مرة اخرى أستأذن الاخوة الاعزاء على تجاوزي على تسلسل الرود ولهم محبتي واحترامي
اخي الكريم الاستاذ احمد
السلام عليكم
القضية التي أثارت النقاش واعتراضك عليها هي الجملة التالية:ــ
(وكذبْنا وادْعيْنا أنـّهُ كانَ سريراً مَخـْمَلي)
وكان اعتراضك انها يجب ان تكون (مخمليا)
وأنا اعلن أمام الجميع: انني شويعر لا يعلم شيئا من اللغة وقواعدها واعلن انّ عمر بن أبي ربيعة المخزومي ليس شاعرا فحلا وانّ اللغويين والنحويين قد أوْغلوا في الخطأ عندما استشهدوا بشعره لأنّه عاش في عصر اعتبروه عصر النقاء اللغوي وانّه ارتكب جريمة كبرى عندما لمْ يثبتْ حرف الألف في كلمة(حكم) في قوله:
قدْ تراضيناه عدلا بينا * وجعلناه أميرا وحكمْ
ولم يثبتْ الالف في(شجن) في قوله:
قلت: حقا ذا فقالتْ قولة * أوْرثتْ في القلب همّا وشجنْ
وأنا استنكر القول المشهور في حقّ المتنبي(مالئ الدنيا وشاغل الناس)إذْ كيف يكون كذلك وهو الذي ارتكب جريمة عندما حذف الألف في(ربْ) في قوله:
وَمَا لاقَني بَلَدٌ بَعْدَكُم * وَلا اعتَضْتُ منْ رَبّ نُعمايَ رَبْ
وهو الذي ارتكب جريمة اخرى لأنه لم يقلْ(ناسيا) في قوله:
ألا أذّنْ فَمَا أذكَرْتَ نَاسِي * وَلا لَيّنْتَ قَلْباً وَهْوَ قَاسِ
وانّ الشريف الرضي شويعر فاشل لأنّه لمْ يطلعْ على قواعد اللغة ولذلك لمْ يثبتْ الألف في(سفاح) في قوله:
فإنّنا في أرض أعدائنا * لا نَطَأُ العَذْرَاءَ إلاّ سَفَاحْ
وانّ ابن الوردي قد فشل في لاميّته الشهيرة ولذلك يجب أنْ تحرق إذْ لمْ يثبتْ الألف مرتين في تلك اللامية البائسة في (جلل،مثل) في قوله:
وافتكـرْ فـي منتهـى حُـسـنِ الــذي * أنــتَ تـهــواهُ تـجــدْ أمـــراً جَـلَــلْ
إنَّ للنقـصِ والاستثقـالِ فـي * لفظـةِ الـقـاضي لَـوَعـظـاً أو مَـثَـلْ
وانّ النقاد قد ارتكبوا خطأ عندما اعتبروا محمد سعيد الحبوبي منْ أبرز شعراء النهضة في العراق في القرن التاسع عشر إذ ارتكب جريمة لأنه حذف الالف في(تلاقي) في قوله:
بلادُك نجْدٌ والمُحبُّ عراقي * فغيرُ التمنّي لا يكونُ تلاقي
أخي الكريم
اأنقل لك نصّ كلامك:
(هل الوقوف على كلمة بالتسكين هي من قواعد و قوانين العروض ؟
أم القاعدة اللغوية تقول العرب لا تبتدئ بساكن و لا تقف على متحرك , فالعروض أوزان و قواف)
وأقول لك :
أولا/ إنّ هذه القاعدة في النثر وليستْ في الشعر فماذا تقول في القوافي المتحركة في الشعر العربي وهي بالملايين إنْ لمْ نقلْ بالمليارات فالقصائد او المعلقات العشر كلّ قوافيها متحركة عدا معلقة عمر بن كلثوم وأعتقد انّك لا تقف بالسكون على كلمتي (منزل، حومل) حينما تقرأ معلقة امرئ القيس:
قفا نبْك منْ ذكرى حبيب ومنزلِ * بسقط اللوى بين الدخول فحوملِ
فلماذا حرك الشاعر بالكسر؟ وقاعدتك تقول له(لا تقفْ على متحرك)
الجواب بكل بساطة: إنّه لو سكن هاتين الكلمتين لما كان امرأ القيس ولما علقتْ قصيدته على أستار الكعبة فهو لا يعرف النظم على بحر الطويل والذي جاءتْ تفعيلته هنا (مفاعلنْ) .
