منذ قليل.....» بقلم الدكتور ماجد قاروط » آخر مشاركة: الدكتور ماجد قاروط »»»»» النهر ... وديدان الطين» بقلم محمد نديم » آخر مشاركة: محمد نديم »»»»» وحدوا الصف» بقلم عدنان عبد النبي البلداوي » آخر مشاركة: عبدالحكم مندور »»»»» قلقلة» بقلم محمد إسماعيل سلامه » آخر مشاركة: عبدالحكم مندور »»»»» في وداع الشيخ عبد المجيد الزنداني رحمه الله» بقلم طارق عبد الله السكري » آخر مشاركة: عبدالحكم مندور »»»»» احمد المنسي» بقلم احمد المعطي » آخر مشاركة: عبدالحكم مندور »»»»» أمّاه» بقلم محمد الهضيب » آخر مشاركة: عبدالحكم مندور »»»»» وأكلة قد مضت» بقلم عيسى سلامي » آخر مشاركة: عيسى سلامي »»»»» ابتهالات.» بقلم ناديه محمد الجابي » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» نسجل دخولنا بذكر الله والصلاة على رسول الله» بقلم عوض بديوي » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»»
سامي الحاج دحمان
أَحْثو على وجْهِ الفراغِ مردِّدًا يا راعِي
هلْ مرَّ مِنْ تلْك المُروجِ مُسافرٌ بِمتاعِي
فَيُجيبُني صَمْتٌ يَبُثُّ الرُّوحَ في أَوْجاعي
حتَّى مَتى تَجْثُو على قَبْر الرُّؤَى كالنَّاعي
لمْ يَكْترِثْ لِبَنَاتِ فِكْرِكَ آيِبٌ أوْ أو ساعِ
فَاصْدَعْ بِموْتِ النُّورِ و اسْتَدْرِكْ: طَوِيلٌ بَاعي
حامتْ على جُثْمانِ فِكْرِي زُمْرةُ الأَتْباع
و تَجشَّأتْ بعْدَ الفَراغِ و أَقْبلتْ لِسَماعي
فهَذَرْتُ حتَّى يَسْتكينَ الرَّهْطُ للْإِمْتاع
واسْتَمْرأَ الرُّكْبانُ دُونَ الخَوْضِ لَيَّ ذِراعي
ذُو مِرَّةٍ هَيَّأْتُ حَمَّ ظَهِيرَةٍ لِوَداعي...
سَأَعُبُّ مِنْ رُؤْيا السَّرابِ تَوَحُّدِي و ضَياعي
السلام عليكم
أرى شاعراً يعرض بضاعته الإبداعية وينتظر متلقياً راعياً يتعهدها بالتأمل والتذوق . لكن ذلك المتلقي الذي ينشده الشاعر غائب . والمكان منه خواءٌ فراغ .
أَحْثو على وجْهِ الفراغِ مردِّدًا يا راعِي
هلْ مرَّ مِنْ تلْك المُروجِ مُسافرٌ بِمتاعِي
وحينما يواجه الشاعر حقيقة الخواء الذي يحيط به ، عبر الصمت الذي يتلقاه ردّاً على ندائه اللامجدي لذلك المتلقي ، حين ذلك يستنطق من الصمت صوتاً يؤنِّب به نفسه تأنيباً يستحقه على مواصلته ذلك النداء كمن جثا فوق قبر ونعا ميتاً لا يمكنه إجابته .
،
فَيُجيبُني صَمْتٌ يَبُثُّ الرُّوحَ في أَوْجاعي
حتَّى مَتى تَجْثُو على قَبْر الرُّؤَى كالنَّاعي
هذا الفراغ الذي يفصل بين الشاعر المبدع ومتلقيه، والذي هو سرّ معاناة المبدع، كما أطّره الشاعر عنوانا لهذه القصيدة ( في أقبية الفراغ ) ، هذا الاغتراب ، هذا اللاتواصل يدفع المبدع لتقليب خيبته على وجوهها المختلفة ، ثم اتخاذ قرار الاستسلام لحقيقة "موت النور " التي تعني اختفاء البصيرة في الاتصال الوجداني بين الشاعر المبدع ومتلقيه ، أو ربما بين البشر على العموم ، فهكذا يصدع الشاعر بتلك الحقيقة القاسية ، ويستدرك " بطول باعه " في هذه المعاناة .
