يندب زيارة قبور الأنبياء والعلماء والصالحين :

1 ـ عن زكرة بن عبد الله رضي الله عنه ، انه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول : لو أعرف قبر يحيى بن زكريا ، لزرته . رواه الديلمي ورواه أيضا الأزدي وعلي العسكري كما في الإصابة
2 ـ وعن عبيد بن عمير رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم وقف على مصعب بن عمير ، وهو منجعف على وجهه ، فقرأ هذه الآية { من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه } إلى آخر الآية ، ثم قال : إن رسول الله يشهد أنكم الشهداء عند الله يوم القيامة ، ثم أقبل على الناس فقال : أيها الناس ، زوروهم ، وأتوهم ، وسلموا عليهم ، فوالذي نفسي بيده ، لا يسلم عليهم مسلم إلى يوم القيامة إلا ردوا عليه السلام . رواه ابن سعد وابن المبارك وقوله منجعف أي مصروع
الثانية : اعلم أن زيارة قبور العلماء والشهداء والأولياء والصالحين سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم والملائكة وشأن السلف الصالح من هذه الامة وذلك لما يأتي :
1 ـ عن محمد بن إبراهيم التيمي قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم يأتي قبور الشهداء عند رأس الحول ، فيقول : السلام عليكم بما صبرتم ، فنعم عقبى الدار . قال : وكان أبو بكر وعمر وعثمان يفعلون ذلك . رواه عبد الرزاق وابن جرير
2 ـ عن أبى هريرة رضي الله عنه قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا أبا هريرة ، علم الناس القران وتعلمه ، فإنك إن مت ، وأنت كذلك : زارت الملائكة قبرك ، كما يزار البيت العتيق . رواه الخطيب والديلمي بنحوه
وأبو نعيم ولفظه : عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : تعلم القرآن ، وعلمه الناس ، ولا تزال كذلك حتى يأتيك الموت ، فإذا أتاك الموت ، وأنت كذلك : حجت الملائكة إلى قبرك كما يحج المؤمنون إلى بيت الله الحرام .
3 ـ وعن علي رضي الله عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يحب هذه السورة " سبح اسم ربك الأعلى " وأول من قال ذلك ميكائيل ، قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : يا جبرائيل ، فأخبرني عن ثواب من قالها ، في صلاة أو في غير صلاة ؟ قال : يا محمد ، ما من مؤمن ولا مؤمنة يقول في سجوده ، أو في غير سجوده : سبحان ربي الأعلى إلا كانت له في ميزانه أثقل من العرش والكرسي ، وجبال الدنيا ، ويقول الله تعالى : صدق عبدي ، أنا فوق كل شيء ، وليس فوقي شيء ، أشهدوا ملائكتي ، أني قد غفرت لعبدي ، وأدخلته جنتي ، فإذا مات العبد المؤمن : زاره ميكائيل كل يوم . رواه الرافعي
4 ـ قال الواقدي في مغازيه : وكانت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم تأتيهم ـ أي قبور الشهداء في أحد ـ بين اليومين والثلاثة ، فتبكي عندهم وتدعو .
وكان سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه يذهب إلى ماله بالغابة ، فيأتي من خلف قبور الشهداء فيقول : السلام عليكم ثلاثا ، ثم يقبل على أصحابه ، فيقول : ألا تسلمون على قوم يردون عليكم السلام ؟ لا يسلم عليهم أحد إلا ردوا عليه السلام إلى يوم القيامة .
وكان أبو سعيد الخدري رضي الله عنه يقف على قبر حمزة فيدعو ، ويقول لمن معه : لا يسلم عليهم أحد إلا ردوا عليه السلام ، فلا تدعوا السلام عليهم وزيارتهم .
وكان أبو سفيان مولى ابن أبي أحمد يحدث أنه كان يذهب مع محمد بن مسلمة وسلمة بن سلامة بن وقش في الأشهر إلى أحد ، فيسلمان على قبر حمزة أولها ، ويقفان عنده وعند قبر عبد الله بن عمرو بن حرام مع قبور من هناك .
وكانت أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم تذهب ، فتسلم عليهم في كل شهر فتظل يومها ; فجاءت يوما ، ومعها غلامها نبهان ، فلم يسلم ، فقالت : أي لكع ، ألا تسلم عليهم ؟ والله لا يسلم عليهم أحد إلا ردوا إلى يوم القيامة .
وكان أبو هريرة يكثر الاختلاف إليهم .
وكان عبد الله بن عمرو رضي الله عنه إذا ركب إلى الغابة ، فبلغ ذباب ، عدل إلى قبور الشهداء ، فسلم عليهم ، ثم رجع إلى ذباب ، حتى استقبل الطريق - طريق الغابة - ويَكره أن يتخذهم طريقا ، ثم يعارض الطريق حتى يرجع إلى طريقه الأولى .
4 ـ وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه : أن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت تختلف بين اليومين والثلاثة إلى قبور الشهداء بأحد ، فتصلي هناك ، وتدعو وتبكي ، حتى ماتت رضي الله عنها . رواه ابن النجار
5 ـ وعن طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه قال : أردت مالا لي بالغابة ، فأدركني الليل ، فقلت : لو أنى ركبت فرسي إلى أهلي ، لكان خيرا لي من المقام هاهنا ، فركبت حتى إذا جئت ودنوت من قبور الشهداء من القناة ، استوحشت ، فقلت : لو أنى ربطت فرسي ، فآويته إلى قبر عبد الله بن عَمْرو ، ففعلت فوالله ، ما هو إلا أن وضعت رأسي ، سمعت قراءة في القبر ما سمعت قراءة قط أحسن منها ، فقلت : هذا في القبر لعله في الوادي ، فاخرج إلى الوادي ، فإذا القراءة في القبر ، فرجعت فوضعت رأسي عليه ، فإذا قراءة لم أسمع مثلها قط ، فاستأنست ، وذهب عنى النوم ، فلم أزل أسمعها حتى طلع الفجر ، فلما طلع الفجر : هدأت القراءة ، وهدأ الصوت ، حتى أصبحت ، فقلت : لو جئت النبي صَلَّى الله عَلَيهِ وَسَلَّمَ ، فأخبرته ، فجئت إلى رسول الله صَلَّى الله عَلَيهِ وَسَلَّمَ ، فذكرت ذلك له ، فقال : ذاك عبد الله بن عَمْرو ، ألم تعلم يا طلحة ، أن الله عز وجل قبض أرواحهم ، فجعلها في قناديل من زبرجد وياقوت ، علقها وسط الجنة ، فإذا كان الليل : ردت عليهم أرواحهم ، فلا تزال كذلك ، حتى إذا طلع الفجر : ردت أرواحهم إلى مكانهم الذي كانت فيه . رواه أبو احمد الحاكم وستجد إنشاء الله تعالى في مصباح الغريب المزيد من الأدلة في مشروعية الزيارة .

منقول للفائدة.