يا سيدي:
إنّ قانون البحر الطويل وتفعيلة القافية هي التي جعلته يحرك القصيدة بالكسر
كما انّ قانون بحر الرمل وتفعيلة القافية هي التي جعلتْ عمر بن أبي ربيعة يجعل قصيدته ساكنة إذ لو حرك لما كان شاعرا ندرسه ونطبع ديوانه وتكتب عنه الرسائل الجامعية:
ليت هندا أنجزتـْنا ما تعدْ * وشفتْ أنفسنا ممّا تجدْ
وهل خطـّأ النحاة عمر وقالوا عنه إنّه جزم الفعلين(تعدْ ، تجدْ) بدون أداة جزم أمْ انّهم كانوا يعرفون قواعد العروض والقافية؟
اذن الشعر لا يخضع للقاعدة( الوقوف على الساكن) لانّ علم العروض يعتمد اساسا على ايقاعات السكون والحركة فإذا تحرّك الساكن أو سكن المتحرك ينتهي الايقاع ويخرج البيت الشعري عن عروضه باستثناء الزحافات والعلل وهي مقننة من قبل علماء العروض لا يجوز التلاعب بها.
ثانيا/ هاك هذا النص العجيب من تعليقك:
(هل الوقوف على كلمة بالتسكين هي من قواعد و قوانين العروض ؟
أم القاعدة اللغوية تقول العرب لا تبتدئ بساكن و لا تقف على متحرك , فالعروض أوزان و قواف ..
فما رأيك بقول القائل :
يا زائري في ليلتي = و أنا أناجي النجمةِ
هــلا رأفت بحالتي = و تركتني في لوعتي
فهل تجيز له كسر تاء النجمة بحجة أنه كسَرَها ليبقى الروي مكسورا و هذا من قواعد العروض فعلا أن يأتي الروي موحد الحركة) .
واسمح لي أنْ أردّ عليه بالنقطتين التاليتين:
1ــ إنّ البيتين الواردين في تعليقك هما حجة عليك وليس لك والسبب انّ الشاعر لمْ يقفْ على سكون في كلمة(النجمة) بل هي متحركة بالكسر والسبب بسيط جدا هو انّ القافية أرْغمته على الكسر لأنّ بقية قوافيه فيها ياء الوصل التي هي في علم القافية تساوي الكسرة.
2ــ نعمْ أنا(العبد الفقير) اجيز له كسر التاء لأنّه لو سكـّنها لخرج عن علم العروض والقافية كما انـّني لا اجيز لعمر بن أبي ربيعة كسر كلمة(غد) التي هي مضاف إليه لأنّه لو كسرها لخرج عن علم العروض والقافية ولما عدّ شاعرا :
كلـّما قلت:متى ميعادنا؟ * ضحكتْ هند وقالتْ بعد غدْ
وعلم العروض هو الذي فرض على امرئ القيس أنْ يتجاوز على علم النحو فيصرف عنيزة) وهي الممنوعة من الصرف في قوله:
ويوم دخلت الخدْر خدْر عنيزةٍ * فقالتْ لك الويلات إنـّك مرْجلي
وعلم العروض والقافية هو الذي فرض على ايليا ابي ماضي أنْ يقصر الممدود في كلمة (السما) في قوله:
قال السماء كئيبة وتجهّما * قلت ابتسمْ يكفي التجهّم في السما
وعلم العروض هو الذي فرض على جميل بثينة (وهو من شعراء عصور نقاء اللغة) أنْ يفتح حرف العطف(أمْ) وانْ يجعل همزة القطع وصلا في حرف المضارعة في الفعل(أخشى):
أحِلماً؟ فقبلَ اليوم كان أوانُه * أمَ اخشى ؟ فقبلَ اليوم أوعدتُ بالقتلِ
ثالثا/ بخصوص القرآن الكريم فكما قلت لك هو كتاب نثري لا علاقة له بموضوعنا لأنّ نقاشنا بخصوص الشعر وكذلك لا اريد الايغال في هذا الموضوع حتى لا نقع في المحظور
رابعا/ وهاك ما قلت لي بالنص:
( و أسألك نفس السؤال الذي لم تجبني عليه :
إذا كنا نخطب , و مرت كلمات منتهية بتنوين النصب مثل : كنت أصعد جبلاً , فكيف تقف عليها كونك أستاذا للغة العربية ردحا من الزمن , و شاعرا ما شاء الله متمكنا ؟)
وأقول لك: لقد أجبْت على ذلك مرات عديدة في هذا التعليق وفي التعليق السابق وأعتقد انـّنا يا سيدي ندور في حلقة مفرغة فلقد قلت لك مرات كثيرة انـّنا نتناقش في قضية شعرية وأنت تسألني عن قضية نثرية ففي النثر تصلح القاعدة(لا تقفْ على متحرك) أمّا في الشعر فلا تصلح هذه القاعدة لأنـّك لو سكنت المتحرك أو حركت الساكن لخرجت على عروض القصيدة أو قافيتها والأمثلة السابقة هي الدليل بل كما قلت لك انّها موجودة في الملايين أو المليارات من الأبيات والمعلقات العشر التي عدد أبياتها لوحدها أكثر منْ ألف بيت دليل واحد فقط على ما أقول.
شكرا لك وأرجو أن أكون قد أجبت اجابات شافية ووافية.