الاصلاح بين تقنين الأولوية وانتقاء المصالح النسبية
الاصلاح كلمة انحسرت عن دلالتها العميقة إلى مفردة جوفاء لطالما تشدق بالانتماء لها تجمعات المدنية من جمعيات… ومؤسسات ومراكز… وتبنتها ضمن أدبياتها جماعات وأطياف وتكتلات سياسية وعقدية واجتماعية.. بل تتبناها حكومات تترأس زمام الأمر – حقيقة كان أو شكلا – فتنافح على ادعاء وصلها والسير في سبيلها.
والاصلاح الحق ليس شعارا يردد في الحملات الدعوية لهذا الفريق أو ذاك.. وليس علاجا سحريا بإطلاقه يتغير الحال، وتنقلب للأحسن الأحوال.
الاصلاح منهج تقوم عليه الانطلاقة نحو التغيير من تكتل الفساد إلى إضعافه فإجهاضه.
فهو مرتبط عملا وتنزيلا بالواقع وخصائصه وبالفساد المستشري من حيث منابعه وقوة نفوده وعمق أثره… ثم بمراحل توقيع الاصلاح بناء على ذلك.
فتخط الأولويات وترتب، خاصة إذا كانت الأمة قد هد كيانها الفساد واعتلى مطية الصلاح فصار هو الأصل تربية وسلوكا…
فنحن الآن ألصق بمرحلة إعادة البناء وضرورته من مرحلة التشييد.
ومن غير حاجة لسرد انعدام إرادة الاصلاح الصادقة – على الأقل مشهدا وتجليا – من رأس هرم الحراك التصحيحي إلى قاعدة المحكوم في مستوشحاته وما تحت إمرته.. يظهر صارخا شدة تغييب تقنين الاصلاح ومنهجته وحضور المصالح النسبية… لأهداف وقصود متنوعة متناقضة بلا أثر حقيقي ولا مآل للتغيير.
قد تكون بعض التحركات هنا وهناك دفعت بها نية صادقة تتحرق على بؤس الأحوال لكنها تبقى في ميزان السير العام للحراك الاصلاحي شذوذا، مع اتسامها بالارتجالية وانعدام الرؤية الشاملة لمواطن وضع الأقدام ومناحي الإحجام والإقدام.
المغرب وضمن منظومة عربية متماثلة – وإن كان للمغرب استثناءاته المخالفة لها في نقاط – لا زال الاصلاح وذرء الفساد بجميع أشكاله مجرد كلمة مفردة تنفخ في جنباتها الأماني.. لا زال الاصلاح مجرد تجارة كلامية تسوق بالمنابر المرئية والسمعية.. من طرف رؤوس الفساد نفسه أو رؤوس لا تملك من زمام الأمر قيد أصبع.