|
صلاح داود;216788]حمم الصمت.. |
(رسالة استعجالية إلى أبي الطيب المتـنبي ) |
قــدْ غَـرّدتْ فـي صـمتـنا حُـمَـمُ |
تشـدو بـما قــدْ هـدّهُ الــغــشَـم |
تسـْـتنـْفر الأضْـدادَ في بـدنــي |
كيْـما بــلادُ الـعُرْبِ تـنـْـتَـقِـم |
كـمْ صرّختْ في أرضنـا لُجـَجٌ |
واسْـتـنْفرتْ غِـزْلانـَها الـرّخَمُ |
و تـَهـدّرتْ أجسامُنــا إحـنـًا |
ما طـالهـا مـوتٌ و لا عــدمُ |
و تَـوثّـبـتْ أعـنـاقـُنـا أنَـفــًا |
عَـنـَّتْ لَـهُ الـمِبـْرَاةُ و الـقـلمُ |
عـلِـقـتْ بأرواح لــنـا هـِـممٌ |
لوْ قطّعـوا الأرحامَ ما جَزَمُوا |
تحكي عن الأمجادِ مِن سلَف |
شدّوا وثاقَ الموتِ ما رحِموا |
واستشْرفُوا التاريخَ ما وجِلُوا |
قَضَمُوا لسانَ الجمْرِ والتهموا |
عضُّوا على الأشواك ما وجِعُوا |
ولَوَوْا رُؤوسَ اليأْسِ مابرِمُوا |
همْ وزّعوا الآمالَ منْ صَدقوا |
همْ وزّعـوا الأهوالَ مَنْ ظلموا |
همْ حرَّكـوا الـدنيَا فما سَكَـنَتْ |
حتّى الدوَاهِي قـدْ عـَـنَتْ لهُمُ |
زفـرت على الطغيان أنفسهمْ |
فــزعتْ لهـا النـيرانُ والصّنمُ |
قـــادوا جـيـاد الله عن ثــقـةٍ |
فـتـفـجـّرتْ من كَــرّهم حُمـَمُ |
و تَـنطّـقَتْ لغـةُ الجهادِ بهمْ |
حـتى الـقضَا قـد كـاد يـنهدم |
إنّا حميْنا الـشُّهْب من غَـبشٍ |
والـنـجْمَ عـلّمْـنـاهُ يبتـسـمُ |
والـغـيـْمَ زوّجـْـنــاهُ وادِيَــنـا |
فَحـَبـَا علـى أزْهـارِهِ الوَحَمُ |
إنا نُرَبّي الشمسَ إن بزغـتْ |
إلاّ ومنْ إشْـعـاعـنا خـَتَـمُ |
ونعـلّمُ الأموَاجَ إنْ هَـدَرَتْ |
إلاّ و لـفـظ الضادِ مُضطرِمُ |
و نُروّضُ الأفلاكَ إن سبحتْ |
إلا مـــدارًا نـحـنُ نـرتـسم |
نادتْ صُقورُ الأرض حائرةً |
لَبَّتْ لـهـا من غَمْـرنا ذِممُ |
شُمُّ الرؤوس غدتْ لنا جِزَرًا |
هــذا هـوَانــا الشَّاءُ والغـنمُ |
والـجـنُّ أَسْـكـنّـاهُ قمـْقـُمَهُ |
كـيْما يـشادُ العـقلُ لا وهَمُ |
حتى البحارُ بِهَامِنَا فـُلِقَتْ |
فاصْطـفّـتِ الحيتانُ تـزْدحمُ |
كيما ترى الأعْجوب من عَـرَبٍ: |
نَحَرُوا السماءَ ..وما أُريقَ دَمُ |
حتى الجبالُ الجُدْبُ قدعطِرت |
و هـمَـتْ على أرْجائها الـنِّعَـمُ |
والرّيحُ من فرْط الهوى رقصتْ |
فرْحى بعُرْس العـُرْب إذ غنموا |
عصرواالمباهج في دُنى الظّلَمِ |
فـتـنَطّـَقَ الأمـواتُ والـبُـكُــمُ |
وتـضَوَّعَ الــنّوّارُ يـَنْـضَـحُهمْ |
فــتـرَشَّفـتْ أنـفــاسَــهُ الأمـمُ |
و تــوهّـجـتْ أنـوارُهمْ بِـدَعـًا |
أهـوَى لهـا العـملاقُ والقَزَمُ!! |
مــــــــــــــاذا ؟؟... |
. |
ماذا أداوي الــيــومَ يــا وجــــعُ؟ |
مــاذا أنــــوحُ الـيـومَ يــا ألـــــمُ؟ |
مــاذا أخـُطُّ الـيـوم يـا قـلــــــــمُ؟ |
مـاذا أروم الـيـومَ يــا كــلِـــــــم؟ |
إمّـا حـيـاةٌ نـحـن نـقـْهَـرُهَــــــــا |
ما عـاش شـعْـبٌ قـلْـبـُه هـــــرِمُ |
إمّا حـيـاةٌ نـحـن نـُرْغِـمُـهـــــــــا |
كـيمـا يُـشـدُّ اللـحْمُ والـعـظـَـــــمُ |
أوْ رخْـوَةُ الظـلـمـاءِ فــي بَـلَــــلٍ |
فـيهـا قـــفـانَـا الـجــِرْذُ يلتهــــــــمُ |
يــا جـدَّنـا يا هائما صلَفا |
إنـّـا هُــنَــا ..نـــارٌ و لا ضــــرَمُ |
يا أيّهـا الكـنـديّ اُمْـحُ صــــدًى |
دوّتْ لــهُ أُذْنٌ بـهـا صـمـــــمُ |
كيف احـتمال الصـــوتِ والأذنُ |
تَعْــوِي بـهـا الأشْعــارُ والحِكَمُ؟ |
كيف احتمالُ الصوت والكـبـــدُ |
لِلحْـنِ من وتَــرِ الـنُّهـَى نــهِـمُ؟ |
يا طـالبَ الشرف الرفـيع ..صـهٍ |
الـعـِرْضُ في أصْقـاعـِنـا.. ثـَـلِــمُ |
هـذي قــوافـيـنا بـنـا سـخِـرتْ |
وصَديـعُ صوت الـمـُرِّ محْــتــدِمُ |
إنّــا أيـــا مـتـنـبـّئـًا ..فِـــــرَقٌ |
بـِتْـنـا شـظـايـا.. ليس تـلْـتـحـــمُ |
طار ابْنُ هُـودا في الأذى صُـعُــدًا |
والقُدْسَ أهلُ الغـدْرِ قد.. غــشمُـوا |
إنّــا بُـهـوتٌ ليس نسمعُــكـــمْ |
إنّــا رُقـــــادٌ مـثـلـمـا الـــرِّمَــــــمُ |
جـالــتْ عــلـــى أعـمارِنـا دُوَلٌ |
مالـتْ إلى الأدْنــى لـها الـقِـمَـــــمُ |
و زَنَتْ علــى أنفــاسـنـا عــَـهِـــرٌ |
شوْهَــاءُ أو ذفـراءُ ..لا نَــسَــمُ |
وغَـفـتْ علـى أبصـارنـا سِــنَـةٌ |
عـجـّتْ بها الأضغــاثُ والــوهَـمُ |
ضربـوا الحصارَ على قرائحـنا |
و عَـدَوْا على القـرآن..مــــا..رُجـمُـوا |
قَـطَعَ اللـئــامُ جـلـودَنـا وبـهـا |
ظُــفِـرتْ لـنـا الأسْـواطُ ..واللُّـجُـــم |
وعلـى مقابــِرِنـا بكَـوْا زَلَـفـًـــا |
ظـنّـُوا بأنّ الكِــذْبَ يـنْـهـضــِمُ |
يـا مادحـًا سيْفًـا علـى حـلـبٍ |
الـيَــوْمَ ..نُحْ حـَطَـبًــا بـه ..وَرَم |
ما سَــرَّنـا ما قــال حـاسـدُكُــمْ |
والجـَرْحُ رُغـم الرّفـضِ ..لا.. ألَـــمُ |
إن عـشْتَ تشكو الجهل من عَـرَبٍ |
ضحـكـتْ عـلـى أشلائهـا الأمـمُ |
أيـّام كـنـتـم قِـــبـْـلَــةَ الـقـُبَــلِ |
و لـكُــمْ على هامِ الــورى قـــدَمُ |
أيّـــام صـالَ الـجـبْرُ والفـلــكُ |
و تعـانَـق التّـفسـيـرُ والحِكــمُ |
سُقـراطُ فــــي بغــدادَ مـنـتصـبٌ |
و الــقـيـروانُ مـحـجّــَة ٌحــرَمُ |
يَأْتَـمّـُهــا الـطّــُلاّبُ مِن ظـمـــإٍ |
و يــرُومُهــا الأسْــيـانُ والـبَـــِرمُ |
و فـروضُ جالينوسَ في حــلــبٍ |
يقـتـاتُهــا الـمـسْـتـْلهـمُ النّــهـِمُ |
و رسائـــلُ الإخـوان نابـضــةٌ |
أعْـيتْ عـقـولَ الغـرْبِ ما فهمــُوا |
و بــصائـرُ ابن الهيثم انفجــرتْ |
تـهـتـزُّ منهـا الأشهـرُ الـحُـرُمُ |
و مـعـزّ دينِ الله فــي صَـلــفٍ |
أسْـطُـولُـهُ القهّـــارُ مـحـتَــكِـــمُ |
والنّــاصـرُ الأمَـــوِيُّ من جَـلـــَلٍ |
أحْـنَـى لـه الإسبَانُ ما سَــلِـمُـوا |
و بــدائعُ الإعْجـازِ قرطبـــةٌ ... |
آيٌ مِـن الـعــمـْران مُـنـْسـجِــمُ |
ونــيـوب ليث الشعـر بارزة |
تعْـنـي بأن اللـيـثَ يـبْـتَـسِــــــــمُ |
فـاليومَ كيـف الـْهــَمّ تُعـْـرِبــُه |
و جـيَادُ ساحِ العِـلْمِ هُمْ.. عجَـــمُ ؟؟ |
. |
صلاح داود. . |
تونس 1996 |
|