لَا تَقْطَعُ الفَاسُ إِنْ لَمْ يَدْفَعِ البَاسُ
وَلَا يُرَى المَاسُ إِنْ لَمْ يُسْفَعِ اليَاسُ
وَلَا يُذَاقُ الوَرَى إِلَّا بِمَا اغْتَرَفُوا
وَلَا تُعَدُّ الخُطَى إِلَّا الَّتِي دَاسُوا
هَذِي مَنَاهِجُ مَنْ ثَابُوا إِلَى رَشَدٍ
فَالصِّدْقُ فِيهِمْ هُدًى وَالعَدْلُ نِبْرَاسُ
يَا مَنْ يَشُدُّ نِيَاطَ الوَهْنِ مِنْ فَرَقٍ
لَا يَجْلِبُ الأَمْنَ إِبْرَامٌ وَإِبْلَاسُ
لَا الذِّكْرَيَاتُ عَلَى مَا تَنْطَوِي أَمَةٌ
تَخْشَى البَوَارَ وَلَا الأَحْلَامُ نَخَّاسُ
رَصَاصَةُ الشَّجْبِ لَا تُصْمِي وَإِنْ قَدَحَتْ
وَخُوذَةُ الوَهْمِ لَا يَنْجُو بِهَا الرَاسُ
وَهَلْ يُبَشِّرُ إِلَّا بِالأَذَى حَسَكٌ
وَهَلْ يُتَبِّرُ إِلَّا بَالشَّذَى الآسُ
هَذَا زَمَانٌ سَقَانَا مُرَّهُ عَجَبًا
وَكُلُّ جُرْعَةِ قَهْرٍ يَخْبِتُ الشَاسُ
فَبَاتَ لِلْحُرِّ قُضْبَانٌ وَمِقْصَلَةٌ
وَصَارَ لِلْغِرِّ كُرْسِيٌّ وَحُرَّاسُ
سَطَوا إِلَى المُلْكِ إِفْسَادًا فَما مَحَضَتْ
عَيْنُ النَّصِيحَةِ إِلَّا قِيلَ: وَسْوَاسُ
يُتَاجِرُونَ كَأَنَّ الأَرْضَ عَاهِرَةٌ
وَيَفْجُرُونَ كَأَنَّ القَوْمَ قَدْ خَاسْوَا
فَلَيْسَ فِيهِمْ كُلَيبٌ يُرْتَجَى مَلِكًا
وَلَيْسَ فِيهِمْ لِمَنْعِ الجَارِ جَسَّاسُ
يَزُولُ غَابٌ وَتَفْنَى كُلُّ بَاسِقَةٍ
وَلَا يَقُودُ الأُسُودَ الصِّيْدَ نَسْنَاسُ
وَابْنُ الهَزِيمَةِ مَهْمَا ارْتَادَ مِنْ حِيَلٍ
لَا يُنْجِبُ النَّصْرَ إِنَّ العِرْقَ دَسَّاسُ
وَلِلْمَوَاطِنِ مَعْنًى لَيْسَ يُدْرِكُهُ
إِلَّا حَسِيبٌ عَفِيفُ النَّفْسِ حَسَّاسُ
فِيهَا فِلَسْطِينُ فِي الوِجْدَانِ مَلْحَمَةٌ
وَدُرَّةُ التَّاجِ مَهْمَا ارْتَدَّ نَحَّاسُ
قَضِيَّةٌ فِي ضَمِيرِ الأُمَّةِ التَصَقَتْ
فَلَا البُرَيمِي نَأَتْ عَنْهَا وَلَا فَاسُ
لَمْ تَسْلُكِ القُدْسُ إِلَّا لِلْعُلَا سُبُلًا
حَتَّى تَوَلَّى زِمَامَ الأَمْرِ عَسْعَاس
الأَحْمَقُ الأَخْرَقُ الوَغْدُ الكَرِيهُ فَمًا
الغُمَّةُ الرِّمَّةُ المَذْمُومُ عَبَّاسُ
سَقَى الأُبَاةَ الرَّدَى كَلْبًا سَقَى أُسُدًا
