أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: ساق القصب (ليحيى يخلف) ما بين إلغاء الذّات وتحقيقها

  1. #1
    الصورة الرمزية كاملة بدارنه أديبة
    تاريخ التسجيل : Oct 2009
    المشاركات : 9,824
    المواضيع : 195
    الردود : 9824
    المعدل اليومي : 1.85

    افتراضي ساق القصب (ليحيى يخلف) ما بين إلغاء الذّات وتحقيقها

    ساق القصب (ليحيى يخلف)
    ما بين إلغاء الذّات وتحقيقها
    تبدأ القصّة بهبوب الرّيح واقتلاع ساق القصّب . دلالة الرّيح سلبيّة مدمّرة أدت إلى (تشريد) ساق القصب حين اقتلعتها من جذورها وألقت بها بعيدا عن موطنها. الغريب أنّ ساق القصب لم تُبدِ تأثّرا لاقتلاعها بل راحت تنظر إلى الطّيور والنّهر والشّجر والغيوم، وتشعر أنّها أقلّ قيمة منهم، حين قارنت ساقها الخاوية بما تعطيه باقي المخلوقات، فتمنّت أن تصبح شيئا نافعا.
    لو نظرنا إلى هذه البداية لوجدنا أنّها تهمّش القيمة الذّاتيّة والوجدانيّة والوطنيّة. فالسّاق لم تُظهر أيّة مشاعر بسبب اقتلاعها، وتمنّيها أن تصبح شيئا نافعا نابع من المقارنة مع الآخرين و (الغيرة) منهم، بعد تقييم ذاتها بأن لا فائدة لها، ولم يحدّد زمن الفائدة قبل الاقتلاع أو بعده! (فتحسب أن كل الأشياء لها فائدة، إلا هي.)
    لتكون شيئا نافعا اعتمدت على التّمنّي، ولم نرها خلال النّصّ كلّه تبادر للقيام بأيّ عمل كي تحقّق أمنيّتها. وكل ما كانت تفعله هو أن تحزن، حيث جعل الكاتب سيطرة لمشاعر الحزن عليها عقب كل محاولة يفشل غيرها في أن يجعلها شيئا نافعا!
    والغريب أنّ المرّة الأولى التي فرحت بها هي حين "ألقت الرياح بها أمام أطفال يلعبون في ساحة القرية، فهجم عليها الأطفال يلهون بها، وجعلوا يمتطونها كما لو كانت فرساً.
    فرحت ساق القصب. فها هي تدخل السعادة إلى قلوب الأطفال. إلا أن سعادتها لم تكتمل، إذ داس عليها أحد الأطفال، عن غير قصد، فانكسرت إلى قسمين."
    أيعقل أن تفرح بكونها مطيّة تمتطى وتُهان بعدما كانت تقف شامخة قرب النّهر ، وقد ألغيت كل صفاتها، وتفرح بذلك؟!
    وتظلّ حزينة لا تبرح مكانها لأنّ الرّياح لم تأتِ لنقلها حتّى جاء الرّاعي صدفة، والتقط قسما منها ليصنع منه شبّابة، فتفرح بذلك لأنّ أمنيّتها قد تحقّقت، وأصبحت شيئا نافعا!
    هل من المنطق أن تُبنى الحياة على التّمنّي مع الرّكون في زوايا الإحباط والحزن دون حراك في انتظار الأيادي المنتشِلة لنا لإنقاذنا وتحقيق أمانيّنا؟!
    ولماذا إلغاء الذّات، والعمل على أن يكون الفرد نافعا لغيره فقط دون نفسه؟
    لمَ كان نفع الآخر على حساب طمس الذّات التي فقدت الوطن وكلّ الصّفات التي مُنحت إيّاها، وعاشت معها فترة حتّى هبوب الرّيح التي اقتلعتها؟! ولمَ مُحيت ذاكرتها ولم تذكر لنا أيّ شيء عنها؟
    وكونُ النّصّ مبنيّا على التّمنّي، فلماذا لم تتمنّ العودة إلى حيث اقتلعت لتصبح شيئا نافعا هناك؟
    ألا يلغي هذا حقّ العودة عند من فسّر من النّقاد القصّة تفسيرا سياسيّا وطنيّا؟
    أليس الأصحّ أن تحاول السّاق العودة إلى التّراب وتقوّي جذورها لتتحدّى الرّيح، وتصمد في وجهها، وتنفع الآخرين وهي قويّة؟!
    إنّ حالة الفرح القليل التي عاشتها في النّهاية كونها أصبحت شيئا نافعا لا تلغي وفرة مشاعر الحزن التي يعايشها الطّفل حين قراءته للقصّة، كلّما حزنت السّاق وأحزنته!
    ألا يغرس هذا النّصّ بذور السلبيّة في أعماق الطّفل، وعدم مواجهة الأمور بالشّكل المنطقيّ رغم غرس بذرة أن تكون فردا نافعا للمجتمع، والتي أراد الكاتب توصيلها للطّفل عبر هذه القصّة؟!
    ألا تجعل الطّفل متواكلا ويبني حياته على أحلام الأمنيّات؟
    فإن تحقّقت فرح، وإن لم تُحقّق حزن!
    قصّة أعلت من قيمة المنفعة للآخر، والعمل على الإيثار، لكنّها ألغت الفرديّة والذّاتيّة. وقللّت من قيمة الانتماء للمكان!

    ملحق القصّة
    ساق القصب ليحيى يخلف
    "هبّتْ الرياح القوية فاقتلعت ساق القصب من الأرض وحملتها بعيداً.
    كانت ساقاً فارغة مجوّفة خفيفة، تنتقل من مكان إلى مكان، وكانت ترى أن الأشجار تحمل الثمار اللذيذة.
    والطيور الجميلة تغرد، والنهر يسقي الناس، والغيوم تمطر فتسقي الزرع.
    فتحسب أن كل الأشياء لها فائدة، إلا هي.
    تمنت ساق القصب أن تصبح شيئاً نافعاً، وأخيراً، أوصلتها الرياح إلى أحد الحقول، كان صاحب الحقل يحرث الأرض بمحراثٍ يجره ثورٌ، وعندما وقع بصره على ساق القصب قال: (هذه الساق تنفعني، أستطيع أن أضرب بها الثور إذا توقف عن العمل فيمشي).
    وهكذا تحولت ساق القصب إلى عصا في يد صاحب الأرض. لكنها حزنت، لأنها لا تريد أن تكون شيئاً مؤذياً.
    لذلك، حين هبّت الرياح ذهبت ساق القصب معها إلى مكان آخر.
    ألقت الرياح بساق القصب أمام صيّاد العصافير.
    هجم عليها صياد العصافير، وأمسك بها قائلاً: (غداً أكسر هذه الساق، وأصنع منها قفصاً أضع فيه العصافير الحية التي اصطادها).
    حزنت ساق القصب، لأنها ستصبح سجناً للعصافير، وهي لا تريد أن تصبح شيئاً مؤذياً.
    وما أن وضعها الصياد على الارض حتى حملتها الرياح، من جديد، إلى مكان آخر.
    ألقت الرياح بها أمام أطفال يلعبون في ساحة القرية، فهجم عليها الأطفال يلهون بها، وجعلوا يمتطونها كما لو كانت فرساً.
    فرحت ساق القصب. فها هي تدخل السعادة إلى قلوب الأطفال. إلا أن سعادتها لم تكتمل، إذ داس عليها أحد الأطفال، عن غير قصد، فانكسرت إلى قسمين.
    حزنت ساق القصب المكسورة، لأنها لم تعد صالحة. عندما عاد الأطفال إلى بيوتهم، جاء راعي الغنم، فابصر ساق القصب المكسورة الحزينة، فانحنى والتقط قسماً منها.
    وصل الراعي إلى بيته، فتناول السكين، وأخذ يقلّم طرفي قطعة الساق، ثم صنع لها عيوناً عدة، وما هي إلا ساعة حتى أصبحت ساق القصب المكسورة شبّابة ذات شكل جميل.
    حمل الراعي الشبّابة بيديه ثم قرّبها من فمه وأخذ يعزف عليها لحناً مرحاً.
    عند ذلك فرحت ساق القصب فرحاً كبيراً، لقد أصبحت شيئاً نافعاً."

    كاملة بدارنة

  2. #2
    مشرفة عامة
    أديبة

    تاريخ التسجيل : Aug 2012
    المشاركات : 21,105
    المواضيع : 317
    الردود : 21105
    المعدل اليومي : 4.95

    افتراضي

    رؤية تحليلية قيمة وكما قالت الفاضلة/ كاملة بدارنة:
    قصّة أعلت من قيمة المنفعة للآخر، والعمل على الإيثار،
    لكنّها ألغت الفرديّة والذّاتيّة. وقللّت من قيمة الانتماء للمكان!
    وكل له وجهة نظره الكاتب أرادها تكون لها فائدة للآخرين
    والناقدة رأت في هذا سلبية ، وألغت ذاتيتها
    ولكن هذا لا يمنع من إنها قصة جميلة الفكرة والأختلاف في الرأي
    لا يفسد للود قضية.
    تحياتي وتقديري.
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

المواضيع المتشابهه

  1. قَصْرُ القَصَبِ
    بواسطة فاتن دراوشة في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 32
    آخر مشاركة: 25-09-2016, 07:32 PM
  2. كوخ القصب
    بواسطة فاتن دراوشة في المنتدى القِصَّةُ وَالمَسْرَحِيَّةُ
    مشاركات: 26
    آخر مشاركة: 30-05-2016, 05:56 PM
  3. إلغاء الأنساب فى القيامة
    بواسطة رضا البطاوى في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 06-01-2015, 06:04 PM
  4. إلغاء اتفاقية كامب ديفيد
    بواسطة اشرف نبوي في المنتدى الحِوَارُ السِّيَاسِيُّ العَرَبِيُّ
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 11-09-2011, 08:33 AM