |
هذي مفاتيحُ بيت الله مرفقةً |
هذيْ السقاية والإطعامُ رِفْدُكُم |
أنا النبيُ فلا غلٌّ ولا كذبٌ |
وبعد: مكة ، فالأعراض ، فالرحمُ |
ثلاثةٌ ، من لآلي العقد فاتنة |
بها تقرُّ على أعشاشها الأممُ |
يا درة الطهر، يا أكسير مهجتنا |
يا كعبة المجدِ طافت حولها النجم |
من دون حبك ( طيراً ترتجي وطنا |
روحي وغادرَها عن قَصْرها الحشمُ) |
ذكراك (زمزمــ)ــي العذب النمير ومن |
أنفاس سيرتك الإشراق والشمم |
نثَرتَ في الخلق فيْ بيداءِ وُحشتهمْ |
وقد تصحر منها القاع والأكم |
نسائمَ الوحْي تزجيها معتقةً |
مثل السحائب في ميزابها الديمُ |
قبّلتُ روحَكَ عند القبر واحتضنت |
روحي سماك فأهوت حِملها القدم |
والناسُ حَوْلي فراشاتٌ تحوم على |
قبرٍ من النور لا حرٌ ولا ضرمُ |
صَلُّوا عليه وجيش الصبح ممتشقا |
خيل الضياء ووجه الليل منهزمِ |
اللهُ صلى وفي عليائها سَكَبتْ |
كل الملائك شهدا والسماء فمُ |
والكون صلى ومنْ في العرش أجمعهم |
والعالمون إذا صلوا به رُحموا |
لقد كتبت على لوحِ الحياة أنا |
( متيم القرنِ ) في بدء وأختتم |