وَسَاق نَحْوَ العِدَى صَغْوًا وَإِنْ طَاسُوا
وَخَانَ حَتَّى الَّتِي مِنْ طِينِهَا دَمُهُ
وَدَانَ حَتَّى امْتَرَى التَّفْرِيطَ إِفْلَاسُ
إِنْ كَانَ يُدْعَى إِلَى أَهْلٍ أَشَاحَ قِلَى
وَإِنْ يُدَعَّ إِلَى بَهْلٍ فَإِينَاسُ
وَإِنْ يُهَمْهِمْ بِقُدَّاسٍ لَهُ هَرَفٌ
فَكُلُّ جَوْقَتِهِ الحَمْقَاءِ أَجْرَاسُ
يَا أَنْكَدَ النَّاسِ خَلْقًا شَرَّهُمْ خُلُقًا
وَأَنْكَثَ النَّاسِ عَهْدًا شَرَّ مَنْ سَاسُوا
أَخْلَدْتَ نَحْوَ الثَّرَى تَحْتَدُّ فِي ضَعَةٍ
كَأَنَّ خِسَّتَكَ الرَّعْنَاءَ مِقْيَاسُ
طَفِقْتَ تَسْلُبُ حَتَّى مَا وَفَرْتَ يَدًا
وَعِشْتَ تَكْذِبُ حَتَّى مَجَّكَ النَّاسُ
وَإِنَّ لِلْمَجْدِ أَسْبَابًا وَلَسْتَ لَهَا
لَا يَبْلُغُ المَجْدَ بَيْنَ النَّاسِ خَنَّاسُ
لَا تَحْسَبَّنَ هِجَائِي لَاكَ مِنْ سَغَبٍ
فَأَنْتَ لَحْمُ القَذَى عَافَتْكَ أَضْرَاسُ
لَكِنْ لِتُشْفَى صُدُورٌ هِجْتَهَا حَرَضًا
وَتَطْمَئِنَّ بِهَذَا القَدْحِ أَنْفَاسُ
أَبِالجَهَالَةِ تُؤْذِي الأَهْلَ فِي صَلَفٍ
وَبِالعَمَالَةِ تُقْعِي كُلَّمَا جَاسُوا
فِي البُنْدُقِيَّةِ لَا عَيْثٌ وَلَا عَبَثٌ
وَفِي القَضِيَّةِ لَا كِيسٌ وَلَا كَاسُ
لَا يَرْدَعُ البَغْيَ إِلَّا صَارِمٌ وَدَمٌ
وَمَا التَّفَاوُضُ إِلَّا الطَّمْسُ وَالطَّاسُ
وَلَا يَرُدُّ عَدُوًّا سِلْمُ مُنْبَطِحٍ
وَلَا يُعِيدُ حُقُوقَ الشَّعْبِ قِرْطَاسُ
وَمَا انْتِفَاضَةُ جِيلٍ مَلَّ ذِلَّتَهُ
إِلَّا عَلَيْكَ وَلَكِنْ مَاتَ إِحْسَاسُ
هِيَ انْتِفَاضَةُ أَحْرَارٍ تَحِنُّ لَهُمْ
فِي مَفْرِقِ القُدْسِ أَفْرَاسٌ وَأَقْوَاسُ
لَهُمْ مَعَارِجُ مِنْ نُورٍ فَإِنْ قُتِلُوا
فَلِلشَّهَادَةِ أَعْرَافٌ وَأَعْرَاسُ
فَكِدْ بِمَا شِئْتَ يَا بْنَ الغَدْرِ إِنَّ لَهُمْ
رَبٌّ يَصُونُ وَغَيْظٌ مِنْكَ لَا يَاسُو
وَالقُدْسُ بِنْتُ هُدًى تَحْيَا عَلَى شَرَفٍ
وَوَعْدُهَا فِي ضَمِيرِ الحَقِّ قِسْطَاسُ
فَمَا يُقَرِّرُ مَخْصِيٌّ وَإِمَّعَةٌ
وَلَا يُحَرِّرُ طُهْرَ القُدْسِ أَنْجَاسُ