أحدث المشاركات

نسجل دخولنا بذكر الله والصلاة على رسول الله» بقلم عوض بديوي » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» قراءة في مقال حقائق مذهلة عن الكون المدرك» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» بكاء على الاطلال» بقلم أحمد بن محمد عطية » آخر مشاركة: أحمد بن محمد عطية »»»»» مصير الكوكب على متن الشراع الشمسي» بقلم إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» قراءة فى بحث تجربة ميلغرام: التجربة التي صدمت العالم» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» وذُلّت الأعناق مقتطف من رواية قنابل الثقوب السوداء...» بقلم إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح » آخر مشاركة: إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح »»»»» الفصل الثاني من رواية وتستمر الحياة بين يأس و تفاؤل الأم الجريحة» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» و تستمر الحياة بين يأس و تفاؤل الفصل الأول من الرواية بقلم بوشعيب» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» قراءة في بحث أمور قد لا تعرفها عن مستعمرة "إيلون موسك" المستقبلية» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» نعم القائد» بقلم عطية حسين » آخر مشاركة: احمد المعطي »»»»»

النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: كنت أود أن يحدثني أكثر عن لوحته

  1. #1
    الصورة الرمزية محسن العافي أديب
    تاريخ التسجيل : Aug 2010
    الدولة : المغرب
    المشاركات : 433
    المواضيع : 60
    الردود : 433
    المعدل اليومي : 0.09

    افتراضي كنت أود أن يحدثني أكثر عن لوحته

    هي تلك الصغيرة الوديعة التي تعوَّدتُ أن أراها هنا وهناك ،وسط ذلك المكان الفسيح ،تسرح بخيالها بعيدا في أسرار الأشياء ،فلا تذكر إلا ألوانها وأشكالها ، وما لايبدو كان كل شيء في حياتها ،ولكنها عادة ما كانت تصمت عندما تيأس من أن تجد لِما يؤرقها جوابا كافيا وشافيا، يطفئ نار فكرها وانشغالها، هكذا هي ترسم لألوان الطيف ألوانا أخرى لم تستطع الطبيعة الأفصاح عنها،ولا التعبير عنها، وتركت ذلك للذي حمل الأمانة ، تعودَت أن ترسم للحركة سكونا وحركة داخل ذلك السكون ،تسأل عن أشياء أحيانا ،وأحيان أخرى تخجل من إلقاء بعض الأسئلة ،لأنها لا تجد إجابة لها عند من تسألهم عند من كانت تأمل أن يزودوها بالمفاتيح العشر للنجاح، و ادوات النبش في أسرار هذا الكون الفسيح .
    هي هكذا كل وقت وحين ،منعزلة تحب الوحدة ،تخاطب الطير والنبات ،وتستفسر النحلة عن عالمها ، وتجلس بين تلك الأعشاب تنتظر أن يجود المكان بإيحاءاته الفطرية الغائبة ، تنتظر اللاشيء الذي تعودت أن تلقاه من إجابات الكل من حولها .
    انزوت ذات يوم في ركن هادئ ،من الأمكنة التي تعودت أن تتواجد بها، كانت نظراتها ثاقبة، توحي بالكثير من الأسرار الخفية، التي تحمل رغبات قوية ،حبا في معرفة تكاد تكون خارقة ومعجزة عند العوام ،وعند من هم في سنها من الأطفال،هي رغبات قوية في معرفة ما وراء ما تجود به الحواس أحيانا ، وما لا تستطيع إليه سبيلا أحيانا أخرى ولا يبرح تفكيرها.
    على ذات الحال هي تشتاق إلى من يستمع إليها، ويتكرم بمناقشتها وتوجيه ملاحظاتها وأفكارها العذراء ،تنظر إلى أوراق الأشجار المرمية في الحديقة المجاورة ، وتلقي نظرة إلى تاريخ تلك الأوراق ،وأحداث المكان في ذا الزمان وذاك ،ثم ترفع رأسها إلى أعلى ،إلى السماء تنتظر عونا من الله ومددا ، تلك هي رغبات وآمال دفينة ،وأهداف لم تجد من يدفعها للتحقق ، وصار المأمول من المستحيلات .
    السماء زرقاء هذا اليوم، والأسئلة تنشد سرَّ هذا الصفاء .
    السماء غائمة في يوم آخر ،وأسئلتها تنشد سِرَّ العبوس والفرح ،عبوس السماء بلونها الرمادي القاتم ، وفرح الفلاح بهذه القطرات التي طال انتظارها في هذا المكان، لينشد بعد ذلك الصفاء في زرقة السماء وشعاع الشمس .
    غالبا ما كانت تحل ضيفة على عالم المتناقضات ،لتسأله عن هذا الطباق الذي عم لغتها فزينها، وعم الطبيعة، وعالم البشر والحيوان ،فكان من الزوجين الذكر والأنثى ،ومن المجتمعات الخير والشر والحق والباطل ،.... كلُّها أفكار كانت تنساب في عالمها ،تملأ كل وقتها ، فلا تجد وقتا تنشغل فيه بهذا العالم الغريب ،الذي بات يؤرقها حاله ، لتعيش بقلب وفكر مشتتين .
    على ذات الحال ،يلاحقها الضياع وهي مستسلمة لقدرها ، يرمي بأسئلتها وانشغالها بعيدا بعيدا عن هذه الحياة التي لا تستجيب لحالها .
    عالمها هذا الذي وجدت نفسها فيه، كان جميلا بائسا ،يخيم عليه الجمال، ثم يغيب بعد فقدان الأمل في الإجابات المستفيضة المقنعة ،كان عالما جميلا ظالما، ملأته الحيرة لتتربع مقتبل عمر تلك البائسة ،وسط ضياع وشرود ،ورغبة في حاجات دفينة ،فهي إن تحدثت وجدتها تحفة ،وإن صمتت وجالت بعينيها في المكان، كانت مثار دهشة الحاضرين ، لتسرهم بإيحاءاتها، وغمغمتها بأشياء تكاد تعلن فطانتها ووذكاءها ،ولكن كل شيء اختفى وراء المسار الذي اختاره أبوها ،حيث لم تجد بُدّا من انزوائها في ذا المكان وذاك ، في مدرسة بلا جدران ولا معَلِّم .
    كتم أنفاسها لما حبسها بعيدا عن منابر العلم والمعرفة ، لتظل كلماتها وفكرها حبيس خِرافها وما تجود به السماء ،يومٌ تعقبُه أيام ،وعالم متشابه لايتغير، تتغير الفصول والأمكنة ،لكن الأفكار التي راودتها بقيت على حالها ، وتلاشى بعضها مع ثغاء القطيع ، وألحان الطبيعة الحزينة ، وعواء الذئاب الذي يصاحب منظر الغروب .
    الصغيرة ترمي بأوراق الزهرة الواحدة تلو الأخرى ، وهي تقول :
    - هذه ورقة جمال
    - هذه ورقة نحس ، لا بل ورقة أمل ......وعند انتهائها إلى آخر ورقة ،غالبا ما كانت تصمت، وتلقي بما تبقى في يدها ،وهي تذرف دمعا ، لتقوم من مكانها ،تعلن وقت عودتها بالخراف إلى ذلك المنزل الذي توحي مصابيحه الباهتة بعالم الكآبة الأزلي ،الذي يمحو آثار الجمال من تلك العوالم، وعالمِها الضارب في السكون والبؤس المتجلي في تلك اللوحة الفنية، التي ساقت موضوعَها ريشة فنان ما أخطأ حالها ، وأخطأه من جعل الحواجز بين قوارب الفكر وينابيع المعرفة ، و أخذ بيد العابثين، و أعرض عمَّن كانوا نجوما يجب أن تسطع في سماء الإبداع والفكر والعلم ،فمن يا ترى ظلمك صغيرتي ؟
    اللوحة تصف حالك، يعرضها هذا الفنان المنسي في الشارع العمومي، ينظر إليك المارَّة ،وقليل من ينظر لحالك، فيكتفي بالتحديق بما حولك ،متناسيا إياك نجما وسط السحاب .
    باغتني صاحب اللوحة بسؤاله :
    - ما بك ؟
    - قلت له: لا شيء، ولو أنني كنت أود أن يحدثني أكثر عن لوحته .
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    16108000

