أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: محمد إبراهيم الحريري يقرأ متأخرات وادي النمل

  1. #1
    الصورة الرمزية محمد نعمان الحكيمي شاعر
    تاريخ التسجيل : Apr 2006
    المشاركات : 3,110
    المواضيع : 251
    الردود : 3110
    المعدل اليومي : 0.47

    افتراضي محمد إبراهيم الحريري يقرأ متأخرات وادي النمل

    .
    الحريري: وقفــــة على ديوان..
    ︾︾︾︾︾︾︾︾︾︾︾︾︾

    قـــــراءة في ديـــــوان:

    (ما وراء طاسين)..

    للشاعر: محمد نعمان الحكيمي

    بقلـــــم:

    الأديب الألمعي الناقد الحصيف الشاعر
    المتألق الأستاذ محمد إبراهيم الحريري

    ☆ ☆ ☆

    لم تكن قراءتي لنصوص الشاعر محمد نعمان الحكيمي من باب تسويق قصائده، أو دعاية أدبية لقلم عرفته المنتديات الشعرية العربية، إنما هي خلاصة ما قرأت من شعر يشير في كل بيت أنه يعود لشاعرنا المتميز بسرعة التقاط الصورة ضمن دائرة متوترة قبل تحركها بعيدا عن بصيرته.

    تكمن قدرة الشاعر بالاستحواذ على القارئ من المطلع والسير به في فضاءات لم تطأها عيناه من قبل، حينما ينقل الشاعرُ المتلقيَ والقارئ بكلمة واحدة من منزله وعالمه الخاص، وهو بين أهله، إلى فضاء واسع يجتمع فيه الأدب والتصوف وفلسفة الفكر المتطلع للشمس بعد أن حاصرته الأرض بدمى متحركة، وأشكال متعددة من الأصنام المعدة للسيطرة على فكر الإنسان الذي وهبه الله العقل.

    (ما وراء طاسين) اختصرت تاريخا يمتد من لحظة النشوة الأدبية التي ملأت على الشاعر غربته، ووضع نقطة من طاسين على نهاية النص الأول، إلى زمن التأويل والتفسير وما بينهما من آراء حول صراحة غير مألوفة حينا، وأحايين عن فتاوى تجيز (للحلاج) ما لا يُجاز لغيره، وبين هذا وذاك التمس الشاعر هنا طريقا تصل بها كلماته إلى فكر القارئ وقلبه، متخذا من (طواسين الحلاج) سبيلا إلى معاقل النصوص، وهي على دراية مسبقة بأن الدخول إلى حرم النص يحتاج فكرا وقدرة على السير في بحر المعرفة من ضفة الألم حتى منتهى الطمأنينة.

    على ثقافة دينية استند الشاعر، ومن قصة يوسف اتضح له أن التأويل مشروعٌ في عالم القصص، بعيدا عن سلطة المقص، مراعيا حرص يعقوب على ابنه عندما طلب منه بصيغة النهي: {قال يا بني ولا تقصص رؤياك على إخوتك...}، وبهذا يكون حضور المقص واجباً، والاستعانة بالنهي أسلوبا أبويا يستعمل حين يشعر المتكلم بأنه يحوم حول الحمى، فيسر لأقرب الناس إليه بما رآه، عند هذا يتدخل مقص الضمير محذرا أن الرؤيا الشاعرية لها قدرة في تأليب المشاعر وقلب موازين الرؤية، ومن خلال الكلمات يحصن القلم رؤياه، أو يضعها أمام بصيرة تخترق التأويل إلى الحقيقة التي أعلن عنها على ملأ من القراء أن القصيدة خلفها سبعون نصا.

    يبدأ الشاعر بعد إعلانه التمرد على المقص، باستدعاء الحجاج من غير تخطيط أو سابق إصرار، إنما هي تراسل الحواس عبر الزمن، والالتقاء بالعقل الباطن مع شخوص لهم بصمة في تاريخ التصوف، وقد طوى الحديث عنهم كتبا، وأتى غيرهم ليكونوا في واجهة الحدث الشعري، هنا يجد للشاعر رؤيته المناسبة لتفكيره ضمن بيئة تستهلك القلم، وهو يبحث عن مبررات لما يراه الشاعر من مشكلات تجنح للخرافة، وتستند على أبعاد ثلاثية المجهول، وكأنه يقول لنا: (ما وراء طاسين) يختلف عما تقدمها، واضعا نصب عيني خياله رحلة تجمع المتعة والتعب، وتقرن الألم بالجسد المهيأ للوجع، ولا يغرب عن عيني الشاعر دقة العنوان لكل نص من النصوص السبعين، واجتياز عقبة الانتقائية في تحدد العلاقة بين العنوان والمضمون الجزئي لكل نص.

    ومن غير تلكؤ، يدون أبيات قصيدة تحت طائلة العنوان: (الرائي والجمرات)، ويترك لقلمه العنان في مساحة شعرية تحاول فيها خيول أفكاره أن تقطع الشوط الأخير من النهاية، وهي على دراية أن الآتي ليس كما سبق، معللا لحجته بقوله:

    ضاقت بالعتمـــة أرجائـــي
    ومللت الدمعــة والشــمعة

    خذني من وهج استقرائــي
    للنور، على وجه الســـرعة

    وصولا إلى عقدة التبرير التي تعقد المشهد أكثر، وتخلط الحواس في بؤرة تجمع البهجة بالفوضى، والغوغاء بالقات، ملمحا إلى: (ما قبل طاسين) غير ما بعده، والحلم يصل به إلى مربط الألم (صنعاء)، عبر الخلاص المتوفر لدى كثير من الواقعين تحت مؤثر الغوغائية، حيث يضعهم الشاعر أمام الحقيقة المتوارية خلف كلمات البيتين:

    والبهجــــة وطن عشـــوائي
    من فوضى الحلم إلى (صعدة)

    يخبــــو في صمتٍ غوغائـــي
    ســـاعات القـــات وما بعده!

    وبعد أن تضع القصيدة أحمالها، ينطلق بنا الشاعر مستهلا قصيدة ثانية بفاكهة محببة للنفس، تهش لها الشفاه والعيون، مستعيرا من نفسه علاقة المشابهة بين الكرز والشفاه، ولكن وضعها ضمن إطار تراثي، وفي مكان يشير إلى قيمة المستهل: (الكرزي)، فيجد له المتحف ملاذا آمنا من سطوة المناخات المتقلبة، مستوحيا الحال من طقس اليمن، التي تخضع أجوائه لتقلبات الطقس.

    لن أقف حائلا أمام نزهتكم الممتعة، معكم نسير بين النصوص، ولكل مجتهد نصيب.

    بقلم: محمد إبراهيم الحريري
    أديب وشاعر سوري
    الكويت

    أرجو أن يتفهم المزن أمية الرمل

  2. #2
    مشرفة عامة
    أديبة

    تاريخ التسجيل : Aug 2012
    المشاركات : 21,112
    المواضيع : 317
    الردود : 21112
    المعدل اليومي : 4.95

    افتراضي

    قراءة جميلة تطوف بنا في فضاءات الشاعر الرائع/ محمد نعمان الحكيمي
    فتفتح الآفاق لفهم وفك أبجديات شعره المنساب بالشرح والتحليل
    هذا هو النقد الإبداعي الجميل الذي نتوق لقراءته في النصوص الأدبية المميزة
    جهد مبارك فشكرا للناقد/ محمد إبراهيم الحريري
    وللشاعر المبدع/ محمد نعمان الحكيمي
    دمتما بحفظ الله ورعايته.
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي