بسم الله الرحمن الرحيم



مراتب الشك في ميزان الحقيقة

سعد عطية الساعدي



أن ما يقوله أرباب المنطق هو أن الشك يتساوى فيه الصدق و الكذب أو الصح و الخطأ وبما أن الشك هو كذلك فبالضرورة النصف الصدق أو الصح في الشك فهذا النصف بما هو صدق فهو حقيقة لآن الصدق هو عين الحقيقة و هو أصيل وعين أصالته الحقيقة نفسها ولهذا يكون الشك هذا هو شك نافع بقدر نصفه الصدق الذي فيه - وهنا لا بد من النظر الدقيق في هذا الشك وعلى ضوء ميزان المراتب


أن هذا الشك المنطقي حيث ثبوت الصدق فيه مناصفة مع الكذب يكون الصدق هذا بقدره حقيقة مما يثبت لنا نسبية تطابقية في عين المسألة المخصوصة هذا الشك أي تطابق بالنصف الصدق حتما وأختلف بالنصف الكذب حتما أيضا أي تطابق مع حقيقة المسألة بما في العقل من صدق الشك الحقيقي وأختلف معها العقل بالنصف الكذب أو الوهم وهنا يكمن أثر الشك للوصول ألى كامل الحقيقة بعد أن يتخلص العقل من النصف الكاذب أو الوهم وذلك بالتدقيق و التحقيق الجاد من أجل معرفة حقيقة كامل المسألة



وعليه يكون هذا الشك النصفي وحسب قاعدته المنطقية هو أجود وأنفع مراتب الشك و أعلاها علمية نفعية عقلية لآنه ينبه العقل صوب الحقيقة مهما كانت المسألة بسيطة آو صغيرة عابرة آو مهمة و كبيرة
ولو قلبنا معادلة هذا الشك من حيث هو ولكن آثارته بمطابقة الوهم النصف الموجود قبال النصف الصدق للوهم بما يشت به العقل فسيكون ناتجه الوهم نفسه لاغير ما يفضي له من تيه وضلال في الفكر وهذا ما حصل ويحصل عند المشككين بالحقائق المخالفين لليقينيات والذين تقولوا بالسفسطة و الهرطقة والزندقة أو بالوجودية و العبث لآن مخالفة الحقيقة له أنعكاسات خطيرة بعد جعل هكذا شك هو الدليل والغاية معا
فهو تيه فكري و ضياع شكي لا يرسو بصاحبه في بر أمان الحقيقة فيصبح صاحبه فاقدا للآطمئنان حتما وهو بأمس الحاجة له والذي لايجده الانسان الا في الحقيقة



ولو خرجنا عن المنطق وبتعدنا عنه في ايجاد مراتب الشك حيث أعمال العقل بما فيها مؤلفات و تركيبات الذهن وجنوح الآدراك فآن هناك مراتب للشك هي خارج قاعدة المنطق التي أجملت كل الشك في مرتبة واحدة وهي تناصف الصدق والكذب وهناك شك كله كذب ووهم مما فاق نسبة قاعدة الظن في المنطق نفسه