  2. #2
    شاعرة
    تاريخ التسجيل : Jan 2010
    الدولة : على أرض العروبة
    المشاركات : 34,923
    المواضيع : 293
    الردود : 34923
    المعدل اليومي : 6.74

    افتراضي

    لغة جميلة غاصت بعيدا في صراعات متخيلة بوجدانية طرح وتفاعل إنساني راق
    طال النص ببعض إسهاب كان لتفاديه أن يمنحه جمالية وتشويقا
    ولكني مع ذلك كنت هناك أتأملها وأعايش التفاصيل بإحساس المشاهدة الحيّة

    دمت بروعتك أديبنا
    تحاياي
    تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

  3. #3
    الصورة الرمزية خلود محمد جمعة أديبة
    تاريخ التسجيل : Sep 2013
    المشاركات : 7,724
    المواضيع : 79
    الردود : 7724
    المعدل اليومي : 2.01

    افتراضي

    رأيتها قصة رسمها باحساسه وتبصرتها بمشاعرك الرهيفة
    غوص بالذات ومعالم الصور بمهارة
    راقت لي
    بوركت وتقديري

المواضيع المتشابهه

  1. استفسارات ..أود الإجابة
    بواسطة فجر القاضي في المنتدى العرُوضُ وَالقَافِيَةُ
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 02-07-2015, 04:34 AM
  2. أود ُّ اليوم َ منها ما أود ُّ
    بواسطة أحمد النعيمي في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 11
    آخر مشاركة: 21-11-2011, 05:51 PM
  3. ما كنتَ يوما لي و ما كنتَ يوما لغيري ..
    بواسطة وفاء شوكت خضر في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 36
    آخر مشاركة: 04-11-2007, 02:19 AM
  4. وتبقي أكثر ، أكثر من كُلِّي ...
    بواسطة معافا آل معافا في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 20-01-2006, 01:01 PM
  5. عنِ الدُّنيا ...
    بواسطة بندر الصاعدي في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 17
    آخر مشاركة: 08-02-2004, 05:04 AM