لمْ يَكْترِثْ لِبَنَاتِ فِكْرِكَ آيِبٌ أوْ ساعِ
فَاصْدَعْ بِموْتِ النُّورِ و اسْتَدْرِكْ: طَوِيلٌ بَاعي
ومع اختفاء المتلقي المنشود المستشف للسرّ الفكري الذي بثّه الشاعر في شعره ، ينظر الشاعر إلى "جثمان فكره " وقد حام حوله متلقّون أدعياء يعجزون عن تذوقه حقاً. لأنهم يفتقدون إلى الحس الذاتي الجمالي الخاص بالتذوق الإبداعي ، فهم " زمرة الأتباع " في كونهم مقلّدين غير مبدعين في التذوق . هم يتّبعون سواهم ،فيستعيرون رؤية سواهم ،ويكرّرون كلام سواهم ويتجشؤونه . هؤلاء هم الذين أقبلوا إلى الشاعر يستمعون إليه .
حامتْ على جُثْمانِ فِكْرِي زُمْرةُ الأَتْباع
و تَجشَّأتْ بعْدَ الفَراغِ و أَقْبلتْ لِسَماعي
ومادام القوم المتلقون هم أولئك الثّلة العابرون ، لم يجد الشاعر بدأً من رفع صوته للتغلب على ضجيج لغوهم ، لعله يتمكِّن من محاولة إمتاعهم والتأثير فيهم حقاً . لكن " الركبان" استسهلوا الالتفاف على الشاعر المبدع بما أوتوه من جلافة الرأي " لليّ ذراعه " كناية عن النقد الجائر غير المنصف وغير الخبير الذي تعرّض له الشاعر .
فهَذَرْتُ حتَّى يَسْتكينَ الرَّهْطُ للْإِمْتاع
واسْتَمْرأَ الرُّكْبانُ دُونَ الخَوْضِ لَيَّ ذِراعي
وما دام الأمر في تلقي وتذوق الإبداع الشعري قد وصل إلى هذه الدرجة من الاٍسفاف والتّبلّد ، فإن الشاعر قد أصبح مستعدّاً نفسياً "هَيَّأْتُ"، وهو قويّ "ذُو مِرَّةٍ" على الرحيل والمفارقة، وهو ما يزال في أوج مراحل عطائه " حَمَّ الظَهِيرَةٍ". فكأنه ينسحب من محاولته التأثير والتواصل مع جمهور ذاك شأنه . ويختار بقاءه وحيداً متوحّداً ضائعاً في "أقبية الفراغ ".
ذُو مِرَّةٍ هَيَّأْتُ حَمَّ ظَهِيرَةٍ لِوَداعي...
سَأَعُبُّ مِنْ رُؤْيا السَّرابِ تَوَحُّدِي و ضَياعي
تلك تجربة الشاعر النفسية في علاقته مع إبداعه الشعري .
تحيتي وتقديري خالصين للأستاذ الشاعر سامي الحاج دحمان
لمّا وقفتُ على الرياض مسافرا بضياعي
ألفيتُ نور البدرِ يصرخُ صرخة الأضواعِ
قالتْ ضياءُ الشمس قد فزتُ بذا الإبداعِ
ويشعُّ نـوري فوق باقات من الإمراعِ
لولاكِ يا شمس الضحى ما فزتُ باستمتاعي
فلقد كشفتِ عن النفائسِ من زمرّد واعِ
أسجّل إعجابي لهذا الحرف المميّز أخي الشاعر سامي الحاج دحمان
و مبارك لك لقب الشاعر المستحقّ عأبالنا إن شاء الله
دم بخير و كل التقدير.
اللهم اشغل قلبي بحبّك..و لساني بذكرك
و عقلي بالتفكر في خلقك..و بدني في طاعتك