الشتاءُ
الصَّيْفُ راح فراح عيْشٌ مُتْرعٌ........... بالنور و الأفراح و الأنسام
و أتى الشتاءُ مُكشِّرًا و مُصمِّمًا..... للنَّيْل من حُسْن الوجودِ السامي
هَجمَ الصقيعُ على المخارفِ والربا.. وعلى النخيل الشامخ المتسامي
و ذوى النباتُ و سحْرهُ و جمَالُه....... و خبا ضياءُ الزَّهْر و الأكْمَام
وغدا السحابُ على الفضاء مُسَيْطرًا...... و يسيرُ فيه بدون أيِّ نظام
الرَّعدُ قدْ ملأ الوجودَ نَوائبًا............ و السهلُ غطَّاه الجليدُ الطامي
والشمسُ قلَّ حضورُها و نشاطها.............و البدرُ صار مُلثَّمًا بلثام
و الليلُ طال مقامُه و سوادُه............ و الصُّبحُ أصْبح مبْهمَ الأعلام
و الريحُ صارتْ مثلَ شخص كارهٍ.......... للسلم و الأفراح و الأنغام
تمشي فتتْركُ خلْفها ما حطَّمتْ.............. تبدو عليه قسوةُ الإجرام
و الروضُ لمْ يبقَ التناسقُ حاضرًا......... فيه و صارَ مُبعْثرًا كركام
و الطيْرُ قدْ لزمَ السكوتَ و لمْ يَعدْ.......... ذا غبْطةٍ و سعادة و هيام
وَرْدُ الربا أضْحى كشخصٍ يشْتكي.......... ظلمَ الورى و تقلُّبَ الأيّام
و النهرُ صار مُحَمّلا مُتخلِّيًا............... عن وجْهه الفتّان وَ البسَّام
والبردُ صار يهاجمُ الإنسانَ منْ...........كلِّ الجوانب كالقتام الطامي
فيصيبُه رَغْم الملابس بالضنى.............. وَ يصُدُّ عنْهُ النومَ بالآلام
البردُ وحْشٌ لا يُصدُّ بحَاجز................ و يَجولُ في الدُّنيا بلا أقدام
لوْلا الدواءُ لأخْرَج السكَّانَ مِنْ......... هذا الوُجود إلى الظلام الدامي
إنََّ الشتاءَ يَجرُّنا لنعُومَ في............ بحْر الشقاء الرَّحْب و المترامي